18 ديسمبر، 2024 9:18 م

ماذا بعدَ أن تخلى الكورد عن عراقيتهم؟

ماذا بعدَ أن تخلى الكورد عن عراقيتهم؟

من الواضح أن الكورد مصرون على التخلي عن عراقيتهم .متناسين أن العراق هو البلد الوحيد الذي حققوا فيه ما لم يتمكنوا من تحقيقه في تركيا وإيران وسوريا وبلدان أخرى.فلقد منحهم العراق حقوقاً وإمتيازاتٍ لم يحلموا بعُشرٍ منها في تلك البلدان .
نحن لا ننكر على الأخوة الكورد حقهم بتقرير المصير.فهم أمة محترمة. تستحق كامل حقوقها القومية .ولكن وفق الأصول والحقوق الشرعية التي يستحقونها في العراق وفي إقليم كوردستان بمحافظاته الثلاث المتفق عليها. أما أنْ ينتهزوا الفرص للأنقضاض على العراق وأراضٍ خارج الأقليم مختلفٌ على عائديتها ,مستغلين هزيمة حزيران وصراعات الكتل السياسية الإنتهازية , وضعف الحكومة الأتحادية وعدم جديتها ومواقفها الهزيلة. فهذاأمرٌ معابٌ عليهم ومرفوض وصلفٌ وغروروتَعَدٍ من الكورد على بقية المكونات العراقية .
ليس الكورد مسؤولين وحدهم عن إستهانتهم بالعراقيين وتمردهم غير المبرر. فالحكومة الأتحادية غضت النظر ووافقت على تسليح الأقليم من قبل دول أجنبية بأسلحة ثقيلة متنوعة و شجعتهم على الأستقواء والتمرد. والحكومة وبعض الساسة ومواقفهم الغامضة شرَّعت لهم الأبواب وشجعتهم.فبعض الأحزاب تعاملت مع الموقف بنفاقٍ وخبثٍ.والسلطة الأتحادية لم تتخذْ أيَّ موقف جدي من هذه المسألة الخطيرة. التي تهدد وحدةَ العراق وأمنه. وتدفع به للمجهول.فلم تتخذ الحكومة الأجراءات القانونية لأبطال الأستفتاء قضائياً . نعمْ لقد سمعنا من السيد العبادي بأن هذا الأستفتاء غير دستوري وأعلنَ عدم إلتزامه به.ولكن الكورد حرقوا العلم العراقي وداسوه بالأقدام .و سيَجْرونَ الأستفتاء. وبعد ذلك سينفصلون حتماً. ويعلنون دولة شبيهة بإسرائيل. وستكون معادية للعراق بالتأكيد .وسنسمع من السيد العبادي أيضاً نفس الكلام بأن جمهورية كوردستان غير دستورية. ونحن لا نعترف بها… كلام لا يُسمن ولا يعني عن جوع …كلامٌ بلا فعال. ولكن سينكشف المستور. فستتوالى إعترافات الدول تدريجياً بهذا الكيان, وفي مقدمتها إسرائيل وأميركا ودول سارت بالركاب الأسرائيلي المعادي للعرب والمسلمين كتحصيل حاصل للحالة الهسيرية التي نشأت جراء الأرهاب الوهابي الداعشي الذي ألب المجتمع الدولي ضد قضايانا العادلة لأننا جميعاً أصبحنا بنظر العالم إرهابيين لا مجال للتعايش السلمي معنا.
لهذه الحظة لم تتخذ الحكومة ولا مجلس النواب أي إجراء بحق محافظ كركوك . الذي يتباهى بصلفه وغروره وعنجهيته وإستهانته بكل العراقيين غير الكورد .عندما إستباح مساكن العرب والتركمان وهدمها على رؤوس أهلها في كركوك .وخطفت ميليشياته النساء. وروعت العوائل غير الكوردية.فكان من الممكن سحب الثقة منه وإقالته . وكان من الممكن ولظروف كركوك الأستثنائية وحساسيتها وخطرها على الأمن الوطني العراقي والأمن الأقليمي حل مجلس المحافظة غير المنتخب.وإدارة المحافظة مباشرة من الحكومة الأتحادية. وتعيين محافظ جديد بمصادقة مجلس النواب على هذا الأجراء. فمجلس النواب وقف صامتاً ولم نسمع منه أي موقف فعلي عدا الأقوال. وما أكثر الأقوال .وأما رئيس الجمهورية فصمته مريب. وله الحق فهو قد ضمِن َّ النتائج . فإن إنفصل الكورد فله الكأس المعلى. وإن تعطل الأستفتاء فمنصبة محفوظ أيضاَ.
وليس غريباً أن يختفي و يصمت السيد أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية عن هذا الحادث الجلل, وقد تعرض للأغتصاب منْ قبل البيشمركة ثلث أرض محافظة الموصل التي يدعي تمثيله لها.فهذا الرجل لا يهمه أن تستحوذ تركيا أو الكورد على الموصل أو العراق بأكمله.
تحججَ الكورد وتذرعوا إنهم أضطروا للأنفصال . لأن الحكومة الأتحادية خرقت الدستور. وحجبت رواتب موظفي كوردستان.وهذا كذبٌ وإفتراء.فالكورد هم من خرق الدستور بمنعهم القوات المسلحة العراقية من دخول الأقليم.والحكومة الأتحادية لا سلطة لها بتحريك شرطي أو جندي داخل الأقليم لتنفيذ حكم قضائي على مدانٍ هارب أو متهمٍ.بعد أن منعتها قوات البيشمركة من ذلك .وسرقت حكومة الأقليم النفط من كوردستان وكركوك منذ سنين وباعته على إسرائيل عدوتنا اللدود.وذهبت الأموال الى جيوب عائلة البارزاني ولم تسجل في سجلات حكومة العراق أو حكومة الأقليم. وإستولت على موارد الكمارك والمطارات.ونهبت معظم العجلات والمكائن بعد سقوط النظام السابق. وإستولت على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة بعد هزيمة حزيران . وإستولت على أراضٍ خارج حدود الأقليم.وضمتها للأقليم دون وجه حق.و هددت حكومة كوردستان بقطع المياه عن وسط وجنوب العراق.فمن خرق الدستور؟
والسؤال يطرح نفسه :هل يُعْقَل أن يمضي الكورد بزعامة السيد مسعود البرزاني بإجراءات الأستفتاء ومن ثم الأنفصال, رغم كل ما سمعناه من مواقف دول الجوار,إن لم يكن مدعوماً من الداخل العراقي ومن بعض دول الأقليم ومن دول كبرى سرّاً.ونحن على يقين إن أمريكا لو طلبت من البارزاني إيقاف الأستفتاء لأمتثل ورضخ للأمر .
يُخْطِئ الكورد خطاً فادحاً بظنهم أن العراقيين لن توحدهم هذه القضية الكبرى .فلا بدَّ أن يتحرك عندهم الشعور الوطني .وقد بدأ بالتحرك فعلاً. وإن ما فرَّقهم سابقاً سيزول حتماً .وستكون اللحمة الوطنية متماسكة. وسينبض العرق العربي عند أهل جنوب ووسط العراق الشيعي ويُثْبِتوا عروبتهم لا الولاء لِعِرْقٍ آخر. وإلا فالمحافظات الغربية عند إعلان أنفصال كوردستان سيطالبون بإقامة إقليمهم الخاص أو الأنفصال .لأن الحكومة ستكون عاجزة عن تأمين الأعمار لهذه المحافظات المدمرة .وسيكون الشيعة هم العنصر الأضعف.وستهدد البلاد بحرب أهلية.ولن يَسلمَ الكورد منها ومن حصار سيتعرضون له, وربما تدخل خارجي. وعندها سيندم من دفع الكورد على فعلتهم وخيانتهم الوطنية الكبرى.أما الساسة الذين تهاونوا في هذا الأمر وغضوا النظر تدفعهم المصالح الشخصية أو الكتلوية فسيحسمُ الشعب أمرَهم.وموعدنا الصبح ! أليس الصبح بقريب؟