11 أبريل، 2024 2:25 م
Search
Close this search box.

ماذا بعد ألأتفاق ألنووي بين إيران و ألدول ألغربية

Facebook
Twitter
LinkedIn

ماذا بعد ألأتفاق ألنووي
توصلت ألدول ألكبرى ألى أتفاق مع أيران للحد من نشاط برنامجها ألنووي ومنعها على ألأقل مؤقتاً من بناء قنبلة ذريّة. لم يكن في نيّة ألنظام في أيران يوماً بناء قنبلة أو مهاجمة أسرائيل و خصوصاً بعد ألأطاحة بنظام صدّام في بغداد بل أرادوا مقايضته بوظيفة ألشاه ألسابقة و هي ألقوة ألأخرى في ألمنطقة إضافةً ألى أسرائيل. وهذا يتضح من كونهم كانوا يعلنون للعالم عن أنجازتهم في برنامجهم ألنووي مثل عدد أجهزة ألطرد ألمركزي ألتي تدخل ألخدمة و نسبة تخصيب أليورانيوم ألتي حققوها. هذا لم يحصل مع ألبرامج ألنووية في ألهند أو ألباكستان أو كوريا ألشمالية ألتي عملت بسريّةٍ تامّه. فكأن أيران كانت تدعوا ألدول ألكبرى للتفاوض معها قبل أن يرتفع ألسعر. ألكل يعرف هذا و بألذات أسرائيل لذلك كان  قادة ألموساد يعارضون أي ضربة عسكرية ضد منشأت أيران ألنووية. وتجلّى هذا في خريف 2004 عندما سلّم دبلوماسي سويسري يعمل في السفارة ألسويسريّة في طهران (قسم رعاية ألمصالح ألأمريكية) ألخارجية ألأمريكية مقترحات من ألخارجية ألأيرانية ببحث جميع ألملفات : ألبرنامج ألنووي, ألعراق, حزب ألله, حماس و حل ألقضيّة ألفلسطينيّة. صحيح أن ألرسالة لم تكن موقعة من أحد لكن من سلّم هذه ألرسالة لم يكن ساعِ بريد و من أعطاه أيّاها لم يك فرّاشاً.  لكن مع ألأسف حكومة جورج بوش كانت أسيرة شعار محور ألشر فرفضت حتى ألتأكد من صحّة هذه ألرسالة. هذا يذكرني بموقف ألعربان عام 1967 عندما خرجوا في ألخرطوم  بشعار :لاصلح لا تفاوض لا أعتراف. أين أوصلهم هذا؟
في مقابلة صحفيّة قبل حوالي ثلاثة أشهر صرّح ألجنرال ديفد بترايوس أنه في عام 2007 جاءه أحد ألبرلمانيين ألعراقيين برسالة شفهية من ألجنرال قاسم سليماني مفادها أنه أي سليماني هو ألمسؤل عن سياسة أيران في ألعراق ولبنان و فلسطين و أليمن و أن ألأحرى بألجنرال بترايوس أن يتفاهم معه لكن بترايوس رفض.
ما ألذي تريده أيران مقابل برنامجها ألنووي؟
تريد مقعداً على طاولة ألمفاوضات لحل ألقضية ألفلسطينية فهي ترعى حماس في ألجنوب و حزب ألله في ألشمال و تريد ألضغط على أسرائيل من ألدول ألكبرى للقبول بحل دولتين حقيقي. عندما يتكلم ألأسرائيليون عن حل ألدولتين فأن ألدولة ألثانية هي ألأردن و ليس فلسطين. في 13 أيلول 1993 تم ألتوقيع على معاهدة أوسلو في ألبيت ألأبيض بحضور رابين و بيريز و عرفات و ألرئيس كلنتون ولم يدرك ياسر عرفات أن ذلك أليوم كان يصادف ذكرى مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982 فلم يذكرها. بعد حوالي أسبوعين صرّح شريكهم في ألأتفاق أسحاق رابين لصحيفة دافار (صحيفة أتحاد نقابات ألعمل ألأسرائيلي ألهستدروت) يوم 29 أيلول1993   قائلاً :موقفنا يعارض قيام دولة بيننا وألأردن. و أذا أحتاجت ألقيادة ألفلسطينية ألى أشارة أخرى فجاءت في معاهدة سلام وادي عربة عام 1994 بين ألأردن و أسرائيل حيث منحت ألأخيرة ملك ألأردن صلاحيات أدارية على ألعتبات ألمقدسة ألأسلامية في ألقدس, للأردن و ليس للفلسطينيين. و كرر رابين رؤيته هذه في ألكنيست عام  1995 قائلاً أن فلسطين ستكون جزء من ألأردن مثل ويلز و أسكتلندا جزء من بريطانيا أما ألليكود فتصوره للحل ألنهائي هو محميات فلسطينية منزوعة ألسلاح داخل  أسرائيل بألكامل مثل محميات ألهنود ألحمر في ألولايات ألمتحدة. ألكل يعرف هذا : فتح, حماس, ألأردن,أيران, ألسعودية و ألغرب كله ما عدا ألشعب ألفلسطيني.
أيران تريد أن تكون هي من يأخذ للفلسطينيين ما يمكن ألحصول عليه من حقوقهم من إسرائيل وليس ألسعودية أومصر أو تركيا.هذا لا يتعارض مع سياسة ألأتحاد ألأوربي ولا حتى إدارة أوباما فسبب توتر ألعلاقة بينه وبين نتانياهو هو رفض ألأخير لتقديم أي تنازلات للفلسطينيين و أضافته مطلباً جديداً و هوألأعتراف بيهودية أسرائيل. لكن ألضغط على أسرائيل مثل ما حدث مع جنوب أفريقيا مثلاً في ثمانينات ألقرن ألماضي غير وارد على ألأطلاق فسياسة ألدول ألأوربيّة و ألولايات ألمتحدة هي أن ينتظر ألفلسطينيون مجيئ حكومة أسرائيلية تريد أن تعطيهم شيئاَ و لذلك صوتوا ضد منح فلسطين صفة مراقب في ألأمم ألمتحدة. سبب معارضة أسرائيل للأتفاق ألأخير أنها لا تريد تسريح ألأموال ألأيرانية ألمجمدة و لا تريد أن تتعرض لضغط بشأن ألدولة ألفلسطينية
أيران تريد إطلاق يدها في ألعراق و سوريا وأليمن و لبنان (تتقاسمه مع ألمسيحيين) و ألخليج . أطلاق يد إيران في ألعراق و سوريا و أليمن لا يتعارض مع ألمصالح ألأمنيّة للغرب فألقصف ألجوي لن يهزم داعش أو ألقاعدة و لابد من تدخل قوّات بريّة.إيران بأمكنها حل مشكلة داعش وألقاعدة في ألعراق و سوريا و أليمن و ألغرب لا يهمه كثيراً أي نظام دكتاتوري في هذه ألدول خصوصاً أذا أستبدلت أيران واجهة ألنظام في سوريا.
ألخليج خط أحمر, فأيران تريد دمج ألمنطقة ألشرقيّة من ألسعودية بألبحرين و أقامة أمارة شيعية. هذا يتعارض مع عدد من ثوابت ألسياسة ألخارجية ألأمريكية لأكثر من أربعين عاماً. في عام 1971 فك ألرئيس ألأمريكي نيكسون أرتباط ألدولار بألذهب بسب ضغط ألأنفاق على حرب فيتنام وفقد ألدولار 10% من قيمته في يوم واحد. ومنذ عام 1974 عندما أرتفع سعر برميل ألنفط من 3 دولارات إلى 12 دولار هناك إتفاق مكتوب أو غير مكتوب بين ألولايات ألمتحدة و دول ألخليج تتعهد فيها بحمايتهم من أي خطر خارجي لتتفرغ جيوشهم لحماية ألنظام. مقابل هذا تتعهد دول ألخليج أولاً ألأبقاء على تسعير ألنفط بألدولار ألأمريكي مما يخلق طلباً دائما على ألعملة ألأمريكية مما يتيح للحكومة ألأمريكية ضخ ألدولار (طبع) دون يتأثر سعره في سوق تبادل ألعملات كثيراَ. أليوم إذا أراد أي بلد شراء نفط حتى لو كان من روسيا عليه أولاً أن يشتري دولارات ليدفع بها سعر ألنفط.  ثانياً سلام غير معلن مع أسرائيل. أسرائيل لم تكن يوماً خطراً على دول ألخليج بل ألخطر عليهم هم ألمتاجرون بفلسطين أصحاب شعار نفط ألعرب للعرب (كم مليار دولار أنفق ألعراق أو ليبيا على شقق سكنية أو مدارس أو مستشفيات في سوريا  أو مصر؟). في أواسط ألسبعيات من ألقرن ألماضي و عندما سيطرت ألفصائل ألفلسطينية على جنوب لبنان وبيروت ألغربية لم يتدفق ألجهاديون على لبنان و لم يعلن رجال ألدين في دول ألخليج ألجهاد لمحاربة ألأحتلال ألأستيطاني ألأسرائيلي بل تدفقوا على أفغانستان لمحاربة إحتلال سياسي يحاول فرض نظامٍ لا يختلف كثيراَ في كفره في أعينهم عن أنظمة ألحكم في بغداد أو دمشق أو ليبيا أو عدن. و مهما وصفنا هذه ألأنظمة بألعمالة و ألرجعية إلا هذه ألسياسة تجاه أسرائيل مطابقة لرغبات شعوبهم ألذين لا يرضوا أن يزعم أحد أن له حق في ثروتهم.
ماذا ستفعل إيران؟ ستلتزم بكل بنود ألأتفاق حرفياً وتنتظر ألى آذار أو نيسان ألقادم حين يكتمل تسريح أموالها ألمجمدة و تبدأ بألتدخل مباشرة في ألعراق و سوريا و أليمن (حرس ثوري) لمحاربة داعش و ألقاعدة. أيران كانت تفضل أن يكون هناك أتفاق مع ألولايات ألمتحدة حول دورها في ألمنطقة ولكن بعد رفض ألأمريكان كل مبادراتها ستباشر إيران بتوسيع مناطق نفوذها. ألتزامها ألتام ببنود ألأتفاق ألنووي يغلق ألباب أمام فرض عقوبات جديدة فلا يمكن للغرب أن يقول للأيرانيين “أنتم ملتزمون بأتفاق فيينا بارك ألله فيكم ولكن هذه عقوبات بسبب ما تفعلونه في ألمنطقة.” و فرض عقوبات جديدة يتطلب موافقة ألأوربيين و روسيا و ألصين وخصوصاً بعد أن صورت حكومات ألغرب و روسيا و ألصين أتفاق فيينا على أنه نصر دبلوماسي مبين .
إيران ستحاول إقناع ألولايات ألمتحدة أنها حليفها ألطبيعي في ألمنطقة وليس ألسعودية. من أهم ألمبادئ ألتي تؤثر على ألمواطن ألأمريكي هي ألحريّة ألدينية و حرية ألمرأة فأيران ستتباهى بعدد ألكنائس و ألمعابد أليهودية في أيران و أنعدامها في ألسعودية أضافة ألى منع ألشيعة هناك من ممارسة شعائرهم علناً حتى في ألمناطق ألتي يشكلون فيها ألأكثرية. طبعاً لن يذكروا شيئاَ عن عدد جوامع ألسنّة في طهران ومن يختار أئمتها و خطبائها و لا كون ألدستور ألأيراني ينص على أن دين ألدولة هو ألأسلام ألجعفري ألأثني عشري و نظام ولاية ألفقيه. لأول مرة في تاريخ ألمذهب ألجعفري يفرض على شيعي أجتهاد مرجع لا يقلده فأغلب مراجع ألشيعة يرفضون ولاية ألفقيه. أمّا عن حرية ألمرأة فمن ألواضح أن ألمرأة ألأيرانية تمتع بحريات أكثر من ألمرأة ألسعودية و سيشير ألأيرانيون أضافة ألى هذا بشكل غير رسمي ألى ألحريّة ألجنسية ألتي تمتع بها ألمرأة في أيران عن طريق ألزواج ألمؤقت و ألزواج ألأبيض (زواج صفيد) ألذي هو زواج عقده ورقة بيضاء أي يعيش ألرجل و ألمرأة سوية دون عقد مثل ما يحدث في ألغرب. قبل حوالي سنة خصصت مجلة زنان (ألمرأة)   شبه ألرسمية ألصادرة في أيران عدداً خاصاً عن هذه ألظاهرة. ألولايات ألمتحدة لا يمكنها أن تتخلى عن تحالفها مع دول ألخليج دون أن يؤثر هذا سلباً على مصداقيتها في تحالفاتها ألأخرى فبدل ذلك ستحاول أنتزاع حقوق أكثر للشيعة في ألسعودية و ألبحرين.
أسرائيل لا تريد أن تجد نفسها في موقف محرج أذا قضت أيران على داعش و ألقاعدة في ألعراق و سوريا و أعلنت أنها مستعدة للأعتراف بأسرائيل أذا أعترفت هي بدولة فلسطينية ضمن حدود 1967 ولكن ألتوسع ألأيراني في أليمن و تهديد ألساحل ألغربي للخليج يصب في مصلحة أسرائيل. فألسعودية أمامها خيارين ألأول أن تدخل هي و دول ألخليج في حلف دفاعي مع مصر يدفع ألخليجيون فيه 20-30 مليار دولار لمصر و تقوم هي بتوفير حوالي 100,000 من خيرة قواتها و مع أسلحة أمريكية حديثة تكون قادرة على ألتصدي لأيران. خصوصاً أن مصر لا تحتاج ألى طيران و مدفعيّة و دروع لمحاربة ألأرهابيين في سيناء أضافة ألى عدم سماح أسرائيل بدخول مثل هذه ألأسلحة ألى سيناء. أسرائيل سترحب بهذه ألفكرة فحسب أتفاقيات كامب ديفد لا يجوز لمصر أن تدخل حلفاً  مع دولة معادية لأسرائيل فما على دول ألخليج سوى ألأعتراف رسميّاً بأسرائيل دون شروط أو تنازلات للفلسطينيين و يتم لهم ما يريدون. ألخيار ألآخر ألذي يجنب ألسعودية ألأعتراف ألمباشر بأسرائيل و رفع علمها في ألرياض هو أن تقوم مصر بألأتفاق مع دول ألخليج بتسريح وحدات كاملة من قواتها و أنضمامها  ألى ألقوات ألمسلحة ألسعودية برواتب مجزية.  هذا سيحل مشكلة ألأعتراف بأسرائيل ولكن هل ستشعر دول ألخليج بألأطمئنان بوجود قوة مصريّة قادرة على أحتلال بلدانهم في ساعات.  في ألحقيقة هاك خيار ثالث مركب من ألخيارين وهو أن تلجأ ألكويت و قطر و ألبحرين و ألأمارات وعمان للخيار ألأول و تلجأ ألسعوديّة للخيار ألثاني فلا يجوز لحامي ألحرمين ألشريفين أن يقبل أوراق أعتماد سفير أسرائيل ويرفع علمها فوق عاصمته.
ما هو آتٍ للمنطقة هو موجات حرٍ شديد و عواصف ترابيّة و أسراب جراد. كان ألله في عونكم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب