يبدو أن مشهد المسرحيات السياسية، لم تنته فصولها، وأن ذبح البطل ودفن أطفاله تحت الركام، أو إحتراق المسرح والممثلون والجمهور بالتماس السياسي وهرب المنتجين، وها هو اليوم حريق يلتهم صناديق الإقتراع، وصوت المواطن المسروق صار محروقاً، في يوم ذكرى سقوط الموصل الرابعة، ولم يعرف المسبب، وستبقى حقائق مجهولة كما هو ضياع ثلث مساحة العراق بيد الإرهاب، والجاني طليق خارج أسوار الإتهام وبحماية الخطوط الحمراء والإحترام، بينما هرب من أحرق الصناديق خلف أسوار المخازن الى أحضان من دفعه للجريمة.
الحريق إلتهم المخازن، وأحرق معدات المبارز الجرمية للتزوير الكبير، وكشف حجم الصراع السياسي، بين فائز بالتزوير وخاسر نفره الشعب.
هم مَنْ إنتخب، ومن إشترى أصوات وغرر بالمجتمع، وهم من زور وهم من إتخذ القرار بإعادة الفرز يدوياً وهم من أحرق الصناديق، وأما الشعب لا علاقة له ولن ينافسهم على مكاسب يتقاسموها، وكأن شعب العراق لا جئين لا دور لهم في وطنهم، ولا رأي وهم يعتقدون أنفسهم متفضلين، وقد خلصوا الشعب من الدكتاتورية الواحدة ليدخل في إستبداديات متفرقة والشعب منقسم عليها، وواحد من أهم أفضالهم راتب موظف من ثلاثة آلاف الى مليون، فمن حقهم أن يحصلوا على رواتب عشرات الملايين وإمتيازات تفرقهم عن مواطن بطبقات، وليس من حق شعب أكل الموز وشرب العصير أن يعترض، وحرية المشي للإمام الحسين متاحة، وفتحتوا عيون العراقيين على الآف المصائب.
تباً لكم ولصناديقكم وبفعلكم وتسلطكم لن تجلب لنا سوى فاسد آخر، ما قيمة الصوت أن لم يحقق تغيير ينفع الشعب بل يزيدكم طغياناً، ولا أسف على أصوات مهانة، وقد مرغتم أنف شعب وسحقتم كرامته أما شعوب العالم، وشغلتموه بالماء والكهرباء، وما أن تنتهي أزمة حتى يدخل العراق بأزمة، ومن أزمة الموازنة الى التزوير الى المياه وإنفجار مدينة الصدر وحرق صنادق الإقتراع وماذا بعد؟!
المواطن لم يعد يصدق أن كل ما يحدث تماس كهربائي، وهو يرى أنها معركة ليس له حصة فيها، هي معركة بين الخاسرين والفائزين، خاسرون يرومون العودة وفائزون منهم بالتزوير لا يريد المغادرة، معركة لا خاسر فيها سوى الشعب، ولا خاسر سوى من ينظر الى القضايا الوطنية بعين مصلحية، وهؤلاء المتحاربون يدعون مصلحة العراق والحقيقة لا مصلحة لهم سوى مغانم، وفي سابق الانتخابات كان التزوير، لكنهم تقاسموا المغانم، وفي هذه خسرت شخصيات كبيرة، تسعى لإحراق العراق أن غادر وتفعل كل شيء من أجل بقائها.
أنتم من زور وأنتم من أحرق، وما الشعب بعينكم سوى أجير بأبخس الأسعار وأسوأ المعاملات، تنتهي صلاحيته وتنتفي الحاجة له متى أنتهت مصلحتكم منه.
بالأمس أحترقت مدينة الصدر وتناثرت جثث أطفالها، ولا أحد منكم زارها أو وقف علي بيوتها المهمدة، وأنتم في كل مرة تقيمون تشيع جنائزي على الأموات، تستعرضون أنفسكم أمام الكامرات، وكأنكم الأحرص على الشعب، ولكن عندما يموت الفقراء لا يعرق لكم جبين، ولا توقدون شموع الحزن، بل لا يسمح لذوي الضحايا البكاء علناً على مصيبتهم، واليوم تحرقون أصواتهم وإرادتهم وأبسط حقوقهم، وتتاجرون بأرواح الضحايا، وتأكلون خبز الأيتام وكسوة العراة، ألم تتباكوا على قضايا أبسط مما يحدث لأنكم تريدون منها كسب سياسي؟ لماذا تخرسون وتسسخرون من مواطن بائس بفعلكم؛ سيلعنكم التاريخ وسترون بالقريب العاجل نقمة الدماء، فلماذا تحرقون الرصافة وهي المحرومة من عقود، لم ينصفها من عاداها ولا من يدعي تمثيلها، وكلهم إتخذوا منها مائدة حمراء تتراقص فيها الضحايا، وتقدم الأرواح قربان لملذاتكم، والصناديق إحترقت وإحترقت معها إرادة الشعب، ولكن ماذا ستعدون لنا من أزمة بعد الصناديق؟!