ربما يكون تحرير المدن التي احتلها العدو, اكثر سهولة من إعادة اعمارها وتاهيلها, لتعود الى ما كانت عليه.. بنية متكاملة, وهيئة جميلة وراقية.. بنشاطها وحركتها التجارية . مع ان بعض المدن التي دمرتها الحروب لم يجد معها الترميم نفعاً.. من منطلق أن إعادة الإعمار عملية لا تقتصر على تشييد العمارة فقط وإنما تشمل عملية البناء الواسعة التي تبدأ بإعادة تشكيل البيئة المحيطة بمتطلباتها من الخدمات والهياكل والبنى التحية وتمتد إلى جوهر الانسان الذي خربته الحرب, هي عملية إعداد واسعة للإنسان الجديد, الذي خرج من تحت أنقاض الحرب ليستلهم معاني الحياة في صورتها الجديدة التي لا تتوقف عند ترميم هذا المبنى أوذاك وإنما بما تحمله من آمال عريضة وأحلام واسعة وثقافة متجددة.
والموصل بعد الحرب, لا يحتاج إلى ترميم, وإنما إلى إعادة إعمار كاملة يجب أن تبدأ الآن في المناطق المحررة، والتي سيكون التعامل معها انموذجاً لما نتوقعه من إعمار.
إن على القائمين على المناطق المحررة.. أن يعيدوا صياغة فكرة الترميمات الجزئية في إطار رؤيا شاملة لإعادة الإعمار، ويبحثوا ذلك بصراحة ومسئولية مع جميع الجهات.. فمصداقية العلاقة المستقبلية تبدأ من هذه النقطة التي أعتقد أن طرقها في اللحظة الراهنة والبدء بتنفيذها سيستعيد المبادرة التي افتقرت إليها العلاقة خلال المرحلة الماضية. ان مدينة الموصل, التي عرفت بتاريخها العريق, واسمها المدوي عبر الحقب التاريخية القديمة, والتي كانت سراج بيتا للعلماء والادباء والفنانيين الكبار, الذين اثروا العالم بعلومهم ومواهبهم العظيمة, لازالت تحتاج الى التكاتف والتعاون من اجل اعادتها الى الحياة مرة أخرى, لتكون شاهدة على التعايش السلمي بين جميع الطوائف التي استوطنتها منذ الازل. وعلينا ان نعيد الروح الأخوية والتعاضد الذي ضمن الامن والسلام للجميع.. دون استثناء, وان ناخذ العبر, من الأخطاء التي وضعت الجميع في خندق العدو, واحالتنا الى قتلة نحارب بعضنا بعضا.
ان العراق اليوم, يتوحد جيشا وشعبا, وعليه ان يؤسس لعلاقات جديدة.. ينتفي فيها النفس الطائفي والتشدد والغلو.. والى الابد. ويسترجع العلاقات الاخوية التي طالما افتخرنا , بعفويتها وطيبتها , وبكينا على ايامها الخوالي .. التي نسأل الله عز وجعل ! ان يعيدها علينا .. بكل ما فيها من صفاء وتعاضد وتضحية [ وحب الاخ الحقيقي , لاخيه ] ..