23 ديسمبر، 2024 1:49 م

زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي الأخيرة إلى بغداد وبيان سفارة الولايات المتحدة (الزيارة جاءت كجزء من جهودنا لدعم إستمرارية التنمية في العراق كشريك استراتيجي يساهم في السلام والأمن كقائد في المنطقة) يمكن لهما  ان يكونا دافعا” لنا لأن نستثمر طاقاتنا في هكذا مناخات للولوج كصانع قرار إقليمي وحليف إستراتيجي لقوة عظمى بعيدا” عن شعارات السيادة الفضفاضة التي جاد بها علينا نائب عن دولة القانون او ما قد يصدر من كتلة الأحرار إذا ما أقدم العراق على خطوة كهذه قولا” او فعلا” عسكريا” عبر جناحهم العسكري المتمثل بجيش المهدي ، او ما تستطيع حشده القاعدة هنا محاربة منها لقوى الكفر المتمثل بالولايات المتحدة خاصة والغرب عموما” ، وهو غزل غير بريء بالمرة من كلا الطرفين يراد منه إيهام بسطاء الناس بمشروعهم البائس كقوى مناهضة لقوى إحتلال أتت لنهب ماتختزنه أرضهم من خيرات ، اثبتت التجارب الكثيرة والممارسات المتبعة سطوهم هم أنفسهم وغيرهم على مايتغنون به .
هنا أقتبس بعض النقاط التي علينا العمل عليها وكما وردت في إتفاق الإطار الإستراتيجي الموقع بين بغداد وواشنطن والتي يمكن لها ان تكون حلا” سحريا” لمشاكلنا العضال والتي فشلت كافة الكتل في وضع حلول ناجعة لها ، وجعلت منا كبلد في مهب ريح عاتية قد تستأصلنا جميعا” بعد عجزنا التام في إيجاد خطاب وطني موحد يلم شتاتنا ، إما بسبب حداثة التجربة ذاتها مما يجعلنا بحاجة إلى قوى ديمقراطية ساندة تعمل معنا جنبا” إلى جنب لترسيخها ، او الصراع القومي والطائفي الذي نحن عليه نتيجة طمع كل مكون بمكاسب يجنيها قبل ان تستكمل الدولة بناء مؤسساتها وقوانيها ، يكون بذلك قد جنى الأرباح بعد سنوات زراعة مليئة بالكبوات والفواجع متجاهلا” شركاء آخرين في الوطن ، ناهيك عن ملفات فساد كثيرة ضالع فيها ساسة والتي يمكن لها ان تكون إحدى مسببات إنهيار الدولة برمتها .
سؤال دائما” مايراودني وأطرحه بإستمرار هل فعلا” نحن أكثر وطنية من مواطني اليابان ضربت مدنهم هيروشيما ونكازاكي بقنبلتين نوويتين او المان جعلت قاذفات القنابل لذات الدولة العظمى مدنهم ركاما” ، والآن حلفاء يكنون كل الود لمن كان سببا” في واحة الديمقراطية والرخاء الإقتصادي التي تحيا فيها شعوبهم ، وكانوا على دراية تامة بإهمية تواجد أمريكي على أراضيهم او حتى تلك الدويلة الخليجية قطر او من سبقها في الخليج في ذات الفعل .
هل أنتهكت سيادة اي منهم ؟
طبعا” اتوقع ان يأتي رد البعض لخصوصية لنا لا أعلمها أنا ، وقد يأتوك بما تيسر لهم من آيات بينات او أحاديث لنبي رحمة لم تمنعهم يوما” دون سرقة مال عام بات عنوانا” لعدم مهنية من يقود العراق اليوم .
لذا علينا العمل على تفعيل ماجاء في إتفاق الإطار الاسترتيجي الموقع بين بغداد وواشنطن وبقوة وأخص منها مادتين لحاجتنا الماسة إليهما الآن مع أهمية تفعيل الإطار بالكامل .
جاء في الفقرة الثالثة القسم الأول حول مباديء التعاون مانصه (إن الوجود المؤقت لقوات الولايات المتحدة في العراق هو بطلب من حكومة العراق ذات السيادة ، وبالإحترام الكامل لسيادة العراق) وفي الفقرة أولا” وثانيا” وثالثا” من القسم الثاني حول التعاون السياسي والدبلوماسي (دعم وتعزيز الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية في العراق التي تم تحديدها وتأسيسها في الدستور العراقي ، ومن خلال ذلك ، تعزيز قدرة العراق على حماية تلك المؤسسات من كل الأخطار الداخلية والخارجية) و (دعم وتعزيز مكانة العراق في  المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية حتى يلعب دوراً إيجابياً وبناءا” في المجتمع الدولي) و (دعم جهود حكومة العراق في إقامتها علاقاتٍ إيجابيةٍ مع دول المنطقة قائمة على أساس الاحترام المتبادل ومبادئ عدم التدخل ، والحوار الإيجابي بين الدول ، والحل السلمي للخلافات ، بما في ذلك المسائل المترتبة على ممارسات النظام السابق التي لازالت تلحق الضرر بالعراق ، بدون إستخدام القوة أو العنف ،  بما يعزز أمن وإستقرار المنطقة ورفاهية شعوبها( .
تصوراتي حول الموضوع ان التحالف الكوردستاني مع تواجد أمريكي طويل يرعى العملية السياسية ويحول دون تفرد يخشونه بعد سنوات طويلة من القتل والتهميش الممارس ضدهم وهي العقدة الملازمة لهم ، وإن كانوا الآن لاعبا” رئيسيا” في عراق مابعد الديكتاتورية لايمكن إغفال دورهم مع اي تشكيل وزاري ، وأعتقد جازما” إذا ما أستثنينا القاعدة ومن هم معها من تكفيريين فالشارع السني مع هذا المسعى بعد شعورهم بتهميش قوى شيعية لهم مستذكرين ماإضطلعوا به من دور في بناء الدولة العراقية الحديثة عشرينات القرن المنصرم حتى التغيير 2003 .
مع إحترامنا لمكونات أصغر حجما” ، تبقى قوى شيعية كان يمكن لها ان تلعب دورا” اكبر في عملية التغيير ليس في العراق فحسب بل في الشرق الأوسط عموما” مساندة كل رغبة صادقة في (دمقرطة) الإقليم بالكامل ، نالت ماكان يوما” حلما” يراودها بالحكم ، لكنها أنزوت بعيدا” عن مشروع أمريكي خوفا” من إتهامات البعض لها بالعمالة ، فكانت ذات الدبابة التي إستنجدوا هم بها يوما” للخلاص محل أنظار آخرين على غير ماتمذهبوا في دول جوار أخرى أملا” في التحرر من نير الدولة القومية ، او من كان جلبابه (مقاوم شريف) وجد نفسه على قلة مؤهلاته زعامة دينية وسياسية يشار إليها كصنو للدولة يخشاها الجميع خوفا” من ردات فعل يقدم عليها أتباعه ويخشى عاقبتها .
بالطبع أنا لست ممن يتهم الناس بولائاتهم ، لكني أدعوهم من جديد قادة وكتل إلى قراءة سياسية سليمة لواقع نمر به جميعا” في الإقليم ، يحتم علينا التعامل بإحترافية تامة نضع فيها مصلحة البلاد والعباد فوق اي إعتبار آخر (شعارات واهية ، قداسات) تجعل منا رائدا” في صنع قرار الإقليم ومرجعا” مهاب الجانب سياسيا” وإقتصاديا” يخشى المس به ، والولايات المتحدة حليف استراتيجي يمكن لنا الوثوق به في نهضة ننشدها جميعا” وسبيلنا إلى ذلك عبر تواجد لها هنا وأعلم ان فيكم من تراوده (أحلامي) تحول دون البوح بها خشية من تهم العمالة والتكفير ، لكني أتمنى الجهر بها وإلا تكون نهايتنا والحلم الذي نحن فيه الآن كابوسا” يقض مضاجعنا .