مع تساقط بؤر الإرهاب تحت ضربات الجيش العربي السوري ، تتساقط معها أحلام وأوهام عاشها بعض المغفلين الذين توهّموا سهولة إسقاط سورية ، فبعد سلسلة الهزائم التي مُنيت بها هذه القوى الطارئة والمتآمرة ، بدأت هذه القوى إعادة النظر في استراتيجيتها القائمة والمعلنة اتجاه سورية ، ونحن نلاحظ أنّ حجم الضغوط العسكرية في الداخل السوري بدأ بالتلاشي مع انهيار بنية التنظيمات الإرهابية ، وخصوصاً بعد إشعال الجيش وقوى المقاومة الشعبية معارك كبرى وعلى عدة جبهات ، فمنذ مطلع هذا العام لاحظ جميع المتابعين لمجريات الحرب التي عصفت وما زالت تعصف بسورية تغيّراً مضطرداً في قواعد اللعبة السياسية والعسكرية ، والذي يصبّ في مصلحة الدولة السورية التي كسبت نقاطاً عدّة ، بينما خسرت قوى التآمر الكثير من نقاطها ، بل تعرّت في شكل كامل أمام الجميع.
وبقراءة موضوعية للأحداث على الأرض السورية ، هناك مؤشرات إلى تحسُّن ملحوظ في ما يخصّ الأمن المجتمعي والأمن الاقتصادي ، رغم حجم المأساة التي لحقت بالسوريين نتيجة الحرب على وطنهم.
وفي السياق نفسه ، هناك رؤية بدأت تتبلور في أروقة صنع القرارات الدولية حول الملف السوري ، وتركز هذه الرؤية على وجوب تجاوز فرضية إسقاط الدولة والنظام في سورية ، لأنّ الوقائع على الأرض أثبتت عدم جدوى هذه الفرضية.
لقد تجاوزت سورية المرحلة الأصعب من عمر الحرب المفروضة عليها، ومهما حاولت دول التآمر إعادة الأمور إلى سياقها المرسوم وفق الخطة المرسومة لإسقاط سورية ، فإنّها لن تستطيع الوصول إلى أهدافها ، لأنّ حقائق تلك الحرب تكشفت للجميع، لذلك أقرّت القوى المتآمرة على سورية بأنّه يجب التعامل معها بأسلوب مختلف ، والانفتاح عليها لأنها ستكون ، بصمودها هذا ، محوراً جديداً في هذا العالم ، وسيحدّد هذا الصمود شكل العالم الجديد.
الدولة سورية تعرّضت ومازالت لحرب قذرة ، لذلك من الطبيعي أن نجد اليوم كمّاً هائلاً من الإرهابيين قد دخل إلى سورية ، بهدف ضرب المنظومة السورية المعادية للمشروع الصهيو ـ أميركي ، وضرب الفكر العقائدي المقاوم لهذه المشاريع ، وخصوصاً المنظومة العقائدية للجيش العربي السوري واستنزاف قدراته اللوجيستية والبشرية ، كهدف تتبعه أهداف أخرى في المنظومة الاستراتيجية للمؤامرة الكبرى على سورية ، لأنّ تفكيك الدولة يستلزم تفكيك الجيش ومن ثمّ المجتمع ومن ثمّ الجغرافيا ، وكان هذا الرهان هو الهدف الأساس من عسكرة الداخل السوري.
ومع استمرار انتصارات الجيش العربي السوري وتماسكه وتلاحم الشعب مع هذا الجيش العقائدي ، انهارت في شكل تدريجي أهداف هذه المنظومة ، أمام إرادة الجيش وتلاحمه مع كلّ كيانات الداخل السوري من شعب وقيادة سياسية رغم محاولات شيطنته إعلامياً من قبل وسائل الإعلام المتآمرة ،في هذه المرحلة من الواضح أيضاً ، أنّ لتماسك وتلاحم القوى الوطنية في الداخل السوري ، والتي تؤمن جميعها بقضيتها والمتفهّمة لحقيقة وطبيعة هذه الحرب من حيث أبعادها وخلفياتها ، دوراً بارزاً بالتصدّي لهذه المؤامرة ودعم مسارات عمل الجيش العربي السوري ، ومن هنا فقد أجهض هذا التلاحم لثلاثية الجيش والشعب والقيادة السياسية خطط المتآمرين وأسقط أهدافهم بالتضحيات الجسام ، فالمؤسسة العسكرية السورية ، ورغم كلّ ما أصابها ، أرسلت رسائل واضحة وأثبتت أنها مؤسسة عميقة ووطنية وقومية جامعة ، لا يمكن إسقاطها أو تفكيكها ضمن حرب إعلامية ، أو خلق نقاط إرهابية ساخنة في مناطق متعدّدة لمواجهتها ، فانتفاضة الجيش العربي السوري الأخيرة والسريعة في وجه كلّ النقاط الساخنة وبدعم كامل من غالبية الشعب السوري ، شكلت حالة من الإحباط عند أعداء سورية ، وأدّت إلى خلط أوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة ، وأسقطت يافطة «إسقاط سورية» ، بتلاحم الجيش والشعب والقيادة السياسية.
ختاماً ، علينا أن نقرّ جميعاً بأنّ صمود الجيش العربي السوري والتلاحم بين أركان الدولة وشعبها وجيشها للحفاظ على وحدة الجغرافيا والديموغرافيا من الأعداء والمتآمرين والكيانات الطارئة في المنطقة والتي تحاول المسّ بوحدتها ، ما هو إلا فصل من فصول قادمة سيثبت من خلالها السوريون أنهم كانوا وما زالوا وسيبقون بتكامل وحدتهم ، صفاً واحداً ضدّ جميع مشاريع التقسيم ، وسيستمرّون في التصدّي لهذه المشاريع ، إلى أن تعلن سورية أنها أسقطت المشروع الصهيو ـ أميركي ، وانتصرت عليه ، وهذا ليس ببعيد بل يبدو أنه قريب جدّاً.