18 ديسمبر، 2024 11:49 م

ماذا تريد الجماهير الغاضبة ؟!!!

ماذا تريد الجماهير الغاضبة ؟!!!

منذ عدة شهور والجماهير العراقية الغاضبة تتظاهر مطالبةً بالإصلاح الحكومي ؛
ولا أعرف إلى من توجه هذه الجماهير خطابها !؟
أهي تخاطب الله سبحانه وتعالى ؟!
أهي تخاطب الوطن ؟!
هل هي تخاطب السلطة التنفيذية ؟!
هل هي تخاطب السلطة القضائية ؟!
هل هي تخاطب السلطة التشريعية ؟!
أم هي تخاطب رئيس الجمهورية ؟!
أم هي تريد أن توصل صوتها إلى العالم؟!
والحالة هذه ؛ فبعد أن عبر العراقيون مرحلة التناحرات الطائفية ، وأوشكوا أن يتوحدوا في عراق خالٍ من الإرهاب الطائفي ، فوجئنا بمرحلة أخرى ، وبجرحٍ نسينا به جرح الأمس ، لننشغل بتطهير مدننا من ويلات الغزو الداعشي الحاقد ، الذي طال الإنسان العراقي وحضارته ، بعدما نالت الطائفية المقيتة هناء العراقيين و محبتهم وتآخيهم وانسجامهم الملون الجميل .
لقد خرج العراق في التاسع من نيسان عام2003 من محنة الحكم الديكتاتوري الظالم الذي جثم على صدر العراق لأكثر من ثلاثة عقود .. رزح العراقيون إبانه بمآسي التغابن والتحامل و التناحر السياسي و الآيديلوجي ، الذي تسبب في مصادرة المعتقدات السياسية المختلفة عن الحزب الحاكم .. وإن تناظرت معه في الرؤى العقائدية وتقاربت ، بحيث لم يعد المغزى من
التحزب عقيدة يؤمن بها المواطن في البرامج السياسية التي سارت عليها حكومة البعث ، والتي تفاقمت إبان عهد رئيسها الأخير ، لدرجة التطاول على حقوق الأمم والشعوب والدول الآمنة ، فكانت تناحراته السياسية مع الجارات العربيات والمسلمات السورية والأردنية والسعودية والكويتية والإيرانية ، لحد التصاعد القتالي والمسلح ، الذي تحوّل من حالة الصراع السياسي إلى حالة الدفاع إلى حالة الحرب والاحتلال الطويلة ، والتي أزهقت أكرم الأرواح وأريقت فيها أزكى دماء الشعوب المتجاورة منذ آلاف السنين بالرحمة والمودة والموعظة الحسنة ، ناهيك عن تدمير الاقتصاد القومي والإقليمي والإسلامي في هذه المنطقة الساخنة من العالم .
وكان يوم 9/4/2003 لتتولى الولايات المتحدة الأمريكية وتحالفاتها مسؤولية إزاحة ذلك الطغيان عن العراق ، فأسست لمجلس الحكم ، ومن ثم الانتخابات الديمقراطية ، ليكون برلمان عراقي مستنبط من بين الشعب ، فيتحقق حلم (حكم الشعب للشعب والأجنبي برّه) !!!
ومهما يكن من أمر ؛ فإنَّ الذي حصل هو انتخابات ديمقراطية شرعية اشتركت فيها كافة فصائل المعارضة التي كانت تناوئ حكم البعث الظالم ، لتبدأ مرحلة جمهورية جديدة توحي بالحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال .
عليه ؛ فإن السلطة التشريعية التي تولت تعيين رئيس الجمهورية وتعيين رئيس الحكومة وتعيين سلطات الدولة كافة ، ما هي إلا تحصيل حاصل لنتاج عملية سياسية تولت حكم البلد لمرحلة ما بعد السلطة المدنية للحاكم المدني الأمريكي (المستر بريمر) .
هذا الحاكم المدني ؛ هو المسؤول الأول والأخير عن تشويه البناء السياسي والتنفيذي والقضائي والتشريعي في العراق الحالي . وذلك من خلال تحطيمه لمجموع الكيان المؤسساتي للدولة العراقية العريقة التي تأسست عام 1924 .. ببنيتها الإدارية والعسكرية و الاقتصادية ، ما جعل كل من سيأتي بعده سيصطدم بكتل كونكريتية من المصاعب والمشاكل المعقدة ، وأخطرها محاصصة الحكومة ، وانتشار وباء المحاصصة هذا في كيان الدولة العراقية ، نشر أوبئةً خطيرة لا يعالجها أي مضاد حيوي حد التسرطن المميت ، الذي لن يقضى عليه إلا بالاستئصال .
من هنا ؛ رأت الجماهير العراقية خطر هذا الوباء ، فبدأت تبحث عن البديل الذي لم تهتدِ إلى دوائه ، رغم كلِّ هذه التظاهرات التي مازالت تستهلك الشهور وتتعب الجمهور .
فمرّةً تدعوهذه الجماهير إلى إجراء إصلاحات على الحكومة ، مع الإبقاء على رئيس الوزراء ، في الوقت الذي تغفل هذه الجماهير أن الوزراء التنفيذيين جاءوا من كابينة وزارية نسقها رئيس الوزراء نفسه ، بحيث يحار المتتبع حيال هذا الخيار .. كيف نشجب وزراء حكومة و لا نشجب رئيس حكومة .. هو وضعها !؟
ومرّةً ؛ يعتصم المتظاهرون خارج المنطقة الخضراء مطالبين بحل البرلمان !؟
ومرّةً يعتصم البرلمانيون أنفسهم مطالبين بإقالة رئيس البرلمان !؟
وكأننا ندورُ بناعورٍ كالحصان المعصوب العينين .. يسير ولا يدري أنه يدور !!!
لحد أنَّ يظهر رئيس الجمهورية شخصياً على الجماهير والعالم بأسره ليؤكد فشل المنظومات الحكومية في الدولة العراقية ، رغم مرور أكثر من 13 سنة على عملية التغيير السياسي !؟
البرلمانيون نتاج قوائم انتخابية نزلت إلى الشارع الجماهيري بصفتها السياسية ..
القوائم اﻹنتخابية متمخضة عن مفردات العملية السياسية !؟
البرلمانيون ولدوا من أرحام العملية السياسية .. من أبٍ انتخابي عراقي واحد نعم !
عليه ؛ فوجود هؤلاء المواليد البرلمانيين ؛ وإنْ كانوا من صُلْبِ العراق ، لكنهم من بطون الولادات الحزبية و بتوافقاتها بواقع الحال ، فكيف يعلنون اليوم لعنهم لﻷرحام التي ولدوا منها !؟ ثم أنهم – البرلمانيون – جزء من المحاصصة السياسية .. إلغاءهم للمحاصصة يعني إلغاءاً لهم ، وبالتالي إلغاء ما هم قرروه من ترشيحات .. رئاسية و تنفيذية.
ولا أرى إلا ما يجب أن تريده الجماهير الغاضبة ؛ في حل البرلمان و الرئاسات كافة ، واﻹعلان عن موعد انتخابات ديمقراطية مستقلة .. والله من وراء القصد ؛؛؛