لاشك أن معركة الفلوجة تعد محطة اختبار أمني وسياسي في آن واحد ، كما أنها تمثل نقطة انعطاف مهمة في تاريخ البلاد الحديث ، خصوصاً وان هذه المدينة عاشت ومنذ سقوط النظام السابق تحت سطوة الارهاب (التكفيربعثي) ، وكانت مصدر تهديد مستمر للعاصمة بغداد ، لهذا فان عمليات تحرير المدينة من سطوة داعش ، نجحت في تامين مدينة بغداد أمنياً ، وتقويض حركة داعش في غرب بغداد ، وبالتالي انتهاء صفحة محافظة الانبار بالكامل ، والانتقال نحو مرحلة تحرير مدينة الموصل ، وباقي اقضية ونواحي البلاد ، وهنا ربما يثار التساؤل ؛ ماذا بعد عملية تحرير الفلوجة ؟
المتغيرات التي شهدتها الساحة السياسية مؤخرا فتحت المجال أمام خيارات رئيس الوزراء حيدر العبادي في عملية التغيير والاصلاح ، فضلا عن تواصل الحراك السياسي للقيام بالاصلاحات الحكومية التي يعتزم العبادي تطبيقَها وبغض النظر عن جديتها او مدى مقبوليتِها لدى الكتل السياسية ، الا ان هناك سيناريوهاتٌ متعددةٌ قد تبرز على الساحةِ في حال رفضت الكتل ما سياتي به رئيس مجلسِ الوزراء وابرزها التوجهُ نحو حكومةِ الطورئ ، الا ان ثورة الضغط السياسي وربما الجماهيري على العبادي شهدت تراجعا نوعا ما بعد اعلان انطلاق معارك تحرير مدينة الفلوجة من داعش ، وقد يبدو أن السبب الذي دفع العبادي إلى التعجيل في إعلان بدء معركة الفلوجة قبل أوانها، هو نفسه الذي دفعها إلى إعلان استعادة المدينة قبل الأوان أيضا، والسبب في الحالتين واحد؛ وهو الحاجة إلى نصر عسكري يهرب به العبادي من استحقاقات سياسية، كادت أن تؤدي إلى اقتتال “الإخوة ” داخل “التحالف الوطني” الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ، وتنشغل الأوساط السياسية والصحفية بسؤال يتعلق بخيارات رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد أن رفض البرلمان منحه تفويضا لإجراء تغيير وزاري شامل ، وتبرز في هذا الإطار عدد من السيناريوهات التي تتراوح بين قبول العبادي بإجراء تعديل جزئي في حكومته والتوجه إلى حل البرلمان، في ظل توقعات بصعوبة نيل أي حكومة لا تحظى بالتوافق السياسي ثقة مجلس النواب.اعتقد وكما يراه المحللون ان السيد العبادي سيستثمر هذا الانتصار ، وسيعمل على ملف الإصلاحات ، ويعمل على إنجاز ملف الحقيبة الوزارية ، ويحاول الضغط على البرلمان من اجل تمرير وزراءه الجدد ، كما من الملاحظ ان البرلمان سيكون الهدف الثاني في الصراع ، وربما سنشهد صراع جديد تحت قبة البرلمان .