18 ديسمبر، 2024 9:51 م

ماذا بعد الفرز والعد اليدوي

ماذا بعد الفرز والعد اليدوي

توقع الكثير أن تشهد عملية الفرز والعد اليدوي تغييراً دراماتيكياً في نتائج ألإنتخابات البرلمانية الأخيرة في أكثر من خمسة محافظات تم الاعترض على نتائجها بقوة..
للأسف التوقع في تلك الأيام شيء… والواقع الحالي يفرض اشياء أخرى .
تحول بوصلة الاحتجاج الشعبي من الإعتراض على نتائج انتخابات مزورة نحو ألإحتجاج والتظاهرحول الخدمات في جنوب ووسط العراق يصب في مصلحة الفائزين في الانتخابات المشكوك في أمرها . مما يجعل المضي بقلبْ نتائج ألإنتخابات وإزاحة المزورين …. ومحاولة العودة التدريجية لمباديء العدالة والشفافية من خلال تصحيح أخطاء نتائج ألإنتخابات ألأخيرة ، أمراً يؤدي الى دخول دوامة ازمة جديدة،أزمة تتصارع فيها كل القوى المتحكمة والمتنفذة ،وتجعل عملية تشكيل الحكومة تمتد إلى ما لا نهاية وتبقي العراق في فوضى سياسية و فراغ دستوري كامل .
في المقابل العمل والإقرار بتطابق نتائج الفرز والعد الألكتروني مع نتائج الفرز والعد اليدوي، يعني إننا تقبلنا نتائج مشكوك بصحتها بدرجة كبيرة… مجبرين غير مخيرين…. وفسحنا المجال اوسع لتشكيل حكومة قد تكون أسوء من الحكومات السابقة وساهمنا في مواصلة سلسلة من الحكومات سيئة الصيت ، ذات التكوين الطائفي المتنوع والمخرجات البائسة .عزائنا وعذرنا الوحيد من هذا الخيار،إننا أسدالنا الستار على فرضية الفوضى السياسية المتوقع حدوثها مع تغيير النتائج .
مع إختفاء أصوات المحتجين والمعترضين تشيرالمعطيات إلى أن التغيير سيكون في أحسن أحواله في مقعد أو مقعدين في عموم الصناديق المشتكى عليها من جميع المحافظات.
وكما يبدو إن الإحتجاجات والأصوات العالية التي خرجت من الكتل والمرشحين المتضررين وأحد مفوضي المفوضية المعطلةِ أعمالهم وأغلبية اعضاء البرلمان الخاسرين، قد تم امتصاص حدتها ، والأن لم يبقى للجميع إلا السكوت والموافقة على نتائج إنتخابات برلمانية مصدقة ومباركة من قبل قضاة منتدبون وكتل سياسية فائزة ومحكمة اتحادية تعمل من خلفهم….. ما يهمهم بالدرجة الأولى ، إن العجلة السياسية المعطلة تواصل السير وإن أستمر عطلها أربعة سنوات اخرى .
وحتى الامم المتحدة التي شككت تقاريرها بنزاهة الانتخابات البرلمانية العراقية ، أصبحت اليوم مقتنعة بنزاهة ومطابقة النتائج الانتخابية ، حيث عبرت قبل أيام السيدة (اليس وولبول) نائبة رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق (اليونامي) عن إندهاشها من حسن التنظيم ومطابقة النتائج في مراكز الفرز والعد في بغداد ….. رسالة أخرى تلي الرسائل التي وٍجِهت لجميع ألأطراف بعد انتهاء الفرز والعد في كركوك مؤخراً، مفادها إن النتائج غير قابلة للتغيير ….. تغييرها يعني تغيير في وضع العراق مرة أخرى الى ما لايحمد عقباه .
ترحيب وقناعة بمجريات الفرز والعد من قبل الامم المتحدة وبعض الشخصيات الفائزة في الانتخابات أثارَ في نفوسِ المعترضين والمشككين حالة من الهذيان والتوه…. وحرك تساؤلات محيرة عن حيثيات الخطوات القادمة ؟
الخطوات القادمة سيتولد منها فسحة زمنية أخرى تمتد لأربعة سنوات قادمة، يستفاد منها المزور والفاسد ، ويستطيع من خلالها ممارسة عملهُ والبقاء في منصبهِ ضمن حكومة وبرلمان مهما يكن تنوعهما وتشكيلهما فهما غير مؤهلان و يشكلان غطاء شرعي لهم …
وربما ينتظر المشككون والخاسرون أربعة سنوات أخرى للإستفادة من بصيص أمل وفرصة أخرى قد تمكنهم من ممارسة عملية انتخابية نزيهة، تعيدهم الى الواجهة من جديد كفرسان للتغيير وتقضي من خلالهم على الفاسدين والمزورين.