9 أبريل، 2024 9:14 م
Search
Close this search box.

ماذا سيحدث بعد إخراج قوات الاحتلال الأمريكي من العراق؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

تتفشّى الأكذوبة في العقول كما تفشت جائحة كورونا في أجساد البشر، بعد ذلك يأتي دور المناعة. عند حالة هجوم جراثيم الاحتلال تجيّش الأوطان أبطال شبابها وشيوخها للدفاع ومقاومة المحتل بكل الوسائل والإمكانات، لا حاجة لنا أن نستدعي ذاكرة التاريخ للمقارنة بين ما أحدثته الأوبئة وما فعل الغزاة من حيث النتائج.

فقط، بأنّ فتك العدوان لا يستثني أي شيء فوق وتحت البشر، لكن أخطر الإصابات تلك التي توغّلت في العقول. لا توجد في شريعة المحتلين أهداف جزئيّة، فالاحتلال كلّ لا يتجزأ، بمعنى أدق هو شمولي الأهداف والمنهج، يُصادر كل شيء حتى العواطف والأحلام الشخصيّة ليستعبد الانسان، وإذا فشل المحتل في احتواء العقول وتدجينها فلن يستطيع أن يحقّق أهدافه، ويكون بقاؤه مهدداً ومكلفاً، يستنزف طاقاته حتى ينهزم أو يخرج مرغماً.

منذ سبعة عشر عاماً، والمحتل الأمريكي في العراق يجثم على صدور العراقيين، يتبّع كل الاساليب والمناورات والخدع لكي يُكرّس وجوده، ومن فشل إلى فشل على كافة المستويات، فشل أن يبني دولة ويؤسس نظاماً ديمقراطياً حقيقياً، حيث تشهد كل الوقائع أنّ التزوير كان منهجيّاً وليس عارضاً، تم بموجبه استعمال الفاسدين واللصوص ومن توغلت أيديهم بالجريمة، لكي تتشكل منهم طغمة حاكمة تستبيح العراق أرضاً وشعباً وثروة. إذ إنّ من الغباء والجهل أن يرى البعض فرقاً بين شراذم الفاسدين وبين أمريكا، هم كيان لأجندة واحدة تم تدريبهم لإنجاز كل أهداف ومآرب الاحتلال، بذلك يكون المغفل هو الذي يتصوّر بقاءهم، ليستمر الفساد والسلب والنهب والتخريب، بعد دحر الاحتلال وهزيمته النهائية عند مغادرة قواتهم للعراق.

نلاحظ، أيضاً، ثمّة من يروّج إلى خطر (جارتنا) إيران على العراق في حال خروج القوات الامريكيّة.

هذه سخرية يراد منها قلب موازين الحقائق، إيران هي الشريك والمستفيد الأول من كل الذي جرى في العراق. حيث استفادت إيران من القضاء على عدوها الذي حاربته ثماني سنوات وأفشل تصدير ثورتها، ثم استفادت اقتصادياً من العراق بما لا يقلّ عن نصف تريليون دولار، بفضل تدمير الاحتلال لبنية العراق التحتية تدميراً شاملاً، فهل تنسى إيران كل أفضال أمريكا عليها؟ أو يتغابى صانع القرار الإيراني عن أهميّة الوجود الأمريكي في العراق لديمومة الاستفادة منه؟

لا يمكن لأي عالم في السياسة أن يفهم سجال المواجهات الدعائية بين إيران وأمريكا في العراق، إلا في إطار التفاهم المباشر أو غير المباشر، بالتخادم المشترك بينهما، أمريكا تعلم جيدا أنّها لن تستطيع مسك الأرض، وإيران مدركة بأنّ كل وجودها على أرض العراق، وكالة أو أصالة، مستحيل ما لم توفر أمريكا لها غطاء جوياً، ومراقبة استخبارية عبر الأقمار الصناعية، وتسخير أوكار جواسيسها، خصوصاً، في المناطق الغربية. أما ذريعة داعش ومن لفّ لفّهم فهي لم تعد تسرِ إلا في أذهان البلهاء، ويمكن لهوليود أن تستفيد من تسويق دبلجتها في أفلام أكشن الرعب الكارتونية.

والسؤال الأهم: ماهي ضرورة بقاء هذه القوات والقواعد إذا لم تمنع كل من هبّ ودبّ بالاعتداء على حدود العراق؟

(جارتنا) تركيا تتوّغل، ولم يصدر حتى استنكار لغزوها أراضي العراق، كذلك إيران معها، والكويت التي تقضم أراضي من البصرة، وقد تدخل دول أخرى لتنعم بحماية القوات الأمريكية. بيد أنّ ناقوس الخطر دقّ في واشنطن مع اندلاع ثورة تشرين المجيدة، إيران فقدت كل السيطرة، وأدركت كذب وخطر وجودها ما لم تحميها أمريكا، بعد أن تم حرق قنصلياتها في محافظات الجنوب العراقي، العراقيون هتفوا بقوّة إرادتهم الوطنية الخالدة (أنعل أبو إيران لا أبو أمريكا). هذا هو الجواب الذي يحسم وجود معادلة الاحتلال المزدوج، كل منهما رهين وجود الآخر.

بقي شيء مهم، لن يتحقق إخراج القوات الأمريكية من خلال البرلمان، ولا حكومة استكمال الفترة الانتخابية، فقط بالثورة العراقية الحتميّة الكبرى.. المجد والخلود لكل شهداء ثورة تشرين المجيدة وعاش العراق حرّاً أبياً خالداً

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب