انه زواج العلمانية الحديثة بالديانات الطوطمية والوثنية القديمة بذريعة العودة الى الجذور،يتزامن مع أمرين اثنين” محاولة تديين اذا جاز التعبير نظرية التطور ونظرية النشوء والارتقاء من جهة ومحاولة تسويقها على انها لاتتعارض مع الايمان ، بل على العكس انها تتفق معه تماما ، وذلك بالتزامن مع احياء منظومة الكوكبية والاجرام السماوية من جهة اخرى ، وما سيعقبها من كثرة الحديث عن الصحون الطائرة وسكان الفضاء الخارجي لاسيما المريخ وكوكب اكس ومخلوقات الاناناكو ومدى تأثير الكواكب والنجوم على حياة الناس واقدار البشر فوق كوكب الارض وعلاقتها بالسحر والتنجيم وظهور الحضارات على الارض كذلك ظهور الاديان !
انهم يعملون حاليا على إحياء السداسيات المنقرضة لعلها تقف سدا بوجه الاسلام الخالد ولن يفلحوا ابدا ، فهذا الاسلام قد حماه الله تعالى وحفظه على مر الدهور والعصور والازمان .
فمع طرح الديانة الوهمية “المسماة بالابراهيمية ” لمحو الاسلام – خابوا وخسئوا – لمسنا تحركا غير مسبوق لإحياء السداسيات القديمة “فهذه المعابد والديانات البابلية والسومرية عادت الى الواجهة وبقوة لاسياحيا كما في السابق وعلى مدار عقود طويلة ، لالا ، وانما دينيا وفكريا هذه المرة وهنا الطامة ، وبلغت ذروتها مع زيارة البابا وادائه القداس هناك في زقورة اور وسط تغطية اعلامية محلية ودولية كبيرة للغاية ، الفراعنة والفرعونية كذلك عادت الى الواجهة – فكريا ودينيا وثقافيا وليس سياحيا فحسب – بنقل المومياوات وتسليط الاضواء على الحدث وبشدة عالميا ” مع تحريكها واضفاء مسحة هائلة من الاكشن عليها وترويج بدعة (لعنة الفراعنة ) بالتزامن مع احداث مروعة لا استبعد من ان تكون مفبركة ضمن السيناريو ومعدة سلفا لهذا الغرض تحديدا لتشعرك بجسامة الاحداث وتداخلها وتفاعلها وبتقنية 9D ، وغدا احياء الطورانية التركية بنفس القوة وبذات السيناريو والاتجاه ، وبعد غد احياء الثنوية والمزدكية والمانوية والزرادشتية الفارسية بذات الاسلوب ولنفس الغاية ، وبعدها استيراد الهندوكية ، والبوذية لنفس الغرض تحت يافطة “عمال وخبراء هندوس بعشرات الالوف يعملون عندنا لبناء اوطاننا ، لعمار بلداننا – ياحنين انت ياحنين – كذلك بوجود عشرات المدربين والمعاهد لتعليم اليوغا والعلاج بالطاقة الايجابية والكواندليني والمانترات الهندية ، ويتوجب علينا اقامة معابد لهم في الخليج واينما حلوا وارتحلوا ، فهذا حق مشروع لهم ..عمال وخبراء ومهندسون صينيون بعشرات الالوف في ضيافتنا ولابد من بناء معابد بوذية لهم وهذه من ابسط حقوق الضيف على مضيفه – مع ان الصينيين في بلدهم لايأبهون بصنمهم – وبوجود عشرات المعاهد للترصيص والوخز بالابر على وفق مفاهيم اليين واليانغ ورياضة التاي تشي ، الكونغ فو ولكن على طريقة وبتقاليد معابد رهبان الشاولين البوذية ..انها لعبة المزاوجة الشيطانية بين العلمانية من جهة – ومن المفترض انها لادينية – وبين الصنمية ولا اقول الدينية من جهة اخرى = ولادة مسخ وتحالف ” علما صنمي ” يؤمن بالكواندليني واليينغ واليانغ كقوة علاجية – اصلها ديني وثني – الا انه لا يؤمن بقوة الصلاة والايمان والقرآن السماوية كقوة تربوية واجتماعية واخلاقية وعلاجية كبرى ، علما صنمية تمجد بأديان الماضي السحيق الوضعية الصنمية الوثنية وتمارس طقوسها تحت يافطات رياضية ، موسيقية ، استرخائية ، اجتماعية ، علاجية، جلسات ثقافية ، بإعتبارها حضارة وتأريخ مجيد لابد من احيائه مجددا لا لغرض السياحة كما في السابق وكالمعتاد وانما لغرض المقارنة بين الاسلام وبينها ، لغرض ترسيخ مفاهيم جديدة للثقافة والحضارة والتدين ، والعمل على اضافة مفصل جديد الى الخلافات بين الشعوب والامم فبعد ان كانت قطرية ، قومية ، طائفية ،دينية ، سياسية ، جغرافية ، اقتصادية اضيفت لها النوستالجية نحو ” نحن البابليين الاقدم ، نحن الاصل والفصل وكل ما عدانا هطل .. دحنه الفراعنة الاعلم ، نحن الاهرامات نحن القمم وكل ما سوانا رمم … هل تعلمون من نكون ،نحن الزرادشتية الافهم ، نحن الاباء والشمم … دحنه البوذية الاسلم ، نحن بناة الحضارات على ساق وقدم … نحن الهندوسية الاعرق ، اتبعنا باليوغا والمهابهارتا والرامايانا ولن تندم ” ، فيما يكفر “العلما صنميون ” بالاديان السماوية التوحيدية وبكتبها المقدسة ويطالبون بفصلها عن الدولة والسياسة والحياة برمتها لأنها تقييد للحريات وحرب على المثلبيات ولكونها سدا امام التقدميات والاشتراكيات والرأسماليات بزعمهم …علما صنمية نوال سعداوية نارية تدمغ نفسها بالتنويرية ، ستزاوج بين لاحياة بعد الموت ولا جنة ولا نار ولاحساب ولا عقاب ..وبين نظرية تناسخ الارواح على الطريقة الهندوسية ومبدأ الطبقات عندهم ومبدأ الكارما – الجزاء – كذلك ستراه يميل للنباتية اسوة بالهندوسية لأن ارواح الاجداد تسكن الحيوانات في رحلتها الابدية بتناسخ الارواح ..علما صنمية ، ستجد فيها ملحدا على مستوى الثقافة والفكر الا انه يؤمن ايمانا مطلقا بـ” النيرفانا ” والفناء بالذات المقدسة على الطريقة البوذية من خلال اليوغا وبقية الرياضات …علما صنمية ستقدس النار على الطريقة الزرادشتية بإعتبارها رمز للقوة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية فتراها تكثر من اشعال الشموع والتحلق حول النار ولو في عز الصيف وتمارس احتفالاتها وطفوسها حولها …علما صنمية ستدعو الى احراق جثث الموتى ومن ثم نثر رماد الموتى في البحر ، بدلا من دفنهم موتاهم تحت الارض بذريعة استغلال الارض والانتفاع بها ..علما صنمية ستجده يناقش في الديانات السماوية بأعتبارها عدوة للحرية والمثلية والشبقية والافيونية ، الا انه يقدس الديانات الوثنية ويؤمن بالمثولوجيات والخزعبلات ، بإعتبارها حضارة وسياحة وفلكلور وتراث وامجاد خالدة وفكر يجب ان يعود الى الواجهة مجددا ..وبقوة !
بين القصر والمعبد ” ولا اقول ” بين الدين والدولة “ولا ” بين الدين والسياسة ” في ظل الانظمة الصنمية الاستعلائية علاقة وثيقة لاتنفصم عراها ابدا” القصر في تلكم الانظمة يجد ويثابر في بناء المعابد والعناية بها وزخرفتها وتذهيبها وتوسعتها طوال حياته اسوة بالقصور، لا لتدينه – لأنه مسربت – وانما لإضفاء القداسة من خلال المعبد وكهنته واصنامه على شخصه وحكمه ونظامه وقوانينه الكيفية المزاجية لتبدو وكأنها بأمر آلهتهم المزعومة ..كذلك المعبد واصنامه وشخوصه فإنها تسهم في ارساء قواعد النظام وتقديسه مقابل كم هائل من العطايا والهدايا والميزايا للمعبد والقائمين عليه …المعبد في الانظمة الصنمية لايمارس دور الاصلاح بتاتا ولاشأن له به البتة ، بل وليس له منهج اصلاحي موجه للجماهير اساسا ، اذ ان التدين فيها ” مجرد طقوس مخترعة يدعمها كم هائل من الاساطير والخرافات كلها من بنات خيال الكهنة والقائمين على المعابد ومفصلة على مقاس جيوبهم وخزائنهم وكرسي الملك ، بمباركة رأس الهرم وبتوجيه منه شخصيا لتقديس الملك والالهة سوية وجعلهما بمرتبة واحدة فيكون بذلك الخارج على النظام والمعارض للملك بمثابة كافر بالالهة يجب القضاء عليه فورا ومن دون ابطاء وبشتى الوسائل والطرق …” .
وعندما جاء الاسلام العظيم فإنه قلب كل هذه المعادلات والموازين المختلة رأسا على عقب ، ووضع برنامجا اصلاحيا شاملا صالحا لكل زمان ومكان ، يلزم الملك والحاشية والشعب بتطبيقه لافرق في ذلك بين اسود ولا ابيض ، فقير ولا غني ، احمر ولا اصفر ، ذكر ولا انثى ، عربي او اعجمي امي او متعلم ، وبالتالي فقد ازال الاسلام العظيم اخطر ما يتكئ عليه الصنميون ” نظام الطبقات ، العنصرية ، التعصب الاثني ، المعبد المقدس للوصول الى الحكم ، أو لإرساء نظام الحكم المقدس ” ، وجعل الاسلام العبودية كلها لله تعالى وحده لاشريك له ..فسلمان الفارسي ،كصهيب الرومي ، كبلال الحبشي ، كأبي ذر الغفاري العربي ، لافرق بين لون ولون ، ولا بين عرق وعرق ، ولابين طبقة واخرى تحت عنوان جامع مانع ” ان اكرمكم عند الله اتقاكم ” ، ابو لهب وهو عم النبي الاكرم ، ومن عينة قريش وسادتها وكبرائها صار مذموما مخذولا هو وزوجته فيما صار العبد الاسود بلال بعدها حرا وعزيزا بعز الاسلام وكريما ومؤذنا للرسول صلى الله عليه وسلم …الاسلام العظيم الزم كل القوميات والالوان والطبقات بذات العبادات والطاعات لافرق بينهم ، الزمهم بصلاة الجمع والجماعات والعيد جنبا الى جنب حيث لاسيد ولا عبد ..الزم كل الامم والشعوب بالحج الى البيت الحرام بلباس الاحرام – كفن ابيض – حتى انني لم اعلم مهنة ولا مكانة أربعة من الحجاج الكرام كنت قد تشرفت بصبحتهم يومها وهم بلباس الاحرام الابيض وكانوا على وفاق ووئام تام ، لم اعلم الا بعد حين وبعد ان اكلنا وشربنا وطفنا واعتمرنا وحججنا سوية ، ان الاول على اليمين هو لواء متقاعد في الجيش ، اما الثاني على اليسار فهو عامل بناء خريج اعدادية ، وان الثالث استاذ جامعي برفيسور ، وان الرابع مصلح كهربائيات شهادته هي المتوسطة ..والاجمل ان ” مصلح الكهربائيات كان الانشط والاكثر همة والاكثر معرفة بأمور دينه من الجميع ، وكنا نستعين بعد الله تعالى ، به في كل شاردة وواردة حتى في اداء المناسك ..حتى في حلاقة الشعر ..حتى في لبس الاحرام …حتى في اعداد الطعام ..حتى في امامة الصلاة ، لقد كان لولب الرحلة وقبطانها بحق من بدايتها وحتى نهايتها …لأن الاسلام قد الغى الطبقات والطبقية وجعل التمايز على اساس طاعة الله عز وجل والامتثال لاوامره وما تواضع احد لله الا رفعه مع اعطاء كل ذي حق حقه ,وانزال كل انسان مكانته ولكن من غير تكبر ولا استعلاء ولاكبرياء ولاطبقية مقيتة .
الخلاصة انهم يريدون حاليا العودة بالامم الى الوراء وترسيخ سداسية ” الصنم ، المعبد ، القصر ، القبر،نظام الطبقات،الاسطورة ” ، حيث الاسطورة تخدم القصر والمعبد والصنم وترسخ نظام الطبقات وتدعم الطبقيات ..حيث الصنم يحب الاكثر ثراءا والاشد نفوذا والاعلى وجاهة ويحتقر عامة الشعب ويذلهم ..حيث القصر يسعى طوال فترة حكمه للمحافظة على التراتبية الطبقية من دون تغيير ، حيث الكهنة يتناسلون بعضهم من بعض وممنوع على غيرهم الاقتران بهم مطلقا او احتلال مكانتهم ..حيث الاسطورة حاضرة ومتماهية مع الاحداث اولا باول لتصوغ الدساتير القوانين وتخترع طقوسا جديدة على يد الكهنة – المكوكين – كلما تطلب الامر مفصلة اياها كلها على المقاسات تماما وبأمر السماء بزعمهم …!
انتظروا ظهور ” العلمانيين الصنميين ” قريبا حيث ستجد علماني لايؤمن بدين قط ، ولا بآخرة قط ، الا انه يسجد للكواكب والنجوم ويؤمن بالابراج ايمانا مطلقا ، ويتحلق حول النيران المقدسة ويطلب معونتها ، ويؤمن بتناسخ الارواح وتجسدها في المخلوقات ..نباتي ..يوغوي ..كونداليني ، ييين يانغوي …تطوري ، فرويدي ، دارويني ، مريخي ،انانوكي ، بابلي أو فرعونوي ..انها المسخ القادم ” علما صنمية ” يدخل معبد اليهود فيصلي فيه على طريقتهم ، يدخل الكنيسة فيصلي فيها على طريقتهم ..يدخل الجامع فيصلي فيه على طريقتنا ومن غير وضوء طبعا وهو جنب بالتأكيد ..يدخل معبد الزرادشتية فيصلي فيه على طريقتهم …يدخل معبد الهندوس فيصلي معهم على طريقتهم ..يدخل معابد البوذيين وبنفس الطريقة ..ثم يخرج قائلا في الميادين ” ان الدين افيون الشعوب ” !