….. وانتهت الايام العشرالاولى من شهر محرم التي هي من اصعب ما يمر على المسلم المخلص المتبع لكتاب ربه والمتمسك بسنة نبيه حيث استذكرنا من غير نسيان كيف عاش افض خلق الله في زمانه الامام الحسين ومعه اهل بيته واصحابه رجالا ونساءا واطفالا , شيوخا وشبابا اياما صعبة على التاريخ والوجود البشري انطوت صفحاتها بان تلطخت عقول وقلوب واجساد وسيوف وتاريخ جيش يزيد بن معاوية ومن وراءهم ومن أيدهم الى يوم الدين بالدم الطاهر للحسين بن علي إمام زمانه وسبط نبي الامة ومن استشهد معه من اهله واصحابه .
فكان فريق يحارب لاجل ان يثبت حكم الفاجر يزيد وينال منه مكاسب دنيوية سرعان ما زالت وفي المقابل فريق مازل التاريخ وسيبقى يسجل لهم انتصار المباديء والاخلاق التي حملها الامام الحسين ومن معه ونبل وشرف الغاية التي خرجوا لاجلها وهي الاصلاح هذا المبدا والوسيلة والغاية التي قدموا ارواحهم لها فداءاً …..
وأدينا مراسيم العزاء كل عل شاكلته فمن تعبد واكثر من قراءة القران ومن شارك في المحاضرات الدينية بالمناسبة وطبر من طبر ولطم من لطم وهنالك من سار بحشود كبيرة الى كربلاء لزيارة مرقد الامام الحسين والشهداء الذي ارتفعوا معه في واقعة الطف الخالدة وآخرون قدموا التسهيلات للزوار والمواكب من طعام وشراب واماكن للمبيت وما شابه …..
ولكن ماذا بقي بعد عاشوراء الثورة والشهادة والاصلاح ؟
وما هو المطلوب من احباب الامام الحسين عليه السلام ؟
الاصلاح … ان رفض الظلم والفساد وعدم اتباع الظالمين والفاسدين الذي يحتلون مناصب ومسؤوليات كبيرة ومهمة تنفيذية وتشريعية في البلد وسحب الثقة الشعبية منهم وتوضيح دورهم السلبي والتخريبي عبر وسائل الاعلام المختلفة وعدم تجديد البيعة والموالاة لهم والعمل بمختلف الوسائل المتاحة والمقبولة شرعا وقانونا لازاحتهم من مواقعهم واستبدالهم بآخرين يعرف فيهم الصلاح والاصلاح والنزاهة والكفاءة والاخلاص …
الاصلاح … فحبك لاخيك الانسان مهما كانت عقيدته الدينية وانتماؤه الفكري والسياسي وتفرعه المذهبي وحسن الخلق معه ,على الصعيد الاجتماعي الواقعي والتواصل الافتراضي واللقاءات الطارئة , في السلوك والحوار المؤدب والاحترام المتبادل والابتعاد عن التشنجات في الكلام والتصرفات واشاعة الرحمة بين الناس والدعوة الى التكافل الاجتماعي وتبنيه ونشر ثقافة التسامح والعفو وان نحمل الاخرين بمحامل حسنة ولانطعن بهم وحسن التعامل بين افراد العائلة كبيرهم وصغيرهم بناتهم واولادهم وحسن العلاقات بين العوائل والجيران واستنادها على الثقة والاحترام وعدم التعدي وحفظ مال وعرض الاخر في حضوره وغيبته…
الاصلاح … فتنظيف بيتك وشارع شارع مسكنك ومسارك ومنطقتك والدعوة والمشاركة في تنظيف مدينتك من الاوساخ التي تضر بالصحة وتشوه جمال المكان وازاحة الاذى عن طريق المارة وعدم وضع المعرقلات في الطرقات والارصفة والتزام الزوار برمي مخلفات الاكل والشراب في الاماكن المخصصة لها ومبادرة اصحاب المواكب لرفع كل آثار الطبخ والاقامة لايام ونصب السرادق في الشوارع والساحات والارصفة وتنظيف الاماكن التي كانوا يستغلونها لعملهم …
الاصلاح … ان الاقتصاد في المصاريف المالية لهذه المناسبة وامثالها الى ابعد الحدود وعدم الاسراف والتبذير في الاكل والشرب لتقليل حصول فائض منه يرمى في المزابل بينما تحتاجه الكثير من العوائل والالتفات الى الفقراء والمعوزين وخصوصا الارامل واليتامى في هذه الايام ودعمهم معنويا وتلبية احتياجاتهم المادية بما يحميهم من البرد والحر والمطر والجوع والفقر والمرض والحاجة والذلة …
الاصلاح …ان اخلاص الاستاذ الجامعي والمدرس والمعلم والطبيب والموظف والجندي والضابط والشرطي وغيرهم في مختلف القطاعات في عملهم واتقانه وانجازه بدقة وتقديم خدمتهم المهنية بافضل ما يكون …
الاصلاح …اخلاص رجل الدين مع الناس وصدقه بالتعامل معهم بعيدا عن المنافع المعنوية والمادية وتحبيب العلم والتقدم وخاصة للطلاب وحثهم على الدراسة وتوفير الفرص والاجواء المناسبة لهم لتحقيق النجاح ومحاربة البدع ونشر الفضيلة والاحترام والتقدير بين الجميع وان يكون امام الناس في تقديم المساعدة للاخرين وقضاء حوائجهم واصلاح احوالهم وحل مشاكلهم وازالة الفوارق الاجتماعية بينهم المبنية على اسس المال والسلطة والجاه بعيدا عن الصلاح والاخلاق الحميدة واتخاذ المساجد دورا للعبادة والاخاء بعيدا عن الطائفية والنزاعات وعدم استغلال جهل البعض وعواطف الاغلبية لتوجيههم بما يخالف الرحمة والاخوة الدينية وتربية الشباب على حب الوطن والتعايش السلمي مع المواطنين من كل الانتماءات …
… كل ذلك هو صور من الاصلاح الذي يريده الامام الحسين ويوصينا به وخرج لاقامته واما خلافه فهو ظلم وفساد وخروج عن خط الامام الذي اداه في عاشوراء والعمل بعكس ما يريده … ولنا ان نختار.
فلننظر في تفكيرنا وحوارنا وسلوكنا وعلاقاتنا هل نحن مصلحون حسينيون ام اننا على خلاف ذلك فعلينا ان نبادر الى الاستفادة من هذه الايام ونراجع مسيرتنا لاصلاح احوالنا ونتمسك حقيقة بمنهج الامام الحسين الذي رفع راية الاصلاح ودعانا اليها ومازال صوته يدوي في الافاق :
(هيهات منا الذلة /
انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي )
فسلام منا عليك يامدرسة الاحرار وملهم الثوار
وهنيئا لمن استجاب لنداء الامام الحسين وطبق بواقعه : لبيك ياحسين
لبيك يا حسين نحن لها