-1-
استوقفتني اليوم ” مقالتان ” انعكست فيهما -بشكل غريب – كلُّ ألوان الاستخفاف والاستهجان لما ردّده العراقيون المخلصون، من اشتراط ( المقبولية ) في الفضاء الوطني العام في المتصدي لمنصب المسؤول التنفيذي الأول في العراق .
ووجه الاستنكار لهذا الشرط، انه يتنافى مع ارادة الناخبين فقد لايكون “المقبول” في الفضاء الوطني حائزاً على أعلى الأصوات في الانتخابات،
ومن هنا عدّ أحد المقالين العملية (فريةً رجعية) ..!!
-2-
اننا – وبملء الفم – ، نعلن أنّ الانتخابات الحرّة النزيهة الخالية من الشوائب يمكن ان تكون تعبيراً عن آراء الناخبين، ولكن هل كانت الانتخابات النيابية التي جرت في الثلاثين من نيسان الماضي متوفرة على هذا الوصف ؟
فان كان الجواب نعم ،
قلنا :
فهل كان توزيع قطع الأراضي، تزامناً مع الانتخابات، لوجه الله تعالى ؟
وهل يستطيع أحدٌ ان ينفي دور ” المال السياسي ” في الانتخابات ؟
ومن الذي يستطيع انكار استغلال المواقع العليا في الدولة، لصالح التصويت لأصحابها ؟
وهل يستطيع سائر المرشحين استخدام المال العام والسيارات الحكومية –كما وقع- لصالحهم ؟
وهل يستطيع من لا يمّت الى السلطويين بصلة ، أن يهدّد المواطنين-وهو يوزع عليهم سندات التمليك للأراضي – بالمحاسبة ؟!!
ومن الذي يستطيع شراء أصوات الراغبين في الوظائف الحكومية ، غير الممسكين بالسلطة ؟
إنّ الأصوات المكتسبة بالاغراءات المالية والوظيفية ، وبالوسائل غير المشروعة ، لا قيمة لها على الاطلاق ..!!
إنَّ هناك عدداً لايستهان به من النواب لا يحضرون معظم جلسات مجلس النواب وشغلهم الشاغل التنقل بين البلدان .
فهل هؤلاء النواب المنتخبون هم الافضل من مجموع المرشحين الآخرين؟!
-3-
إنّ (المقبولية) في الفضاء الوطني العام تكشف عن وجود أرضية حقيقية لنجاح المسؤول التنفيذي الأول، فلن تقبله المكوّنات العديدة للشعب العراقي إنْ كان معروفاً بالطائفية مثلا .
ولن تقبله الأحزاب والكتل السياسية إنْ كان معروفاً بنزعته الاستبدادية والانفرادية
وهكذا ..
فالمقبولية هي المعادل الموضوعي وصمام الأمان في هذا المضمار .
-4-
ويغلب على الظن :
ان ورود المصطلح في مقالتين، نشرتا في موقع واحد، ويوم واحد يشي أنَّ وراءهما جهة سياسية معيّنة، تشيع هذه الثقافة، ثقافة الاستخفاف بالحكومة الجديدة ، ومحاولة الانتقاص منها ، وبكل الوسائل، وخاصة في المجال الاعلامي …
-5-
أما هوية هذه الجهة ، وحقيقة نشاطاتها المحمومة فليست خافية على أحد ..!!
-6-
اننا لسنا من المنتمين لحزب سياسي معيّن ، ولا من المنحازين لجهة عراقية على حساب جهة أخرى .
ويشرفنا ان نكون منحازين للعراق شعباً ووطناً، وننحاز لسيادته ومصالحه واستقلاله ، ونعمل من أجل ان يحتل موقعه العالي تحت الشمس …
وهذا ما يحدونا الى ان ندلي برأينا، ازاء ما يُطرح في الاعلام، ولا يكون متسماً بالموضوعية والواقعية .
-7-
وقد لاحظنا أنَّ هناك من لازم الصمت ، طوال السنوات الثمان العجاف التي عاشها العراق في ظل الحكومة السابقة (2006-2014)، حتى اذا مُنيت أطروحة (الولاية الثالثة) بالفشل، تحوّل ذلك الصمت الى ضجيج وتشكيك واعتراضات متواصلة لاتستند الى حجة قوية ، ولا يدعمها دليل ناصع .
-8-
نحن مع كلّ صوت يرتفع لتصحيح الأخطاء والمحاسبة على الخطايا ، ولكننا لسنا مع ” التهريج “، ولسنا مع عمليات التسقيط السياسي التي لا يزيد الساحة السياسية الاّ تعقيداً .
-9-
واذا كان أيتام الدكتاتورية البائدة مازالوا يُولولون ويحنّون الى ايامها السوداء ، فانّ هناك أيتاما لمرحلة انطوت صفحاتها وانتهت كوابيسها الى غير رجعة .
-10-
إنّ الحاكم (المقبول) من أبناء شعبه، بكل مذاهبهم وأديانهم وقومياتهم واتجاهاتهم السياسية، لابُدَّ أن يُدعم ويُؤيد ليتاح له النهوض بمهامه، لاسيما في مثل المنعطفات الخطيرة التي يمر بها العراق اليوم، وهو يحارب ” داعش ” والتكفيريين الظلاميين، الذين يريدون مصادرة أمجاده وحضارته وأصالته وتمزيق نسيجه الاجتماعي وارجاعه الى عهود الخرافة والأساطير ….