23 ديسمبر، 2024 10:05 ص

ماذا تريد أمريكا من سورية…وهل هي فعلآ تريد حل سياسي !؟

ماذا تريد أمريكا من سورية…وهل هي فعلآ تريد حل سياسي !؟

إن حديث جون كيري الاخير عن وجوب حظر للطيران السوري بالشمال السوري ، يؤكد بما لايقبل الشك استمرار أمريكا وحلفائها بحربهم غير المباشرة على سورية ،وهذا بدوره  يؤكد ايضآ وبما لا يقبل الشك أن أي حديث عن تفاهمات وتوافقات وهدن و مؤتمرات هدفها الوصول إلى حل سياسي للحرب على الدولة السورية ، ما هو بالنهاية إلا حديث وكلام فارغ من أي مضمون يمكن تطبيقه على أرض الواقع، فأمريكا وحلفاؤها بالغرب وبالمنطقة كانوا وما زالوا يمارسون دورهم الساعي إلى إسقاط الدولة السورية بكل أركانها بفوضى طويلة تنتهي حسب رؤيتهم بتقسيم سورية ، وإلى حين اقتناع أمريكا وحلفائها بحلول وقت الحلول للحرب على الدولة السورية ستبقى سورية تدور بفلك الصراع الدموي، إلا أن تقتنع أمريكا وحلفاؤها أن مشروعهم الساعي إلى تدمير سورية قد حقق جميع أهدافه، أو أن تقتنع بإنهزام مشروعها فوق الأراضي السورية، وإلى ذلك الحين سننظر إلى مسار المعارك على الأرض لتعطينا مؤشرات واضحة عن طبيعة ومسار الحلول المستقبلية للحرب على الدولة السورية، وعلى الشعب السوري الخاسر الوحيد من مسار هذه الحرب المفروضة عليه.

بهذه المرحلة ،لا يمكن الحديث ابدأ عن أن أمريكا وحلفاءها قد قاموا بإعادة دراسة لاستراتيجيتهم للحرب على سورية، وبدون وجود مؤشرات ميدانية وسياسية توحي بذلك، لا يمكن أبداً الحديث عن مؤشرات لتغيير استراتيجية الأمريكان وحلفائهم للحرب على سورية، فهم اليوم يعودون مجددآ للحديث عن مناطق حظر جوي ، كما أن الأمريكان اليوم يعدون العدة لمعارك كبرى سنعيش تفاصيلها قريباً كما تسرب وسائل الاعلام الغربية بشمال شرق سورية سيدعمون من خلالها أما الاتراك أو الاكراد عبر ما تسمى بقوات سورية الديمقراطية “بالرقة وماحولها ” لقطع الطريق على انجازات الحليفان الروسي والسوري بمناطق واحياء حلب الشرقية ، كما أن أمريكا وحلفاءها ما زالوا يحتفظون ويناورون بورقة “وفد الرياض “كورقة رابحة، وليس كما يعتقد البعض أن وفد الرياض المعارض قد انتهت مدة صلاحيته بالغرب وبالمنطقة، كما أن أمريكا وحلفاءها ما زالوا يمارسون دورهم بالحصار الاقتصادي على الدولة السورية، كما أنهم ما زالوا يسعون لتعطيل أي مسار أو حل يضمن تحقيق حل سياسي للحرب على الدولة السورية، فهذه المؤشرات جميعها توحي أن لا تغيير باستراتيجية أمريكا وحلفائها بحربهم على الدولة السورية، ومن هنا فإن جميع الأقاويل والتحليلات التي تؤكد حدوث تغيير ما بالموقف الأمريكي، ما هي إلا تحليلات فارغة من أي مضمون واقعي.

ومن هنا يبدو واضحاً من خلال تفاصيل ووقائع أحداث الحرب على الدولة السورية، وبالتزامن مع توسع رقعة المعارك بين تنطيم  داعش والجيش العربي السوري في دير الزور بعد الضربة الامريكية للجيش العربي السوري بمحيط مطار دير الزور العسكري، يبدو واضحاً اليوم أن أمريكا وحلفاءها قد عادوا لتكرار نفس اسطوانتهم المشروخة والتي يكررونها منذ خمسة أعوام وإلى اليوم “عن رحيل الاسد و الانتقال السياسي وأن امريكا تدعم ما يسمى بوفد الرياض”، وهذا ما يدحض بشكل قطعي رهان بعض المحللين والمتابعين الذين تحدثوا بالفترة الأخيرة على أن صمت واشنطن بالفترة الأخيرة عن معظم الأحداث التي تجري بسورية، هو قبول بسياسة الأمر الواقع وأن واشنطن قد أقرت بهزيمتها فوق الأراضي السورية، ولكن حقائق الواقع وخفايا ما وراء الكواليس تدحض كل هذه التحليلات. 

ومن هنا يبدو واضحاً أن مجريات الميدان السياسي السوري ومسار المعارك على الأرض لا يوحي أبداً بإمكانية الوصول إلى  حل سياسي دولي توافقي للحرب على الدولة السورية بسهولة، فما زالت المعارك تدور على الأرض وبقوة وزخم أكبر، ومع دوي وارتفاع صوت هذه المعارك، يمكن القول أنه بهذه المرحلة لا صوت يعلو على مسار الحسومات العسكرية لجميع الأطراف، من الشمال إلى الجنوب مروراً بالشرق السوري، فالمعارك تسير بعكس عقارب الحلول السياسية، فكلما سمعنا مؤشرات عن حل سياسي يأتي من هنا وهناك، نرى حالة من التصعيد العسكري غير المسبوق على مختلف الجبهات السورية المشتعلة، وهذا ما يؤكد حتمية أن خيارات الحسم الميداني وميزان القوة بالميدان هو من سيحسم بالنهاية المعركة على الأرض السورية.

ختامآ ،بهذه المرحلة تحديداً من الواضح أن مؤشرات الأحداث بسورية، تعكس حجم الأهداف المطلوب تحقيقها بسورية ومجموعة من الرهانات الأمريكية المتعلقة بكل ما يجري في سورية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيوسياسية للجغرافيا السياسية السورية وموازين القوى في الاقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن اسرائيل والطاقة وجملة مواضيع أخرى ، وهذا ما يوحي بمسار تعقيد شائك دخلته تفاصيل الحرب على الدولة السورية، فطرق الحل والتسويات بسورية تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والرد قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بحلول وقت الحلول، وما لم تنضج ظروف التسويات الدولية – الإقليمية لا يمكن الحديث عن إمكان فرض حلول في المدى المنظور للحرب على الدولة  السورية.
[email protected]