عند متابعتنا للقضية الكوردية منذ عدة عقود يظهر جليا ان نضال الشعب الكوردي من اجل حقوقه المشروعة واجهت تحديات كبيرة من قبل الانظمة الحاكمة ومر بظروف صعبة للغاية فضلا على تعرضه لانتكاستين كبيرتين الاولى عند القضاء على حكومة كوردستان في مهاباد في عام 1946 من قبل ايران بمباركة القوى الكبرى وبالاخص الاتحاد السوفيتي السابق والثانية اخماد نار الثورة الكوردية في عام 1957 اثر توقيع اتفاقية الجزائر الخيانية بين نظامي البعث في العراق والشاه في طهران والذي تم مقابلها اهداء نصف شط العرب لايران واخرها كان ماحصل في المناطق المشمولة بالمادة 140 بمؤامرة مفضوحة حيكت خيوطها في غرفة مظلمة بين مايسمى بالحرس الثوري الايراني واشخاص من قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني .
المثير للانتباه ان الانتكاستين التي واجهت الشعب الكوردي وماحصل اخيرا في كركوك والمناطق الاخرى كانت على يد الانظمة الايرانية السابقة والحالية ولكن ليس لأجل مصلحة العراق كما يروج له بل من اجل مصلحة ايران لأبعاد شبح نار الحرب عن اراضيها وشعبها والحيلولة من دون اراقة دماء شبابها وعدم دفع فاتورة الحرب الكبيرة من اقتصادها ، ليدفع ضريبتها العراق وشعبه.
لو نظرنا الى التدخل الايراني السافر في شؤون العراق بعد 2003 نرى وبوضوح ان العراق اصبح محافظة ايرانية فاقدا للاستقلال والسيادة والهيبة وتتحكم طهران بكل صغيرة وكبيرة على جميع المستويات وبالاخص الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية وهي صاحبة القرار النهائي في كل شيء ويدفع العراق ضريبة الحفاظ على الامن القومي الايراني بالمال والدم ، على سبيل المثال قاتلت ايران تنظيم داعش في العراق باموال واسلحة ورجال عراقيين وجعلت من شباب العراق ضحايا لمصالحها ، وفي المؤامرة الاخيرة مع اشخاص من قيادة الاتحاد الوطني على المناطق المشمولة بالمادة 140 هي لم تقم بذلك من اجل مصلحة العراق والحفاظ على وحدته ، بقدر ماهو تبديد لمخاوفها من ان يشكل الكيان الكوردي تهديدا لأمنها الداخلي القابل للاشتعال في كل لحظة وذلك لسطوتها واستبدادها وقمعها للشعوب الايرانية التواقة للحرية من الكورد والعرب والبلوش والاذريين والاقليات الدينية والمذهبية الاخرى.
على اية حال الان العراق بشكل عام واقليم كوردستان بشكل خاص وتجربته امام مرحلة جديدة تتطلب اعادة الحسابات وترتيب الاوراق من جديد.
مايتعلق باقليم كوردستان ينبغي اولا على وسائل الاعلام المختلفة الكف عن الحملات الاعلامية المضادة بينها، التي تتسبب في انقسام المجتمع الكوردستاني وتشنج الشارع الكوردي والتعامل بمهنية ومسؤولية مع مجريات الاحداث وعلى قيادات جميع القوى السياسية وجماهيرها ان تعي خطورة المرحلة والتفكر بشكل عقلاني لطي صفحة الماضي الشائكة والجلوس على طاولة الحوار لمناقشة جميع الخلافات وايجاد حلول لها بروح من المسؤولية الوطنية والقومية العالية و وضع خارطتي طريق ، الاولى لترتيب البيت الكوردي واعادة الثقة للجماهير المحبطة ، والاخرى لمستقبل العلاقات مع بغداد تنسجم مع الواقع الجديد بناء على الاطر الدستورية والقانونية والتواصل المستمر مع القوى الدولية برغم مواقفها من الاحداث الاخيرة.