مشروع خيري اعجبني كثيرا وأحببت أن انقل مضمونه لحضراتكم أملا بإستنساخ التجربة عراقيا ، فلقد علمتني الحياة بأن أعمال الخير والإحسان والرحمة عبارة عن أبواب كثيرة وكبيرة متداخلة مع بعضها بعضا، ما إن تطرق أحدها جادا ومخلصا،حتى توفق فتفتح لك بقية الأبواب الأخرى تباعا على مصراعيها ولكن -من دون طرق هذه المرة -كل ذلك ببركات الطرق المخلص الجاد الأول وبتوفيق من الله تعالى وحده سبحانه .
ولعل واحدا من المشاريع الرحمانية الجميلة التي اطلعت عليها من خلال أحد تلكم الأبواب المشرعة ، مشروع ” صيدليات الخير المجانية “، هذا المشروع وبإيجاز بدأ قبل ثلاث سنين تقريبا في احدى المحافظات المصرية وذلك بعد ان أصيب أحد كبار السن الفقراء في منطقة مغرقة بالشعبية بمرض مفاجئ ألم به ما إستدعي التحرك سريعا لشراء ادوية ،بمبالغ لم يكن يمتلك المسن عشر معشارها ولا اقل من ذلك ،ولفترة علاج ليست بالقصيرة ريثما يستعيد عافيته ، فما كان من ابناء المنطقة والجيران الكرام الا ان أطلقوا نداء استغاثة مفاده” يا أبناء المنطقة الأعزاء من كان له فضل دواء فليتكرم به مشكورا وليجد به على من لادواء له ولا قدرة على دفع ثمنه – وحددوا اسماء الادوية المطلوبة بإلحاح – لعلاج حالة المسن لاسيما وان حالته كانت تستدعي علاجا مستمرا ولفترة ليست بالقصيرة بما لايمكنهم تأمين كامل الوصفة بالمجان طيلة فترة العلاج لغلاء ثمنها ، وبالفعل فقد انتخى كل من كان له فضل دواء من الادوية المطلوبة لعلاج المسن اياه حتى صار عندهم -كرتونة – كاملة من الادوية تضم كل ما يحتاجه مريضهم طيلة المدة المطلوبة للشفاء وزيادة ..شفي الرجل من مرضه بعد اسابيع من العلاج المتواصل واسدل الستار على حالته المرضية .. الا ان الفكرة لم تنته عند هذا الحد ولم يسدل ستارها ولن يسدل ، لقد رأت الفكرة النور الان ، وبدأ طريق الالف ميل الرحماني من هاهنا وخلاصته ” تبرع بما زاد في بيتك وفاض من دواء بدلا من رميه في سلال المهملات ،أو تركه حتى تنتهي مدته ليصبح غير صالح للعلاج !”.
وانطلاقا من هذه الفكرة الرائعة اطلقت حملة مضمونها” تبرع بالدواء الفائض والصالح في بيتك للمحتاج ولاتبخل ” فلاقت استحسانا منقطع النظير وقبولا واسعا كان من ثمراته استحداث صيدليات عديدة في عدد من المحافظات المصرية خلال فترة قصيرة جدا يشرف عليها -صيادلة مجازون من نقابة الصيادلة ويحملون هويات عضويتها للعمل فيها،اما مجانا ،أو بأجر رمزي ضئيل ابتغاء الاجر والثواب وبالتناوب – علما أن مهمة الصيادلة هنا لا تنحصر في الاشراف على صرف الادوية داخل صيدليات الخير المجانية فقط ، وانما تمتد لتشمل فحص الادوية لحظة تسلمها من المتبرعين والتأكد من صلاحيتها وجودتها مع العمل على تصنيفها وترتيبها ، كل دواء في الخانة المخصصة له كذلك !
هذا المشروع الانساني الرحماني الواعد ،بدأ بمريض فقير طاعن في السن هب كل ابناء منطقته الفقراء وندبوا انفسهم لمساعدته اخويا ابتغاء الاجر والثواب وللمحافظة على روابط الجيرة والاخوة الطيبة والتي تتسم بها المناطق الشعبية عادة = طرقوا أبواب الخير جادين وصادقين ” ، ففتحت لهم ابواب الخير كله من حيث لم يحتسبوا “حيث تطور المشروع كثيرا وخلال فترة قياسية وصار ملاذا لفقراء المنطقة انفسهم فضلا عن كل فقراء ومرضى المناطق المجاورة الى درجة ان القائمين عليه باتوا يطمحون اليوم بـ 100 صيدلية خيرية مجانية تتولى كل واحدة منها علاج ما لايقل عن 200 حالة شهريا ليس بمقدورها تأمين تكاليف علاجها كاملة ، ووصل الحال بهم الى تبرعهم لمراكز علاج السرطان لمن اصيبوا بالمرض الخبيث عافانا الله تعالى واياكم منه ، بدواء فائض عن حاجة من اصيبوا به قبلهم فشفوا وتعافوا، أو فارقوا الحياة رحمهم الله تعالى جميعا واسكنهم فسيح جناته ، وذلك بدلا من رمي الدواء بعد الشفاء، أو الوفاة في مكبات النفايات ،مع امكانية الافادة منه لإنقاذ حياة مريض غير قادر على دفع ثمنه ، كذلك استخدام الدواء بدلا من تركه هملا في ركن من اركان المنزل لحين انتهاء مدة صلاحيته من دون الانتفاع منه ، مع ان كل واحد من هذه العقاقير والادوية ثمنه باهظ جدا وبالعملة الصعبة اضافة الى شحه في اغلب الصيدليات ..وكذلك الحال مع بقية الامراض المستعصية والمزمنة والطارئة .
وبناء عليه اقترح هاهنا استنساخ التجربة عراقيا لما يعانيه الكثير من فقراء المرضى وذوي الدخل المحدود علاوة على العاطلين عن العمل في ظل صعود صرف الدولار ، وانخفاض قيمة الدينار ، وارتفاع الاسعار عموما ولاسيما الادوية ، وعلى النحو الاتي :
– كل عائلة عراقية اصيب جميع افرادها او بعضهم بوباء كورونا المستجد ( كوفيد – 19 ) بحسب تسمية منظمة الصحة العالمية ، أو المتحور ( كوفيد – 20 ) بحسب تسمية مواقع التواصل ولا اساس لها من الصحة اسوة بشائعات يومية مماثلة – معظمها ان لم يكن كلها تخرب من الضحك ، ومن ابرزها ان الكهرباء ستعمل على تحسين المنظومة الكهربائية في الصيف المقبل ، هههه ، لك هي اذا بالشتا لم تتحسن قط ، تريد بصيف العراق اللاهب ودرجات الحرارة فوق الخمسين تتحسن؟!..بدورها وزارة التجارة اعلنت عن نيتها توزيع مفردات الحصة التموينية كاملة في رمضان ” مفردة كاملة لوحدها – بما يذكرنا بعدس 2019 الموعود -تدعو الى الاغماء من شدة الضحك وذلك امام مبنى الوزارة حصرا ولتسمى حينها بـ – ضحكة الاغماء التموينية – احتجاجا على استمرار الاكاذيب العدسية – المهم هذا مو موضوعنا الحقيقة ..نرجع لسالفتنه ..حيث خزانة البيت المصاب بكورونا وبعد تماثل افرادها للشفاء والحمد لله رب العالمين ممتلئة عن بكرة ابيها ببقايا فيتامين c وفيتامين D3، وحبوب الزنك ، اضافة الى بعض الحقن والجرعات الزائدة والكمامات والمعقمات والمطهرات والقفازات ،وقناني الاوكسجين ، وجهاز قياسه والادوات المخصصة للتنفس ونحوها بما يمكن التبرع به لمن يحتاجها من المصابين الجدد ، شريطة ان تكون مدة نفادها بعيدة ، ومدة شرائها من الصيدليات قريبة وبحالة ممتازة جدا .
وكذلك الحال مع ادوية الامراض المزمنة الفائضة عن الحاجة والصالحة للاستعمال وبعيدة المدة “ادوية ضغط ، قلب ، سكر ، امراض القولون ،مراض المعدة ، مانع تجلطات ،مدررات، التهابات المسالك البولية ..حقن التهابات ..الخ “فبالامكان التبرع بها من دون مقابل لامادي ولا معنوي الى من يحتاجها كخطوة اولى لاستنساخ تجربة ” صيدليات الخير الانسانية ” بإشراف اهل الاختصاص وعلى ذات النحو .
كما اهيب بجميع الصيادلة واصحاب المذاخر الشرفاء ممن لسان حالهم يردد القسم الطبي الرحماني ” أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله” اهيب بهم للتبرع ولو بنزر يسير من بعض الادوية المهمة الى هذه الصيدليات الخيرية ولتكن بمثابة زكاة او صدقة تدفع عنهم الكثير من المصائب والاقدار ،إن أخلصوا نيتهم لوجهه تعالى .
وبما ان الشيء بالشيء يذكر ، المطلوب من هيأة المنافذ الحدودية ومديرية الكمارك العامة تشديد الرقابة على الادوية الداخلة للعراق وإخضاعها للتقييس والسيطرة النوعية وإتلاف غير الصالح منها بإشراف لجان متخصصة خشية تسريبها الى المذاخر والصيدليات المحلية بدلا من اتلافها ..المطلوب توفير الادوية والاجهزة والمعدات الطبية في المستشفيات الحكومية كافة وضبط مخازنها وتدقيق عقودها ومنع تسرب ادويتها الى السوق السوداء ..المطلوب ضبط اسعار الكشفيات والعمليات الجراحية وتسعير الادوية بما يتناسب ودخل المواطنين المتدني وتوفير الادوية الخاصة بالامراض الخطيرة والمستعصية مجانا على وفق نظام البطاقات المعمول به سابقا ..المطلوب دعم وتأهيل مصانع الادوية المحلية وفي مقدمتها مصنع ادوية سامراء …المطلوب عمليات وفحوصات وتحليلات وادوية مجانية للايتام والارامل وذوي الاحتياجات الخاصة ولو لمرة واحدة اسبوعيا كزكاة للمعالجين وصلى الله على نبينا القائل ” ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ : أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا ) فما بالكم بمن عالج مريضا بالمجان او دفع تكاليف علاجه ..المطلوب تفعيل مواد وبنود قانون حماية الأطباء لسنة 2013 وبالاخص المادة 1 / أولا منه والقاضية بـ” حماية الاطباء من الاعتداءات والمطالبات العشائرية والابتزاز عن نتائج أعمالهم الطبية” ..فضلا عن تفعيل احكام المادة (411/2) من قانون العقوبات بحق كل من يقتل شخصا خطأ نتيجة اخلاله إخلالا جسيما بما تفرضه عليه اصول مهنته الطبية ولكل من يتهاون في علاج المرضى او عدم ايلائهم العناية اللازمة للراقدين في المؤسسات الصحية من العاملين في القطاع الصحي ” كما نصت عليه . اودعناكم اغاتي.