23 ديسمبر، 2024 5:35 ص

ماذا بعد استشهاد الشيخ النمر

ماذا بعد استشهاد الشيخ النمر

مما لا شك فيه ان الشيخ نمر باقر النمر قد نال الشهادة كما يريد وكان بمقدوره إن يدفع عن نفسه القتل بتقديم أقل التنازلات المرضية للطرف الآخر ولكنه رفض ذلك وأصر الشهادة فحشره الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ومما لاشك فيه أيضا بأنه ذهب مظلوماً وعلى أيدي نظام دكتاتوري استبدادي جائر يتخذ من الدين غطاءاً له.

وقد أخذت قضية إعدام الشيخ النمر أبعاد إنسانية ومذهبية وسياسية وحصلت هنالك ردود فعل سياسية وشعبية غاضبة اتجاه القرار الجائر بحق هذا الشيخ المظلوم الذي لم يحمل السلاح ولم يطالب بالحل العسكري في بلاده بل ان ديدنه كان سلمياً واضحة للعين.

وقد اتسعت ردود الفعل بين المؤيد والمعارض لقانون الإعدام مما ولد صراح وتصفيات سياسية بين الخصوم تحت ذريعة الشيخ النمر.

وبعيداً ان كل ذلك أود الحديث عن ما هي الآليات المتخذة من أجل الحفاظ على سلمية مسيرة أتباع أهل البيت في دول الخليج عموماً وفي السعودية خصوصاً ودراسة أبعاد أي تحرك في تلك البلدان من الناحية الايجابية والسلبية, فنقول:

أولا: أن تُتخذ نفس الطريحة ونفس الأسلوب والطرح في تلك المجتمعات البدوية المتصلبة كما كان يفعله الشيخ الشهيد فهذا شيء خاطئ وهو من التقليد الأعمى الذي لا يجدي نفعاً بل لابد من التبصر ومعرفة ماهو الناجح في إحياء روح المعرفة والدين لدى المؤمنين هناك والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم من تلك الأنظمة القمعية التي لا تعبئ بالتعدي وإذلال الآخرين, وما شهده العراق أيام النظام المقبور خير شاهد ودليل على صعوبة العيش في ظل هكذا أنظمة قمعية.

ثانياً: يحتاج الإخوة من شيعة الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً إلى خطاب نوعي وحضاري يتماشى مع لغة العصر والنقد الممنهج مما لا يثير حفيظة السلطات ضدهم, والتعويل على إيصال رسالة أهل البيت والأخلاق الإسلامية الأصيلة من خلال رفع المستوى المعرفي لدى أبناء المذهب هناك, وتوجد هنالك نماذج حية عملت وتعمل على هذا المستوى من المعرفة والبصيرة من أمثال سماحة الشيخ العلامة الدكتور عبد الهادي ألفضلي رحمه الله وسماحة العلامة الشيخ حسن الصفار وسماحة العلامة الشيخ عيسى قام وسماحة الشيخ فوزي آل سيف وغيرهم مما يُفرح القلب في وجود تلك الأعلام المنيرة في تلك البلدان والأنظمة القمعية.

ثالثاً: على الإخوة في الخليج والمملكة خصوصاً دراسة ومعرفة الواقع السياسي وما هو النافع لهم من ناحية الطرح والتحرك السياسي الناجح والمثمر, فإننا لو نظرنا إلى التركيبة السكانية للمملكة العربية

السعودية مثلاً فإننا نجد إن نسبة الشيعة مع الفرقة الزيدية لا تصل إلى نسبة 15% بالمائة وهي نسبة قليلة جداً لا تؤهلهم إلى القيام بأي نشاط سياسي خصوصاً إذا لاحظنا الإمكانيات الداخلية والخارجية لأي تغيير يراد له إن يحصل في هذه المنطقة مع العلم إن أكبر قاعدة للقوات الأمريكية متواجدة في دول الخليج. وهذا الأمر يُذكرني بما حصل مع سماحة الشيخ المرجع محمد اليعقوبي حفظه الله عندما طلبوا منه ان يقاوم الاحتلال في مطلع 2004 تقريباً فقال لهم دعونا ان نرتب أوضاعنا الداخلية أولا ثم بعد ذلك نتوجه إلى محاربة الاحتلال ولو أخرجنا الاحتلال الآن ما هي النتيجة التي سوف تحصل غير الحرب الأهلية والقتل فيما بيننا.

رابعاً: ان ما حصل من تغيير سياسي في العراق بعد صيف 2003م يولد اليأس لدى المتابعين في السعي وراء تكوين نظام سياسي تقوده قيادات دينية شيعية, ووضع العراق اليوم خير شاهد ودليل على الفشل السياسي الحاصل في العراق والتردي الأمني والعسكري والسياسي والى آخره, هذا والشيعة يشكلون الغالبية في العراق فكيف حالهم في البلدان العربية الأخرى.

خامساً: على الإخوة في الخليج تغليب الخطاب الوطني والانتماء إلى أوطانهم وان يبتعدوا عن الخطاب الطائفي والمتشنج وذلك من أجل الحفاظ على سلامتهم وعيشهم الكريم في تلك الأوطان ولا يتأثروا في فيما يحصل في البلدان الأخرى فان المتضرر الوحيد هم في حال قاموا بأي رد فعل اتجاه السلطة هناك, فإننا من خلال كلامنا هذا نريد الحفاظ على أرواح المؤمنين هنالك وان لا نتاجر بهم ولا نغرر بهم بل الواجب علينا هو زرع روح الثقة والتحدي والمثابرة في قلوبهم.

سادساً: يحتاج الإخوة في الخليج إلى معارضة وطنية تتخذ من بلاد المهجر مقراً لها لكي تقوم بتعريض النظام وتعريته وبيان مساوئه اتجاه أبناءه وشعبه ويطرح كل ذلك على حساب وطني وليس على حساب طائفي أو مذهبي, وان الفرصة مُأتية الآن بعد ان رفضت كثير من المنظمات الدولية عنجهية النظام السعودي واستبداده وتجبره في الحكم.

وأخيراً نسأل من الله العلي القدير ان يدفع عن المؤمنين والمستضعفين وعن أهلنا في كل مكان انه نعم المولى ونعم النصر.