في الليلة التي إتفق فيها بضع شباب من مشركي قريش لإغتيال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكان من بينهم عكرمة بن أبي جهل الذي لم يسلم بعد إقترح البعض منهم أن يتم التسلل لبيت النبي من بيتٍ آخر في ظلمة الليل كي تتم العملية بسهولة فرفض عكرمة هذا الأمر مجيباً الّذين اقترحوه ( ماذا تريدون أن يقول العربُ عنا ؟ صيحوا بنات عمهم ؟!) أي أنَّ للبيوت حرمتها والأعراض حرمتها رغم أنَّ الأمر كان مصيرياً ولا يقبل التراجع أو التأجيل ونقطة الفصل بين الرسول وقريش .. وهو خلقٌ عظيم لا دخل للتدين به .. والصدق والوفاء والمروءة والجرأة بالحق والشجاعة والإقدام والإيثار والمواعيد والتعامل والتعاطف وحسن الجوار أصبحت في مجتمعنا ذكريات فقط ولاوجود لها بالكامل إلا باستثناءات قليلة جداً .. والجسد حين يُصيب أي عضوٍ فيه مرضٌ أو التهاب سيؤدي حتماً الى تعطيل أو تأجيل عمله وقد يتراكم المرض أو الالتهاب ويصبح مزمناً .. فكيف بالروح حين تلتهب ؟ هذا الأمر ليس رمزاً أو إستعارةً لفظية .. نعم الروح تلتهب فتصيب العقل والضمير والوجدان والشرف بالشلل النصفي أو التام .. علماء النفس والإجتماع العرب لم يقدموا حلولاً ناجعة لأمراضٍ إنتشرت كالطاعون بين أبناء أمتنا لأنهم هم أول المرضى في عدم تقديمهم الحلول الصادقة للخراب والفتن التي تنزل كالعواصف والأعاصير علينا بعد أن أبتلينا بأناسٍ يحسبون أنَّ الله لم يهدِّ غيرهم .. ما معنى أن يتحول السياسيون إلى كتلٍ من الكذابين .. وما هو تفسير أننا نادراً من نجد وفياً لعهده أو حافظاً لأعراض الناس .. الخ .. هل أنَّنا توارثنا نقض العهود في دمائنا ؟.. أين ما أقسمنا به بالله العظيم أن نحافظ على وحدة أمتنا وبلدنا وشعبنا .. ما هو التفسير المقنع لهذا المرض وتلك العاهة وذلك العوق في نفوسنا بعد أن تحولت العهود والمواعيد والقسم الى نكتة غير مضحكة .. نادراً من تجد من يُصدق معك القول أو الموعد أو العهد وأندرُ من تجد من يحفظ غيبتك .. مجالسنا أصبحت مثابات للضغينة والرياء والنفاق والمحاباة .. حواراتنا والمحاورون لاهمَّ لهم إلا كي يصبحوا على خطوات من الشهرة وهم سادة التشهير .. أميون كانوا يقبعون في ظلمات التخلف أصبحوا سادةً للعقول والتحكم بمصير العراقيين البسطاء .. عملاء وجواسيس وخونة إستبدلوا أقنعتهم بعد لحظات من دخول العدو ومنهم من كان يحتفظ بأقنعةٍ عدة يستبدلها متى ما شاء وعلى حسب الظروف التي ينتفع بها .. حتى بعضهم من كان سبباً في إحتلال العراق عاد إلى رشده ووطنه العراق الواحد العظيم كي يقترب أكثر من نفوس الناس المفعمة بالوطنية لكنَّ البعض الآخر لم يقتنع ولم يتخذ غير طريق الخراب والفتن والتآمر متناسياً أنَّ من طالب بحقه لا يضيع طال أو قصر .. كلمةٌ واحدة لصاحب الحق والله جلَّ في علاه هو الحق تبقى محفورةً في ذاكرةِ من أسيء له فكيفَ بكَ بالملايين الّذين أبتلوا بهذا الخراب .. هذا الدمار .. الذي نشتركُ في تراكمه وتثبيته وتخليده معاً ..لا أحد يمكنه أن يضع اللوم فقط على الحكومات والمجالس فكلنا حين نُحقق ما نريد نتحول الى كتلٍ من الصمت والسكون والتجاهل (( لله .. الآمر )