23 ديسمبر، 2024 12:53 ص

الانتصارات تتوالى والزحف نحو مدينة الموصل مستمر بهمة الابطال من قواتنا الامنية والحشد الشعبي لتحقيق النصر والفتح ان شاء الله، ولكن السؤال الذي نحاول الاجابة عنه ماذا بعد داعش؟، هل سيستمر الاقتتال؟ وان كان سياسيا بما يعرف بسياسيي داعش؟ ام هناك فرضيات اخرى؟ كظهور داعش بمناطق اخرى، ام يتم تجزئة العراق الى دويلات؟، او ستظهر لنا قوى ظلامية اخرى بمسمى جديد؟.
ان صحت اي من الفرضيات السابقة او غيرها ولكي يتم قطع الطريق امام القوى الظلامية، ولبناء عراق جديد يتلائم مع هذه المرحلة وتحدياتها، لابد من اعادة ترتيب بيته الداخلي وتسوية خلافاته التي تراكمة طيلة الفترة الماضية وذلك يكون بالجلوس الى طاولة مستديرة تجمع كل الاطراف والاطياف بحوار وطني عقلاني هادف الى وحدة العراق واستقراره للخروج من هذه الدوامة التي لازالت تعصف بالبلاد والعباد من زمن ليس بالقريب.
ونذكر هنا لسنا نحن فقط العراقيون من مر بمثل هكذا ظروف فقد سبقتنا دول بذلك، ومن الممكن استخلاص التجارب والعبر منها، فهذه لبنان مثلا وهو بلد يشبه العراق في الكثير من النواحي منها تعدد الاديان والقوميات والمذاهب وحرب الانابة على ارضه وغيرها، فكان (لبنان) مسرحا لاقتتال اهلي دام لاكثر من (١٥) عام، فقد شاركت فيه كل الطوائف والإثنيات بالإضافة إلى الدور الفلسطيني والسوري وحتى الإسرائيلي، فذلك الصراع الدموي راح ضحيته قرابة (١٥٠) الف قتيل من كل المكونات لم يسلم منها احدى وتشريد (٤٠) الف مواطن و تسجيل (١٧) الف مفقود ومخفي قسرا، علما ان عدد اللبنانيون لا يتجاوز الخمسة ملايين نسمة بحسب اخر الاحصائيات، وفي النهاية ذلك الصراع لم يجدوا مفرا من الجلوس الى طاولة واحد والتفاوض للوصل الى تسوية او اتفاق وقد انجز ذلك باعلان اتفاق الطائف عام (١٩٩٠).
لابد من الاستفادة من تلك التجارب وحتى السابقة التي مررنا بها خصوصا اذا كان ثمنها دماء بريئة زكية، وذلك يكون بوضع خارطة طريق لانهاء المخاض العسير الذي لازال مرافقا للعملية السياسية، وما التسوية الوطنية او التاريخية او المبادرة الوطنية للسلم وبناء الدولة التي اطلقها التحالف الوطني العراقي لانهاء حالة التقاتل ليس ميدانيا فحسب بل وحتى سياسيا واجتماعا، والذي من الممكن ان يصل بالعراق الى بر الامان ومن كان له ملاحظات او اعتراضات فاعتقد ان الباب مشرعا للدخول والتفاوض بعيدا عن المزايدات والمناكفات السياسية.ونشير هنا ايضا الى تجربة المانيا فبعد توحيد الالمانيتين (بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قام كل من الاطراف المتنازعة ببناء جدار فاصل في المانيا وانقسمت الى نصفين ابتداءا من العاصمة برلين سميت بالشرقية بقيادة المعسكر الشيوعي والغربية بقيادة المعسكر الراسمالي)  وبعد سقوط هذا الجدار عام (١٩٩٠) لم يتم الاقتتال السياسي ولم يثني القوى هناك من اعادة الاندماج والتوحد على الرغم من الاختلاف الكبير بينهما الذي امتد لعقود ابتداءا من النظام السياسي وانتهاءا بالاقتصادي.واقول للمعترضين والمشككين بهذه التسوية، ان حقن نهر الدم الجاري طيلة هذه السنين لهو من الامور التي تعد من صلب الصفة الانسانية فاصلاح ذات البين خير فمابالك بحقن دماء شعب كامل، فالانسان اغلى واسمى من ما تدعوننا اليه.واخير املنا كبير بهذه المبادرة ومتبنيها والتي عسى ان تعيد رسم خارطة سياسية جديدة تحت سقف الديمقراطية تنصف الجميع وبالتعاون والتكاتف مع المخلصين من السياسين للوصل بهذا البلد الى بر الامان.