18 ديسمبر، 2024 9:37 م

ماذا بعد مؤتمر الكويت؟

ماذا بعد مؤتمر الكويت؟

منذ ايام والعراقيون منشغلون بمؤتمر المانحين الذي ضيفته الكويت لاعادة اعمار ماخربه “الاشرار”، والذي اصبح الفيسبوك منبرا لطرح الافكار وتبادل الاتهامات بشأنه، حتى وصل الامر الى نشر مقطع فيديوي يظهر شخصا كويتيا يتحدث من داخل سيارته الـ”فور ويل” عن انزعاجه من دعم بلاده للعراق مستذكرا “الجرح الذي مازال غائرا”، ووجه انتقادا حادا لحكومته بانها تتصرف باموال الشعب من دون وجه حق، لكنه اختتم حديثه متسائلا “كيف تسلم تلك التبرعات لحكومة ونواب لصوص سرقوا أموال شعبهم” ويصرخ بعدها غاضبا “ياجماعة العراق أغنى من الكويت وعنده نفط وزراعة ومايحتاج تجمعوله تبرعات”،.

تلك التساؤلات لم تكن بعيدة عن رأي غالبية المواطنين ومنهم “العبد الفقير”، فكيف لبلد مثل العراق بثرواته التي تحت الارض وفوقها ان ينتظر “صدقات” قادة الدول وشركاتها، وهو الذي أنفق على الطاقة الكهربائية لوحدها منذ العام 2003، اكثر من أربعين مليار دولار والذي يعادل ميزانية سنوية لاربع دول أفريقية، ومنها اثيوبيا التي اقرت ميزانية تبلغ نحو 12 مليارا و631 مليون دولار خلال العام 2017، في حين تعادل الأموال التي ذهبت لجيوب السراق كلفة اعمار المدن التي دمرتها الحرب العالمية الثانية في ألمانيا واليابان بعشرات المرات.

وبالعودة الى الوراء قليلا واستذكار نائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي وهو يبلغنا بان راتبه الشهري يتجاوز المليون دولار، سندرك جيدا بان مئات المؤتمرات لن تعيد بناء العراق قبل القضاء على الفساد والمفسدين، الذي خلق وجوده مخاوف للمشاركين في مؤتمر الكويت.

فصفة السراق التي أطلقها المواطن الكويتي على ساستنا “الجهابذ” كانت تقلق الشركات الاستثمارية والدول المانحة، ليخرج ألامين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق معترفا “بوجود فساد كبير وعجز الحكومة عن توفير الضمان لسلامة تلك الأموال اذا مرت بيد الحكومات المحلية”، لكنه همس للمشاركين قائلا بان “منظماتهم ستمنح تصاريح دخول للعراق للاشراف على عمليات الإعمار”، العلاق تحدث وكأنه مطمئناً بان ذاكرة المواطن “سمكية” وقد لا يستذكر ماحصل قبل ايام حين ما وجه كتابا يأمر فيه بقطع رواتب الموظفين واصحاب العقود الذين يمتنعون عن تحديث بطاقاتهم الانتخابية، هل تذكرتم تلك الوثيقة التي أحرجت رئيس الوزراء وأمر في حينها بفتح تحقيق لكشف الحقائق، لكن النتيجة لم تظهر حتى الان وأصبحت من الماضي كحال غيرها من الوثائق وأدلة الفساد.

لكن ياسادة، العلاق لم يكن الوحيد من حزب الدعوة المنشغل بكيفية الحصول على أموال مؤتمر الكويت حتى لو اضطروا لتغيير جزء من القناعات “مؤقتا” وتجاوز بعض الخطوط الحُمر، ليفاجئنا رئيس كتلة الدعوة النيابية خلف عبد الصمد في لقاء متلفز وهو يوجه دعوة لاعتبار ناحية السيبية وقضاء الفاو في محافظة البصرة مناطق محررة وضرورة شمولها بإعادة الإعمار، ليخبرنا عبد الصمد ان “السيبية والفاو مناطق تم تحريرها من قوة اجنبية وهي الجيش الإيراني حينما سيطر عليها خلال حرب الثماني سنوات” ياسيادة النائب هل اصبحت ايران، اليوم، دولة محتلة بعد ان كنت تتغزل بها خلال سنوات حكم زعيمكم المالكي، ولماذا تذكرت احتلالها مع انعقاد مؤتمر المانحين وتجاهلته حينما كنت محافظا للبصرة ايام الموازنات الانفجارية.

الخلاصة ان مؤتمر الكويت هو اختبار اخير لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، لإثبات نواياها في محاربة الفساد ورسم صورة مغايرة لصفة “اللصوص والسراق” التي أوصلها ساستنا للعالم، نعم هو فرصة لإنقاذ البلاد من الصفقات المشبوهة التي أعيت الجسد العراقي منذ 15 عاما، لكن السؤال،، هل يتمكن العبادي من النجاح بهذا الاختبار والحفاظ على تعهداته؟، الإجابة ستكفلها ايام مابعد المؤتمر.