23 ديسمبر، 2024 10:31 م

ماذا بعد غزوة باريس…؟

ماذا بعد غزوة باريس…؟

تعرضت فرنسا الى سلسلة من التفجيرات الاجرامية ،راح ضحيتها المئات من الضحايا الابرياء ، وأعلن تنظيم داعش فورا مسئوليته عن العمليات ، وهذه ليست المرة الاولى التي تتعرض لها مدن فرنسية الى مثل هكذا تفجيرات انتحارية يقوم بها التنظيم ،ولكن هذه التفجيرات هي الاعنف والأقوى والأبشع والأخطر ،ليس على فرنسا وإنما على العالم كله ، لذلك علينا قراءة ،ما قبل تفجيرات باريس والتي اطلق عليها تنظيم داعش ب(غزوة باريس)، وكذلك قراءة ما بعد غزوة باريس ليتسنى لنا وضع الاحداث ومسبباتها ونتائجها في سياقها الطبيعي ، دون القاء اللوم على داعش وأخواتها ، او على دولة واحدة من دول الشرق الاوسط المبتلي بداعش وماعش وما حولها من ميليشيات(صارت بقوة دول)، ومن دول مارقة تفرخ الارهاب وتدعمه وتسلحه وتوجهه لتنفيذ اجندتها السياسية والدينية في المنطقة ، لذلك لابد من تسمية الاشياء بمسمياتها ،دون اللف والدوران والتدليس والتسويف وانتظار غزوات اخرى وتفجيرات (وهذا متوقع جدا) اقسى وأمر ، لاسيما وان داعش وبتواطؤ دولي، يرسل غزواته بحرية الى دول اوربا بحجة النزوح الجماعي والهجرة  وغيرها، ولديه اعدادا هائلة من خلاياه النائمة من سنين هناك ابتداء نعود الى جذور الارهاب ، في منطقة الشرق الأوسط فلا نرى له اي حضور ، الى ان ظهر لأول مرة  بعد تفجيرات برج التجارة العالمي ،واتجهت الانظار فورا الى العراق،بالرغم من ان تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن اعلن بنفسه عن مسئوليته عن العملية التي اسماها غزوة نيويورك ، بعد ان انقلب (بن لادن وتنظيمه) على امريكا وأدار لها ظهره بعد ان كانت تدعمه ضد التواجد السوفيتي في افغانستان،وبعد (تحرير افغانستان ) واستلام السلطة من قبل طالبان ،انقلبت على (ولي نعمتها)، وأرسلت له غزوة نيويورك المشهورة،اذن من يصنع الخلايا ويرسلها لترويع وقتل الشعوب هو المسؤول عن جرائمها ، فيما بعد ، فداعش هي السبب ، ولكن المسبب هي ادارات امريكا ،هي من تصنع هذه التنظيمات الارهابية مع الصهيونية وتخطيطها المباشر لأفعالها وتوجيهها في العالم كله، نعم تنظيم الدولة الاسلامية(داعش) له مشروعه العالمي لإقامة الخلافة ظاهريا ،وهذا نفسه شعار اسامة بن لادن( وهما مختلفان )،ولكن داعش تمددت وتوسعت بأخطاء امريكا  التي تمردت عليها داعش بعد اعلانها (الخلافة في العراق والشام)، كما تمرد بن لادن عليها بعد ان استلم السلطة في افغانستان ، وبغض النظر الى الاجندة الامريكية وإستراتيجيتها ، التي تتقاطع مع مشروع تنظيم داعش وإستراتيجيته في اقامة مشروعه الاسلاموي في العالم،الا انهما يلتقيان في التنفيذ، في ان تجعل امريكا داعش اداة لتنفيذ اجندتها ومشروعها في اقامة الشرق الاوسط الكبير الذي يتمظهر الان بشكل واضح في العراق وسوريا ويكاد يكون حقيقة ماثله في حين تستخدم داعش اقصى امكاناتها البهلوانية والشيطانية للاستفادة من الدعم الامريكي لها والتمدد على حسابها لتحقيق هدفها ، سواء كان هذا بموافقة امريكا او بدون موافقتها ، او سواء كان هذا بتخطيط منها او رغما عنها ،ولكن النتيجة واحدة وهو ان داعش اصبح وبفضل امريكا يهدد العالم كله واول من يهددها هي امريكا ، وهكذا انقلب السحر على الساحر ، كما حصل تماما مع تنظيم القاعدة وبن لادن،(بالمناسبة لم نعد نسمع لها اية عمليات ) ، اذن من هنا كانت جذور داعش تتشكل لتغزو العالم ، فاحتلال العراق وتدميره ونشر الفوضى الخلاقة فيه ،كان مبنيا على كذبة دعم الارهاب والعلاقة مع القاعدة، وهكذا سوريا وليبيا واليمن وغيرها، اذن تهمة الارهاب كانت جاهزة ووصفة مضمونة تبرر غزو الدول وتدميرها ، ولكن كيف يحصل هذا ،اذن لم تجد امريكا وصنيعتها الخلايا الارهابية ان تتشكل بدون (حاضنة) ودعم اقليمي ، فكانت ايران المعين وساحة التدريب العسكري لخلايا الارهاب بكل صنوفها ومشتقاتها،فالقاعدة وقادتها تتدرب وتتسلح وتمول في ايران وتسكن للان عوائلها هناك، وكذلك تنظيم داعش يتسلح ويتدرب (وحسب وثائق موجود تؤكد هذا) في ايران وتتنقل منها الى اوروبا ،وتنفذ عملياتها بتوجيهات ايرانية ، وكذلك تنظيمات ارهابية اخرى مثل الميليشيات العراقية ال(58) ميليشيا، وحزب الله ومقاتليه، ايران مفرخة للإرهاب الدولي كل التنظيمات والميليشيات تتدرب في معسكراتها، وتتسلح من ترسانتها الحديثة بكل انواع السلاح ، والصواريخ وغيرها، وهذا كله يجري بعلم امريكا ودول اوروبا ، اليس كذلك، لان هذه التنظيمات والميليشيات الاجرامية تعتبرها الدول الغربية والأمريكية موجه ضد الدول العربية تحديدا لإنهاكها وإشغالها في حروب طويلة طائفية وقومية وعنصرية ومذهبية ، لتنفيذ مصالحها الاستراتيجية،في المنطقة ، وما يحصل في العراق وسوريا من حرب طائفيه وصناعة ادوات للحرب الطائفية بأسماء ومسميات طائفية تتقاتل فيما بينها  بسلاح غربي ودعم امريكي واضح ومعلن ، هو ما جعل المنطقة تعيش احترابا طائفيا ،احرق المنطقة في اتون حروب لا تنتهي الى الأبد وظهور مئات التنظيمات الارهابية والحركات والميليشيات الطائفية التي يدربها ويسلحها الغرب وامريكا وروسيا وإيران، وخاصة ما ظهر منها الان في العراق وسوريا ،هل تريدون ذكرها( ميليشيات ايران ال58 والجيش الحر وفتح الشام والنصرة وأحرار الشام وداعش وحزب الله اللبناني وعشرات اخرى)، وكلها تحمل افكارا اسلاموية متطرفة جداا، اهدافها معلنة للجميع ، لذلك ليس غريبا ان تدخل المنطقة ازاء هذا الكم الهائل من الحركات والتنظيمات في اتون الحرب والإرهاب وينعكس هذا على دول ألجوار فأول من اكتوى به لبنان ثم تركيا والسعودية والكويت والبحرين ،وغيرها، قبل ان يتجه ولأهداف معروفة الى اوروبا ، حيث كانت محطته الاولى (فرنسا) في تفجيرات ارهابية مؤلمة والهجوم على صحيفة شارل ايبدو، وقتل كادرها ، وانتشر الى دول اوروبا الاخرى وبشكل اقل ،حتى تأتي غزوة باريس المروعة لتغطي وتجلل على كل شي وتصيب العالم كله بذهول ،فلماذا باريس وليس طهران ، ففرنسا هي من يدعم رحيل الاسد وتلتقي مع اهداف داعش في رحيله، والطائرات الفرنسية لم تشن على اهداف داعش كما هي الطائرات الروسية ، ووجودها في سوريا والعراق محدودا قياسا الى روسيا وأمريكا وايران التي يقاتل (حرسها الثوري وميليشياتها وحزب الله التابع لها) داعش هناك ، في حين لا يوجد لفرنسا اي تواجد عسكري هناك ولا قواعد ،فلماذا استهدافها بهذا الشكل الدموي الهمجي الوحشي،دون غيرها، بالتأكيد الاسباب واضحة ، ان اليد الايرانية واضحة هناك من خلال الموقف الفرنسي الثابت لرحيل الاسد ونظامه ، وإصراره على وجود سورية بلا اسد  بكل تأكيد والدليل ان بشار الاسد ظهر فورا بتصريح يتشفى بما حصل ويبارك هذا الفعل الاجرامي ولو تلميحا ، اذن الموقف الفرنسي من نظام الاسد جاءت التفجيرات للضغط على فرنسا وغير فرنسا لتغيير مواقفها من القضية السورية، لاسيما وان من الدلائل التي وجدت على منفذي العمليات تشير الى ان المهاجرين (العراقيين من الميليشيات التابعة لإيران ) هي من نفذ التفجيرات الانتحارية ، وهذا يؤكد الصلة الحقيقية المؤكدة بين تنظيم داعش وايران ، وخضوعه لأوامرها وتوجيهاتها وأجندتها، كما اشرنا في بداية مقالنا هذا، اذن غزوة باريس، وغزوات اخرى مقبلة ،هي من صنع ايران وخلاياها التي تديرها في المنطقة …وسنرى حتما غزوات اخرى تنتظرها دول اوربا في الايام القادمة وتعلن داعش عن مسئولية تنفيذها ،لهذا نؤكد ان امريكا تصنع الارهاب وايران تنفذه وكل يعمل لأجندته ومشروعه في المنطقة ….