حدثان أعادا للعرب هيبتهم وثقلهم الاقتصادي والسياسي العالمي، هما الحدث الرياضي الأبرز، هو إحتضان قطر لمونديال كأس العالم لكرة القدم ،بنجاح فاق الخيال ،وتصدّر فريق المغرب النتائج، والحدث الآخرهو إحتضان المملكة العربية السعودية،للقمة العربية – الصينية، بحضور لافت للرئيس الصيني ،وشاركت فيها الدول الخليجية ومصر والعراق والسودان وموريتانيا وجيبوتي واليمن والمغرب وغيرها، فكانت بحق قمة القمم،من حيث أهميتها الإستراتيجية الاقتصادية والجيوسياسية، في أحلك ظرف تمرّ به الدول العربية، ومنطقة الشرق الاوسط عموماً،محتوى هذه القمة هو إقتصادية (بحت)، ظاهرياً، تمّت الدعوة الى التكامل الاقتصادي والأمني والسياسي، وتم توقيع إتفاقيات إقتصادية هائلة بين السعودية والصين،في مجال التجارة والطاقة والتسليح والنفط وغيرها،ولكن المحتوى الأبرز هو رسالة سياسية شديدة القوة، الى إدارة بايدن ،وإيران وروسيا،وتعدّ إنقلاباً سعودياً على السياسة الخارجية الأمريكية من قبل السعودية، دون أن تلمّح بذلك ،كلمة الملك أو ولي العهد السعودي،ولكنها رسالة وصاروخ باليستي لإدارة بايدن،رداً على الإجراءات الامريكية ضد السعودية، وتجاهلها للخطر الذي تواجهه السعودية والمنطقة ،من تحديات كبرى ، من قبل إيران وأذرعها ( الحوثي وقصف حقول النفط )، وتهديدات إيران للهجوم العسكري على المملكة ، كما يصرَح القادة الإيرانيون ،وتوقّف تسليح المملكة والإمارات،ضمن صفقة الطائرات،وأسلحة الردّع الامريكية الحديثة،وتناقض وإنحناء إدارة بايدن للإرهاب في سوريا والعراق ، وعدم جديتها في مواجهته والقضاء عليه، لا بل الوقوف بجانب الإرهابيين ،وتزويدهم بالسلاح وغيره،والقمة رسالة واضحة ، وإنعطافة تاريخية هامة بالنسبة للعرب، والدول الخليجية،وذلك لأسباب إستراتيجية، أن الصين ليس لديها أطماع عسكرية ،في منطقة الشرق الاوسط وتحديداً الدول العربية،عكس أمريكا التي غزتْ العراق ،لأسباب سياسية وعسكرية إستعمارية، لإضعاف المنطقة وتحقيق حلمها الإستراتيجي،(إقامة الشرق الاوسط الكبير)، يقابله المشروع الإيراني إقامة المشروع الكوني الديني القومي الطائفي )، فالصين لاهدف لها سوى الهدف الإقتصادي والتجاري في منطقتنا، وفي كل تاريخها لم تغزُ ولن تغزو دولة عربية أو أجنبية خارج حدودها،فيما أكدت القمة على مسلمات إستراتيجية، أنها لاتهدّد مصالح أي دولة،بما فيها أمريكا، ولكنها أكدت على يجب إحترام سيادة الدول ، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإيقاف دعم الفصائل الإرهابية والمنظمات الإرهابية في المنطقة، وطالبت إيران صراحة التعاون مع وكالة الطاقة الذرية الدولية، وضرورة تطمّين جيرانها العرب ،من من تطورها التسليحي البايستي ،ومفاعلاتها النووية، وهذا تطور صيني كبير ومهم لفرض السلام في الشرق الاوسط، وعدم السماح بالعبث وترويج الطائفية والقومية، وفرض أجندات على دول المنطقة بالقوة والترهيب والتهديد، كما تمارسها ايران،كلمات الرؤساء العرب ،كانت كلها واضحة ومباشرة ، على التكامل الاقتصادي، وعدم السماح للسياسات الامريكية والايرانية بفرضها على الدول بالقوة،وضرورة الوقوف بوجه الإرهاب بكافة أشكاله، وفرض الأمن والإستقرار في الشرق الأوسط،القمة العربية الصينية إنقلاب عربي صاعق على سياسة إدارة الرئيس بايدن(وإنْ لم يعلنوا)،المناهضة لتطلعات الدول العربية بوقف العنف وفرض السلام ومواجهة الارهاب ومشتقاته ، من جهة أخرى القمة ، وضعت الصين ولآول مرة امام تحديات كبرى، وهي وقوفها بجانب القضايا العربية المصيرية ، وخاصة قضية فلسطين، والتي أكد الرئيس الصيني ،موقف الصين الثابت (بحل الدولتين وفرض السلام هناك)،والضغط على روسيا وايران في تدخلاتها وتهديداتها للامن والاستقرار في الدول العربية ، وتغذيتها للمنظات والفصائل الارهابية في المنطقة ، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، القمة أوضحت أن مستقبل العرب مع الحليف الصيني الأكثر مصداقية،من السياسة الأمريكية الأكثر عدوانية وتسلطية، في منطقة الشرق الاوسط، وقد اكد لقاء الرئيس الصيني برئيس الوزراء العراقي محمد السوداني على ضرورة إعادة تنفيذ صفقة القرن الكبرى الاقتصادية مع العراق، وهي طريق الحرير وميناء الفاو الاستراتيجي، والذي ترفضه ادارة الرئيس بايدن، لاغراض سياسية وترضية لحلفائها في الكويت ،بإختصار شديد ، ماتم من اتفاقيات في قمة الصين مع العرب ، هزة سياسية كبرى لإدارة بايدن وسياستها الخاطئة مع العرب، وسحبت البساط من تحتها، وهو مكسب إقتصادي للمنطقة كلها، وتحجّيم للنفوذ الامريكي العسكري والاعلامي، في الشرق عموماً،أرى ان القمة العربية الصينية إذ ما تم تنفيذ بنودها والاتفاقات التي وقعها الرئوساء والملوك العرب مع الرئيس الصيني، ستفتح الباب واسعا لانعاض اقتصاد المنطقة والعالم من الركود الذي كانت تفرضه ادارة بايدن، وترهب الدول به، تنفيذ البنود والإتفاقيات في مرحلة مابعد القمة ،هو الأهم المعوّل عليه، قبل أن نستقبل الردّ الامريكي على القمة العربية – الصينية،الذي لم يعلن لحد الآن، وربما من هول الصدّمة،الأحداث الصاخبة في المنطقة ،وتحولاتها وتوجهاتها وتاثيراتها ، هي من سيقرّرشكل المنطقة السياسي والعسكري، المنطقة مقبلة على تغييرات جذرية جيوسياسية،والصين ستكون صاحبة الحظ الأوفر،في الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية مع الدول العربية، وخاصة الخليجية ومنها المملكة العربية السعودية والعراق، مابعد قمة السعودية والصين، المنطقة والدول العربية خاصة على مفترق طرق أكيد…!!!!نعم مستقبل العرب مع الصين، وليس مع أمريكا وأمزجة رؤسائها ،وتقلباتها وعنجهيتها، وسياستها العدوانية ضد العرب..!!!