تعرّف البيعة:((نوع عهد وميثاق مشروط بين طرفين،يقوم فيه شخص أو جماعة بالتعهد والتعاقد مع إمامهم أو حاكمهم على الطاعة والوفاء،وعليه في المقابل أن يقوم على رعاية شؤونهم،وإدارة أمورهم-أي انّ لهذا العقد طرفين-وما دام الطرفان وفيين في تعهدهما وكانا ملتزمين بالشروط التي التزما بها لا يجوز لأيّ منهما فسخ البيعة ونكثها)).
من أبرز مصاديق التعبير عن البيعة: (المصافحة،والقول باللسان،والكتابة، والإشارة)،مع احترام المبايعين وعدم إهانتهم،وإذلالهم، كما يفعله عادة حكّام الظلم والجور في إهانة الناس عندما يطلبون المبايعة منهم.
يروى انّ عبدالله بن عمر بن الخطاب، أمتنع من بيعة الإمام علي عليه السلام،وبعد استشهاد الإمام،وتولي الحجاج بن يوسف الثقفي-طبعاً عليّ عادل وليس كالحجاج ظالم-لذلك سارع ابن عمر ليلاً الى الحجاج وأستأذن عليه كي يبايعه،فأذن له الحجاج بالدخول، وكان مستلقياً على فراشه،فمدّ إليه رجله لكيلا يضطر الى الجلوس،فبايعه بالقبض على رجله.
ان عبدالله بن عمر،استنكف من تقبيل يد الإمام عليّ عليه السلام،فحصد جزاء ما فعل حتى قبّل قدم الحجّاج!!
على أي حال،فالبيعة لها تاريخ طويل حتى قبل الاسلام،والحكام لا يستغنون عنها ان كانت طوعاً أو كرهاً،فهم يعتبرونها-الحكّام-مصدر قوتهم، واستمرار حكومتهم،ومن عجائب البيعة ان سفّاح العراق(صدام التكريتي)،في أواخر عقد التسعينات من القرن المنصرم،أجرى أستفتاء عام لرئاسته على السلطة،فحصل فيه على نسبة 99.9% من التأييد!
بويع النبي صلى الله عليه وآله،حسب ماذكره المؤرخون للتاريخ الإسلامي بضعة مرات:مبايعته في العقبة الأولى ،والعقبة الثانية،وبيعة الرضوان، ومبايعته بعد فتح مكة،وفي غدير خم. نقل الطبرسي في كتاب الأحتجاج،حول واقعة الغدير،ومبايعة المسلمين للإمام علي عليه السلام،عن النبي”صلى الله عليه وآله” انه قال:((معاشر الناس،ما قصّرت في تبليغ ما أنزل الله تعالى إليّ.. وأنا مبيّن لكم انّ الله تعالى يأمرني أن أبلغكم أنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي.. فأعلموا معاشر الناس أنّ الله قد نصبه لكم ولياً وإماماً مفترضاً طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم بأحسان.. معاشر الناس إنّ الله قد أمرني ونهاني،وقد أمرت علياً ونهيته،معاشر الناس قد بينت لكم وأفهمتكم،وهذا عليّ يفهمكم بعدي،ألا وإني عند إنقضاء خطبتي أدعوكم الى مصافقتي على بيعته والإقرار به ثم مصافقته بعدي،ألا وإني قد بايعت الله،وعليّ قد بايعني،وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل.. معاشر الناس فاتقوا الله وبايعوا علياً أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة… ثم تلا قوله تعالى:( فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه).
في هذه الخطبة بلّغ النبّي صلى الله عليه وآله،ما أمره الله عز وجل،وبيّن المراد والمعنى الحقيقي للبيعة في يوم الغدير،ولما كان صلى الله عليه وآله، يعلم ان الناس سوف تنكث وتغدر بهذه البيعة،ختم خطبته بتلاوة تلك الآية الكريمة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:((ثلاث موبقات:نكث الصفقة،وترك السنة،وفراق الجماعة وأعتزال الناس وعدم الأهتمام بأمورهم)).