19 ديسمبر، 2024 1:03 ص

مادعا إليه الحكيم ورفضناه

مادعا إليه الحكيم ورفضناه

نبهني أحد الصحفيين من أصدقائي لما كنت أقوم به ونسيته اليوم..قال ،هل تذكر كيف كنت تهاجم دعاة الفدرالية وتعدهم غير حريصين على وحدة العراق وسلامة أراضيه ؟قلت ،نعم أذكر ذلك ،ولاأنساه. ضحك مني ،وسألني ،وإذن لماذا أجدك الآن تتحدث عن التقسيم ! وهو أسوأ من الفدرالية ،هذا لو فرضنا إنها سيئة من الأصل ؟ قلت هي الحقيقة ،وقد كنت أفعل ذلك . لكنني لست الوحيد فعاطفتي تجاه وطني حركت في مشاعر الرفض كبقية الناس في هذا الوطن المكلوم ،ولولا ماأرى من تغيرات جسيمة، وحوادث تشيب لها الولدان لما تخطيت فكرة أني قد أسئ لنفسي لو إعترفت بخطأي في ذلك الموقف لكنها الحقيقة على أية حال ولابد من الإذعان لها .
 
كان من أدبيات المجلس الأعلى الإسلامي ،إنه دعا الى فدرالية الوسط والجنوب، وتحرك في هذا الإطار، وهي رؤية تمثلت بمواقف وسلوكيات وأفكار كان يطرحها السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، وتلقى جراءها الكثير من النقود اللاذعة والإتهامات التي جعلته (عميلا لإيران)  تارة،وبائعا للوطن تارة أخرى.ثم صار المنتقدون والسبابون يتسابقون لتقديم مبررات العمل على فدرلة محافظاتهم التي تشتكي التهميش في الوسط والجنوب والشمال والغرب ،ولعل التظاهرات الأخيرة في بعض المحافظات شديدة النقد لهذه الفكرة تمثل تحولا في الرؤية بغض النظر عن سلوك الحكومة ومدى قناعتنا به حيث كان الغالب من المتظاهرين في المحافظات الغربية لايطيقون فكرة الفدرالية ومعهم أوساط شيعية ،غير إن اللافت في الأمر هو إن الرافضين للفدرالية صاروا يجرؤن ويتحدثون عن التقسيم بوصفه الحل الأنجع للمشكلة العراقية وبخلافه فإن البلاد ماضية الى المجهول ،بل إن تساؤلات جريئة تطرح في إطار مناقشة مقترح نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الذي قدم رؤية للحل تتلخص بتقسيم العراق الى ثلاث فدراليات (للشيعة والسنة والكورد) وهو مارفض بقسوة في وقته.ومنها ،هل إن بايدن كان رجل سياسة حقيقيا وقرأ المشهد السياسي وتداعياته وسلوك الأفرقاء بتأن؟ أم إنه تحرك في ظل رؤية أمريكية تعتمد المصالح الحيوية التي تستدعي فعل كل مايمكن لجعل العراق ثلاثة عراقات مختلفة عن بعض في التكوين القومي والطائفي .نحن بالتأكيد نشكك بنوايا الأمريكان، لكن لايمكننا التشكيك بنوايا الشبان وبعض السياسيين والمثقفين في المرحلة الحالية الذين تجاوزوا فكرة الفدرالية الى التقسيم تحت شعار ( خلونا نرتاح ياجماعة والله ملينا ) .
 
يبدو إن تجربة السيد عبد العزيز الحكيم كانت تشي بالكثير من القدرة على التحليل وقراءة الأحداث وفهم الواقع العراقي المعقد الذي لايمكن أن يعيش فيه العراقيون دون أن ينظروا بجدية الى مستقبل أبنائهم وهم غير مقتنعين برؤى وتصورات الخصوم السياسيين ،وفي ظل تحولات خطيرة على الصعيد المحلي والعربي والإقليمي، وحتى الدولي،وهو مادفعه للحديث بجدية عن الفدرالية إستباقا لخطر التقسيم الذي شرعنا بالحديث عنه الآن.
 
ترى كيف كانت إبتسامة السيد الحكيم لو كان بيننا وهو يرانا نطالب بالتقسيم بعد أن رفضنا علاجه من سنين ؟ وهو مايدعوني للتساؤل بجدية .هل كان الحكيم يخشى التقسيم ؟