23 ديسمبر، 2024 3:53 م

ماذا بعد التفويض يا دولة رئيس الوزراء

ماذا بعد التفويض يا دولة رئيس الوزراء

في البداية اسمحوا أن أقف إجلالا واكراما للشعب العراقي والمرجعية الكريمة في وقفتهم البطولية والخروج عن بكرة أبيهم وفي جميع المحافظات من الشمال الى الجنوب بعربه وأكراده ، مسلمين ومسيحيين وكافة الطوائف الدينية الأخرى وإن كانت وقفته متأخرة بعض الشيء ولكن وكما يقول المثل ( ان تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي ) ، ليؤكد أيضا وحدته المتماسكة التي لن تكسرها كل المؤمرات ، وكذلك المحاولات التي ترمي الى تقسيم العراق ، و ملبيا نداء رئيس الوزراء للحصول على شرعية شعبية لحملة الإصلاحات لتحدي كل قوى الظلم والظلالة وممن أرادو تعطيل هذه الوقفة الشعبية التي أكدت أن الشعب العراقي لازال حيا ، لا يسكت على ضيم مهما طال الزمن ، وأنه يرفض كل الممارسات التي شهدها العراق منذ عام 2003 من فساد وسرقة الاموال العامة ومؤامرات .

والسؤال الان الى السيد رئيس الوزراء .. ماذا بعد التفويض ؟ !!

سيدي رئيس الوزراء .. بعد هذه الحشود التي خرجت تأييدا لطلبكم ، بات لزاما عليكم اليوم أتخاذ قرارات تكون بقدر المسئولية وتلبي مطالب الشعب العظيم الذي لم يعد يسكت على اجراءات ترقيعية تراعون فيها هذا وذاك ، وتتسترون على الفاسدين الذين نهبوا قوت الشعب العراقي ليعيشوا هم وأذنابهم ، وكأنهم أخذوا العراق ( مقاولة مقطوعة ) وزعت خيراته من أموال وأملاك عامة عليهم وباعترافاتهم ( بأن كيكة العراق قد تم تقسيمها فيما بينهم وكل واحد حصل على قطعته ) !! .

إن التفويض الشعبي الكبير لكم وضع في أعناقكم مسئولية كبيرة يجب المحافظة عليها ، وبعكسه فإن هذه الجموع التي خرجت مؤيدة لكم ، ستكون هي نفسها من تطالب بإقالتكم ومحاكمتكم باعتباركم شريك في جريمة تدمير العراق .. فأنكم يا دولة رئيس الوزراء أمام قرارات مصيرية تعيد الامل للعراقيين بانه لازال هناك خيرا ببعض الشرفاء من السياسيين ، فاليوم أصبحت مسألة حل البرلمان قضية مصيرية والغاء دستور ( بريمير ) سيئ الصيت الذي تمت صياغته وتفصيله من اجل زرع التفرقة بين صفوف العراقيين ، وإن البرلمان والدستور قد خصصا لشريحة معينة من المستفيدين والسراق لخيرات العراق .

واليوم يادولة رئيس الوزراء ، أصبحت معركتكم ، معركة مفتوحة مع الفاسدين والمفسدين ، الذين نهبوا ثورات وخيرات العراق ، ليتنعموا بها في الخارج بأسماء مزيفة فمنهم من بنى الابراج المشيدة والقصور الفارهة ويتنقلون في سيارات تم شراءها بقوت الشعب العراقي ، فجاء اليوم الذي يجب تقديمهم الى المحاكمة العادلة ليأخذ كل ذي حق حقه وإرجاع حقوق الشعب المسلوبة ، وإن ذلك لايمكن تخقيقه دون الضرب بيد من حديد لإصلاح الجهاز القضائي الذي نساه العراقيين منذ زمن بعيد ، وبعكسه سنقرأ على اصلاحاتكم السلام .

سيدي رئيس مجلس الوزراء ، مهمتكم اليوم تتطلب الشجاعة منكم ، لا تقل عن شجاعة الابطال من قوات الجيش والحشد الشعبي وابناء العشائر الذي يحاربون أعداء الاسلام ،لأن ( دواعش الداخل ) لا يقلون خطورة من (الدواعش ) القادمين من الخارج بأجندات خارجية تستهدف تدمير العراق وتقسيمه وسرقة ثرواته ومقدراته .

إن الحلقات الزائدة التي خلقها ( دواعش الداخل ) كمجالس المحافظات والبلدية ، والترهل الوزاري الكبير والذي لم تجد مثيله حتى في الدول الكبرى ، هي جميعها حلقات مزيفة أسست لمراعاة الاحزاب والكتل السياسية التي هي الاخرى تعمل باجندات خارجية باتت مكشوفة للشعب العراقي للإضرار بمقدرات الشعب العراقي وسرقة ثرواته ومنع تقدمه الحضاري والعمراني وإلا كيف تفسرون بوجود ميزانيات انفجارية طوال السنوات منذ عام 2003 والتي تعادل ميزانية ( كل سنة منها ميزانيات خمس دول في المنطقة ) وحتى يومنا هذا دون أن تغيير هذه الميزانيات من مستوى الشعب الاجتماعي والصحي والتعليمي .

يا دولة رئيس الوزراء .. مطالب اليوم ليست تعجيزية ، فالعراق متخم بالكفاءات وفي كافة المجالات والإختصاصات ، ومسألة تشكيل حكومة وزراية من التكنوقراط ليست بالمهمة المستحيلة ، إذا ما ابتعدتم عن المحاباة والمحاصصة الحزبية والطائفية والعمل على أن تكون الحكومة الجديدة بعيدة كل البعد عن هذه الإشكال التي لم تجلب للعراق حتى الان سوى الدمار الخراب وتعطيل عملة الاصلاح والاعمار التي يحتاجها ، فالتعليم من أسوأ الى أسوا وابناءنا لازالوا يفترشون الارض من اجل اكمال تعليمهم ، ليؤكدوا اصرارهم على ابقاء بلدهم رمزا للتفوق والنجاح ، في وقت تعاني المؤسسات الصحية هي الاخرى الاهمال الكبير وسرقة علاجات المرضى بأدوية فاسدة ومعدات طبية باتت خارج الخدمة في البلدان التي استوردت منها في الوقت الذي نمتلك الاموال التي تمكننا من شراء أفضل ما موجود في عالم الطب .

فتح الأبواب أمام الكفاءات العراقية المنتشرة في بقاع العالم للعودة للعراق بشكل جدي ، لا بقرارات صورية هدفها ( ذر الرماد في العيون ) وكما فعلت الحكومات السابقة ، التي تجاهلت هذه الشريحة متعمدة كي لا تأخذ مكانها الطبيعي في عملية البناء في العراق وأن لا تنكشف جرائم الحكومات السابقة المالية والإدارية وقلت الوعي والشعور بالمسئولية تجاه الوطن والشعب ، وأنها تعمدت نشر الكثير من المتخلفين علميا وتربويا في مناصب مكرسة لأغراضهم الدنيئة .

ومهمة ابعاد الاحزاب الدينية عن المشهد السياسي باتت أيضا ضرورة ملحة ، لان التجربة الماضية اثبتت وبما لا يقبل الشك ، ان سبب الفساد الأول الذي نخر جسد الحكومة العراقية بكل مفاصلها هي تلك الإحزاب التي أظهرت نظرتها الضيقة لتنفيذ مشاريعها التي تخدم مصالحها بالدرجة الأساس للإستيلاء على أكبر قدر ممكن من ( كعكة العراق ) ، بعد أن فقد الشعب العراقي ( الرجا ) من هذه الاحزاب ، و فسح المجال أمام منظمات المجتمع المدني في الإصلاح المدني والسياسي على ان يكون لخدمة العراق وحده ، لا لخدمة هذه الطائفة أو تلك .

وإيلاء أهمية كبيرة لتنفيذ المشاريع الخدمية الأساسية والتي يمكن أن يستشعرها المواطن اذا ما توفرت النوايا السليمة والحقيقة لتنفيذها ، بعيدا عن الفساد والغش والإختلاسات المالية والمشاريع الوهمية التي باتت منتشرة في جميع محافظات العراق ، وعدم إطلاق وعود خارج إمكانيات الدولة في الوقت الحاضر في ظل خزينة خاوية و الأوضاع الدولية التي يعيشها العالم وأعمل بالمثل القائل ( إن أردت أن تطاع فعليكم العمل بما هو مستطاع ) والابتعاد عن المبالغات في الوعود العقيمة التي مل منها الشعب طوال 13 عاما من الوعود الفارغة و التي تستهتر بمشاعر الناس ومعاناتهم .

العمل على إعادة صياغة الهيئات الدبلوماسية للعراق في الخارج ، والتي تعتبر الواجهة الحقيقية له في المجتمعات العالمية ، بعد أن اصبحت هذه الساحة مكانا للتسابق الطائفي المخجل ، وتكدست في الهيئات الدبلوماسية العراقية ووزارة الخارجية المئات من الجهلة والمتخلفين والذين لا يمتون بالدبلوماسية بصلة ولا يمتلكون المستوى العلمي الذي يؤهلهم ليكونوا واجهة العراق الحضارية ، وإنهم جاءوا الى مناصبهم أرضاءا للمحسوبية وصلة القربى من هذا المسئول وذاك ، حتى باتت السفارات مكانا للمناكثات والتكتلات الطائفية والمحسوبية ، فالعراق بعد اليوم يحتاج الى كوادر تكون مهمتها الاساسية هو للتعريف به وفي حضاراته المتعاقبه وصموده بوجه المؤامرات ، لا مكانا لجمع الأموال من العملة الصعبة .

إن سن القوانين التي تحفظ كرامة الإنسان العراقي وهيبة الدولة في آن واحد ، ستعيد للإنسان العراقي والدولة العراقية هيبتهما وكرامتهما ، فعلى الإنسان العراقي ان يعرف ماله وما عليه من التزامات تجاه الدولة وبالعكس ، وأن لا تكون لغة الفوضى التي يعيشها العراق منذ 13 عاما هي السائدة ، وأن تمنع جميع التجاوزات بكل اشكاللها ، وأن يكون الأختيار في المناصب على اساس المهنية والكفاءة والشهادة العلمية والأختصاص لا أن تكون عل اساس المحسوبية القبلية والطائفية والحزبية .

يا دولة رئيس الوزراء ..إن المطالب كثيرة ، وأن مهمة التغيير التي تقودونها مهمة صعبة وكبيرة وباتت معلومة لدى جميع الذين لبوا نداءكم ، ويعلمون بأنها تحتاج الى التكاتف المشترك لإنجاح مهمة إنقاذ العراق من المستنقع الذي أوقعه فيه السراق والفاسدين والمنتفعين على حساب قوت الشعب وخيراته ،، والذين حتما سيحاربونك بكل ما أوتوا به من قوة ،، فصارح الشعب بحلوك ومرك ،، يقف معك ! ، لأن العراقيين لا يطلبون منكم تحقيق المستحيل في طرفة عين . فاجعل يدك بيدهم ، وأستمد قوتكم من قوتهم ومن تأييد المرجعية الرشيدة .. وفقكم الله وسدد على طريق الخير مسعاكم ( قل اعلموا ، فسيرى الله عملكم والمؤمنين ) .. صدق الله العظيم