23 نوفمبر، 2024 7:42 ص
Search
Close this search box.

ماذا حقق المعتصمون ؟!

ماذا حقق المعتصمون ؟!

صحيح أنه لم يتمكن السنة من تحقيق أي شيء من مطالبهم المعلنة خلال ما يزيد على أربعة أشهر من الإحتجاجات والإعتصامات إلا أنهم حققوا ما لم يحققوه طيلة المرحلة السابقة منذ إحتلال العراق لغاية يومنا هذا فهم ولأول مرة يتوحدون في ساحة واحدة حول قضية واحدة وهدف واحد ولأول مرة بدأت قيادات سياسية جماهيرية ميدانية موحدة بالتشكل التدريجي والتي نتمنى أن تصل إلى مراحل أكثر تقدماً وأكثر نضوجاً و وعياً  وهم (السُنة) من عرفوا بتعدد القيادات وتعدد الرايات وأمتازوا طيلة الفترة الماضية بالخلاف مع بعضهم على صعيد فصائل المقاومة وعلى صعيد القادة السياسيين ولأول مرة في تاريخهم المعاصر منذ فترة الإحتلال حتى يومنا هذا تتكون لهم “مرجعية دينية عالمة وأمينة و ملزمة ” ينقادون لها ويضعوها بإعتبارهم وتلزم قادة الإعتصامات والقادة السياسيين بالرجوع اليها عند أي (إختلاف) ويكون رأيها فاصلاً وملزماً ولها الولاية على عموم الناس ولو إنفضت هذه المرجعية عنهم لأنفض الناس عنها ولأول مرة تحظى هذه المرجعية بإحترامها (المستحق) بعد تجاهل متعمد أو غير متعمد ويزورها السياسيون متزلفون أو متوسلون أو مستعينون  ويزورها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة طلباً للمشورة والمعاونة وأصبح لأهل السٌنة من يرجع إليه ويعتد به ويعتمد عليه ويسمع منه من قبل قادة العالم العربي وغير العربي ومؤسساته ومراكز إتخاذ القرار فيه وبقدر إلتفاف أهل السُنة  وقادتهم حول مرجعيتهم هذه  وطاعتهم لها وتعزيزها بمن بقي من أهل العلم والمشورة من كبار علماء العراق المعتبرين (أهل الحل والعقد) سيكون لتلك المرجعية التأثير المطلوب والحاسم سواء في تعزيز وحدة الصف السُني و وحدة قرارهم السياسي أو بإحترام الأخرين لمكونهم أو بتنضيج هويتهم أو بوضوح شخصيتهم أمام أنظار الداخل والخارج وهاهي أمارات ذلك واضحة و سيكون للمرجعية بعد كل هذا وذاك تأثيراً حازماً في ردع أعدأهم  .
ولأول مرة في تاريخنا الحاضر تندمج القيادات الدينية المحلية مع القيادات العشائرية في صف واحد ولم نكن نعهدهم إلا متصارعين متخاصمين متشاجرين فيما بينهم كعلماء أو شيوخ أو بين الشيوخ والعلماء وها نحن نراهم يسرون العين بوحدتهم بصف واحد تحار بين العمامة والعقال .
ولأول مرة في تاريخنا المعاصر بعد الإحتلال يكسر حاجز الخوف والرعب الذي عاشوه طيلة السنوات العجاف في مقاومة الإحتلال وما بعدها يخرج الصبية والشباب والكهول والمعوقين إلى صلاتهم الموحدة كل جمعة متسللين بين الأزقة والدروب متحدين الأسلحة والدروع المصوبة نحوهم والقنابل المزروعة حولهم والساقطة عليهم والقيود الموصودة لهم غيرعابئين بكل هذا وما سواه ماشين على أقدامهم من مسافات طويلة حاملين سجادتهم التي أصبحت رمزاً لهم وهم يتوقعون أن يعتقلوا أو يضربوا أو يستشهدوا بلا أي جريرة.
ولأول مرة تتراجع المصلحة الشخصية للقيادات السياسية والإجتماعية ليحل بدلها الكرم والضيافة والإنفاق  وما تعودنا أن نسمع غير فساد الحكام والسياسين وإهتمامهم بمصالحهم الشخصية أو قد نرى في بعض الأحيان من يتموع ويتموج ويتسطح و(ينزدح) أمام السلطان أو أمام (سلطان) طمعاً في منصب لا يحلم به أو مال لا يتخيله مِن مَن هم قليلي الجاه والمنصب والقدر و(الحشيمة) زاعمين أنهم قادة أو شيوخ أو وجهاء وهم من كل ذلك برئاء  .
ولأول مرة يكون هناك (مُشترك) يجمع أهل السُنة وهم أتعبونا طيلة سنوات الإحتلال في البحث عن (الخلاف) وإبعاد وتناسي (المشتركات) حتى وهم يذبحون برغم أهمية تلك المشتركات على مستقبل بني جلدتهم وأهلهم بل ومصيرهم هم انفسهم  وبرغم إقرار الجميع (دون إستثناء) أن سر ضعفهم هو (خلافهم).
ولأول مرة يكون هناك (مصير مشترك) لأهل السُنة صغيرهم وكبيرهم رجلهم وامرأتهم عالمهم وجاهلهم في العراق يحملون معاناتهم الواحدة ويصرخون صرخة واحدة ويعبرون عن وجع واحد .  بداء يتشكل في ساحات الإعتصام خطاب جماعي واحد وبداء هذا الخطاب بالتطور التدريجي من خطاب منبري موجه لفئة محددة إلى خطاب موجه لعامة الناس من العراقيين وغير العراقيين مسلمهم ومسيحيهم عربهم وكردهم ملتزمهم وعلمانيهم ومن خطاب عشائري عفوي فطري ومباشر إلى خطاب سياسي مسؤول ومحدد .
ومن أهم ما حققته التظاهرات والإعتصامات والإحتجاجات والصلاة الموحدة ما قابلها من إحتلال لساحات التظاهر وتلفيق التهم المكررة والطعن بالمتظاهرين وحملة التشكيك بهم و ختمها بالمجزرة المصورة بالصورة والصوت كل ذلك وضع الصراع بشكله الواضح والحقيقي بين طرفين كل منهم عبر بطريقته عن مكنونه وعن حقيقته و واجهت سجادة الصلاة والثوب الأبيض  وعطر المسك والعنبر والبراءة وحب العراق على مره وكراهية تقسيمه وتجريحه رغم كل ما عانوا به ومنه والوطنية الصادقة والإيمان كل ذلك في صف واحد في مواجهة صف الحقد والكراهية والطائفية والكذب والتعذيب وقتل المعتصمين وقتل الأطفال والأسرى ونهب ممتلكاتهم وسياراتهم وتحطيمها بحقد أعمى مستهترين  بكرامة الموتى وركل رؤسهم بحقد ولم يشفهم تمزيق أجسادهم أجتمعت بهذا الصف كل صفاة القذارة دون إستثناء صفة منها . وهكذا تميز الصفان صف السيف الظالم وصف الحق النازف بالدم صف الشرف والكبرياء والوطنية والرجولة وصف الهمجية والطائفية والتخلف والرذيلة صف شعاره (سلمية سلمية) وصف شعاره الإنهاء؛ صف شعاره الحياة وصف شعاره الموت والإبادة؛ صف شعاره الحب وصف شعاره الكراهية والحقد صف مع الحق وصف معه الباطل فمن ينتصر؟!.
نعم هناك نتائج حققها المعتصمون بدا لنا بعضها وستكشف لنا الأيام أمور أخرى وسيقف مع المعتصمين  شيئاً فشيئأ كل الشرفاء والنبلاء والوطنين وأصحاب الشهامة والنخوة من العراقيين وهم الأكثر و لم تحصر بعد ولم تبد بعد كل فضائل التظاهر وإيجابياته ولكن الأهم من كل ذلك وقبل كل ما تقدم وبعد كل ما تأخر وبعد أن عمدتم بالدم البريء وقدمتم قربانكم إلى الله وبعد ثباتكم ونصركم لله فإن الله ناصركم لإنكم أصحاب حق و أن الله ناصر المظلوم وخاذل الظالمين القتلة الفسدة ولن يصلح عملهم ودام العراق بكم وبمن يحبونه وأعلنوا حبكم في كل يوم من على منابركم لله أولاً وتضرعوا له وأعلنوا حبكم للعراق وللعراقيين وتكلموا بأسم كل مظلوم فيه من شماله حتى جنوبه وأضيفوا إلى مطاليبكم مطلب جديد ليبقى العراق سعيد وأعلن حبي لكم أني أحبكم . وستنتصر السلمية بكل تأكيد وستنتصرون وينتصر العراق ويبقى واحد ويعود سعيد مجيد.

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات