لانريد أن نبدء خطابنا هذا بالقدح علنا نلمس منكم مالم نلمسه من سابقيكم،ولانبدءه بالمدح أيضاً ونؤجله حتى تكتمل الصورة لدينا، فمهمتنا المراقبة ، ومهمتكم العمل، وعين تراقب لهي أقدر على تلمس الأخطاء وتأشيرها أفضل من تلك التي تعمل ، ولاباس بالخطأ ( فكل ابن أدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون) كما جاء في حديث سيد الكائنات العربي محمد أبن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
تابعنا كلامك على واحدة من الفضائيات وسعدنا بما اسلفتم ، وكان خطاياً ملتزماً،مهنياًن فيه الشيء الكثير لكن والكلام لشاعر عربي يقول: لاخير في حسن الجسوم وطولها إن لم تزن تلك الجسوم عقول.
لم نلمس من سابقيك تعقل ، وذهبوا ايما مذهب مسارعين لدعم من أوصلهم لمناصب زائلة لاتدوم ، إن لم تكن تقوى الله فيها هي المقدمة، وخدمة الناس بابها ، ومفتاحها العدل، فذهبوا غير أسفين عليهم ، ولم يقدموا للبصرة التي صبرت، فكانت مثل العراق لايحضرني إلا قول الكبير بالإبداع شاعر العرب الأكبر عبد الرزاق عبد الواحد : (صبر العراق صبور أنت ياجمل، وصبر كل العراقيين ياجمل).
حمل خطابكم همة عالية للتصحيح ، نأمل ان تستمر طيلة فترة عملكم ، وثق إن قدمت الهمة على غيرها ستجد الناس لك داعمين، ساندين ، مضحين ، رغم أنهم تعبوا من التضحية حتى فاض بهم، ولم يحصلوا على ماوعدوا، فكن لهم السند ، والمعين بعد الله عزوجل ، ولاتكن عليهم كما فعل غيرك، البصرة ضمتكم في حناياها واحتضنتكم دروبها وكانت لكم في ماضيها وحاضرها، فلا تبخلوا عليها وأهلها بحق هو لهم قبل أن يكون لك أو لغيرك، البصرة تعبت وتمزقت ، وكانت درة الخليج في ماضيها، فإذا بها عادت وتقهقرت ولم يعد ذكرها يسر أهلها ولاحتى من عرفها حاضرة الأمة ومدرسة العلم والفقه والعلوم،واخلت مكانها قسراً لمدن لم تكن ذات عهد بالتقدم والتطور حتى باتت تلك المدن مضرباً للأمثال يامل البصريون لو وصلوا عشر ما وصلت، ألا تسألون أنفسكم سيدي لماذا، أجيبك لأخرجك من حيرة السؤال الى متن الجواب، هم عملوا بجد وحب وإخلاص ، ونحن أرتضينا ان نقف منهم موقف المتفرج الذي يتكأ على ماضي لايغني ولايسمن من جوع، أني أضع كلماتي بين يديك لتكون على بينة، وليس غيرها ، فمازلنا لم نرى منك شيئاً، فأعتبر.
تجاوز أخطاء الماضي، والإبتعاد عن الحزبية الضيقة أي كانت منهج قويم بدأته بكلماتك، فأتمه بعملك، فالناس تنظر لك على أنك فلان ، ولاتقول يتبع علان، أنت بشخصك وهذه تعكس تربيتك البيتية، وأراك وفق كلماتك التي سمعت ، أنك على خلق رفيع تتبع التصرف السليم ولاتجامل ، ولا أزيد كي لايحسب علي مدحاً أقدمه.
سيدي الفاضل هناك خللاً واضحاً في إدارة البلاد عموماً ، ولنكتفي بمقالنا هذا بالبصرة وحدودها وهي واسعة كما تعلم، لكنها صغيرة إن اردنا العمل بأخلاص،أعلم ان لاأحد يقدم أو يعطي ،إن لم نسعى وحقوق البصرة على غيرها كثير، وهذه الحقوق لن ننالها بمجاملة أحد بل باصرار منقطع النظير، ولابد من تحصيلها كي نواصل المسيرة التي لم يبدأها الآخرون، ولا اريد ان ابخس من تقدم بالمسؤولية حقه رغم أنه لم يكن أهلاً لها، حتى سلفك الذي تسلمت منه، واني لأتسائل مثل غيري ، ماذا قدموا للبصرة وأهلها وليس للعراق.
الأمن مفهوم نسبي ، وهو في البصرة افضل من غيرها بكثير، ركزوا على تطبيق مفوم الامن الشامل، وابتعدوا عن التخندق لجهة دون أخرى ، واستدعوا من هو كفوء للعمل ، وهم كثر قالبصرة تضم كفاءات كثيرة مهدورة، تعاملوا بالحسنى ،فهي أقرب للقلوب من القسوة، وقد جرب غيركم القسوة ، فإن نفعت لم تطمئن لها القلوب، نحن اليوم بحاجة لمن يعمل والناس ملت منظر القهر والتسلط والإفراط بالقوة والتجبر على الفقير، وغيره لاحول لنا معه ولاقوة، منهج يجب ان يشجب ويعزل من يتعامل به، آثروا التسامح فهو مدعاة للنصح والمودة ، وهو منهج إن أتبعته كنت أقرب لعدوك من صديقك، ثق بكلامي ، ولا افرضه عليك، من يحكم يملك قلوب الرعية بالعدل لا بالسيف، وها هو الحججاج ملكها به ، فزرعت دروب البصرة والكوفة خوفاً وذعراً ، لكنه لم يملك قلب رعيته، ومات، لكن سيرة رعبه لم تزل ولن تموت، وهي منهج غير حكيم ، بالضد من منهج عمر بن عبد العزيز الذي ملئها عدلاً بعد إذ ملئت جورا، وللتاريخ صفحات تشهد.
الفساد ينخر جسد الدولة من اقصاها الى أقصاها، أعد هيبة مؤسسات الدولة الى مكانها الصحيح ، وقد بان ذلك واضحاً بكلامك عبر منح مدراء الدوائر فسحة من الوقت لإعادة صياغة خريطة عملهم ، وهو تصور واضح ينم عن عقلية متفتحة تسعى للإصلاح، وهذا مالمسناه منكم، وبادرنا للكتابة، رغم إننا بادرنا قبلك ووجهنا خطابنا لمن سبقك، لكن (إنك تسمع لو ناديت حياً)، فلا البصرة أستقام لها مكان أو مقال، ولاالنصارى لهم شغل بحنون.
لا اطيل عليك سيدي ، البصرة بحاجة لمن يعمل مخلصاً لأجلها، فأن تجد في نفسك ذلك فتقدم، وإن كنت على غيره فأرجوك لاتعكس حالة التخلف بقيادة البلد على صورة البصرة ، وتعود لتقول المركزية بالقرار ، والتبعية للمركز، وغيرها من الأعذار التي لاتخدم المواطن ، ولن يجد معها مبتغاه، الناس تبحث عن النتائج لا المسببات، وهذه الأخيرة هي التي قادت البلاد الى مستويات أقل مايقال عنها إنها فاشلة، والبصرة لاينقصها الفشل، فهي مثل العراق مدينة فاشلة ، وبلد لايحوي إلا الفشل.
مطالبتكم بحصة من تصدير البترول هي كلمة حق ، فأحقها واستمر بها وإن أحتجت أقلامنا فهي مشرعة للحق وللعراق قبل البصرة، لكننا ياسنا ممن يدير العراق أن يأخذه الى شواطىء الامان ، فأرتضينا بالبصرة خندقاً يجمعنا، عليك بالبلدية فهي الرئة بالنسبة للمدينة تستنشق منها هواءها الذي يجب أن يكون نقياً، ولابأس أن ننقل تجربة من سبق ، و(بلدية دبي) نموذج ، دون تعالي فهلا أتخذتموه نموذجاً واكتسبتم منه خبرة، ولاضير أن نتعلم وننقل تجارب النجاح من الأخرين، هكذا تفعل الدول، عليك بالميناء فهو شريان الحياة الذي ينبض فيتدفق منه دماً نقياً يعيد الشباب لإقتصاد هرم لف بظلامه طرقات البصرة، عليك بالناس فهم لايحتاجون أكثر من مسكن يأهويهم ودراهم يتقوتون بها على زمن غادر، عليك بالأسواق فقد طال الزمان على أسواقنا ولم تبدل منذ الزنج وحتى يومنا هذا، عليك بالتعليم فمن المؤسف ان نرى أطفال العراق والبصرة تحديداً يلوذون بالشوارع بلا تعليم ، عليك بالشرطة فهي والله قد فسدت وأفسدت، واحترام حقوق الإنسان واجب، وأن لايُنصبوا انفسهم قضاة على الناس، أعيدوا مفهوم (الشرطة في خدمة الشعب) ، ووجهوا قائد الشرطة قبل غيره بهذا المفهوم، عليك بالنظافة (أقصد نظافة المدينة) فهي من الإيمان، وعليك ياسيدي بتطبيق القانون فلا تجاوز على رصيف أو شارع أو حتى في الأسواق، ولاتنسى الحريات فلا داعي للتضييق على الناس ، فقد ضاقت بهم الحياة من التضييق، فلا نزيد نحن فوق ذلك، نهرالعشار وهو يمر من أمام مبنى محافظتكم إلقوا نظرةً عابرةً عليه ، حينها ستجد الحلول كثيرة لنهر الأوبئة هذا،ولاتنسى الصحة والمستشفيات فهي الى الفوضى أقرب من أن تكون مراكز علاج، ومثلكم يعرف أن لامثيل لما نسميه ( مستشفيات) في العالم اليوم، ولى زمانها ورحل، عليك بالأخلاق وجه بها في كل محفل تحضره، وأراك على خلق منها كثير، فقد فسدت مثل الشرطة وممارساتها.
ربما نسيت مفصلاً من مفاصل البصرة، لكن قبل أن أختم أقول لك أيها السيد المحترم:
(عليك بتقوى الله )قبل أي شيء أخر، ومن كانت تقوى الله في قلبه فثق أنه سيفلح وسيأخذ بيده الله نحو السداد، وتذكر أن هناك من الأرامل والأيتام وكبار السن يأملون منك خيراً فلا تبخل ، حتى ولو كان صندوقاً صغيراً للتبرعات يديره من يخاف الله وترتضون أمانته ،وهم كثر في مدينتي الحبيبة يعينهم على نائبات الزمان ، تكسب به ود الله ، ويكون في ميزان حسناتك صدقة جارية ينتفع بها موتاكم وموتى المسلمين، وأظن أن في رواتبكم فسحة وعند المقاولين الذين كنزوا ولم يعمروا بفضل من سبقكم فسحة أيضاً.
أني لكم ناصح أمين ،وهذه هي صورة البصرة بما انزلت، اضعها بين يديك، واقدم لكم المشورةن ليكتمل عنوان مقالي( صورة ومشورة)، وحروفي كانت سباقة لخدمة البصرة وأهلها، فلا تحمل علي وتُحمل خطابي ماليس به من معنى، نريد أن تكون البصرة مركزاً يستقطب الناس مثل غيرها، ولا اظن أن السيد مسعود البرزاني يملك عقلاً أرجح من عقولكم ، إلا أنه أخلص النية في العمل مع الله ومع شعبنا الحبيب في كردستان، لذا نريد ان نصفكم بهذا كما نصف البرزاني ، ( وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).