22 ديسمبر، 2024 7:45 م

ماجد النصراوي: قراءة في الحقيقة

ماجد النصراوي: قراءة في الحقيقة

تولى ادارة محافظة البصرة عدد من المحافظين، كلهم من ابنائها اب عن جد، لم يلبي اي منهم طموحات ابناء المدينة، ولعل الدكتور ماجد النصراوي افضلهم اداء، بشهادة اهل البصرة انفسهم، حيث تمكن من بناء مئات المدارس وارسال الاف المرضى للعلاج في الخارج على حساب المحافظة، كذلك قام باكساء الاف الكيلومترات من الشوارع والازقة، فضلا عن اكمال المشاريع المتلكأة كالمجسرات وغيرها، وعالج بشكل شبه جذري موضوع الكهرباء وتمكن من ايصال مدة التجهيز بين ” ٢٠-٢٤” ساعة، رغم العراقيل المقصودة من تخريب المولدات والمحولات وسرقة الاسلاك وغيرها.
الدكتور النصراوي تسلم ادارة المحافظة نهاية عام ٢٠١٣ وكان الشد والجذب السياسي على اشده بين القوى السياسية، انعكس بشكل واضح حتى على اطلاق التخصيصات المالية للمحافظة، مما عرقل كثير من خطط وبرامج النصراوي مثلا؛ تعاقد مع شركة ” هل انترناشونال” الامريكية التي صممت واشرفت على معظم المشاريع في دول الخليج، كي تقوم بالتخطيط والتعاقد على مشاريع المحافظة التي تنتظر مبلغ يصل الى ” ٦” ترليون دينار من مشروع البترودولار، يفترض ان تطلقها الحكومة المركزية لكنها لم تفعل مما وضع النصراوي في خانق ضيق مع شركة ” هل انترناشنال”، اضطر لالغاء العقد مع الشركة، هذا غيض من فيض المعرقلات التي واجهها النصراوي، حتى اضطر للاستقالة بعد توارد انباء عن قضايا فساد تنسب لولده تارة واخرى تنسب اليه، ومن تحدث عن هذه الشبهات شخصيات يفترض انهم مكلفون بالتنسيق مع شركات عالمية رصينة تتولى تنفيذ المشاريع في البصرة.
ازاء هذا الحال اضطر عمار الحكيم رئيس المجلس الاسلامي الاعلى في حينه؛ الى تشكيل لجنة تحقيق داخلية في الشبهات التي تناهت الى مسامعه، هذه اللجنة ثبت لديها براءته لكن هناك شبهات لم تتمكن من حسمها عن ولده، عندها قام الحكيم بتقديم ما لديه من اوراق الى هيئة النزاهة ودعاها علنا للتحقيق في الموضوع كونها جهة رسمية مختصة، بعدها بثلاثة اشهر تقريبا قدم النصراوي استقالته وغادر البلد في تصرف اكد الشبهات التي تدور في حركة غير موفقة بررها النصراوي لاحقا؛ بتلقيه تهديدات بالقتل اذا لم يترك المنصب ويغادر البلد، من جانبها هيئة النزاهة استخدمت احدث الوسائل في متابعة المسؤولين في البصرة ومنهم النصراوي وولده، لتتمكن من اصطياد رئيس مجلس المحافظة البصرة بالجرم المشهود، بالمقابل لم تثبت اي تهمة ضد النصراوي ولا ضد ولده، ليعود النصراوي الى البصرة ويسكن فيها حتى هذه اللحظة.
عندما نقارن انجازات النصراوي وما حصل معه، بالقياس لما سبقه من محافظين، ظهر فسادهم للعلن ولم يتمكنوا من تقديم اي انجاز لهذه المحافظة رغم الوفرة المالية، ايضا غياب مشاريع الحكومة المركزية عن حاجات ضاغطة وحاكمة لاهل البصرة كالماء الصالح للشرب، اهملته الحكومة المركزية لتقوم بأنشاء مدينة رياضية بمبلغ “٣” مليار دولار تم صرفها ولم تنجز المدينة! هل يمكن ان يتقبل العقل والمنطق ان حاجة اهل البصرة للماء يمكن ان تغيب عن ذاكرة الحكومة المحلية او المركزية؟! ووفق اي اولويات يتم بناء مدينة رياضية في محافظة تشكوا العطش،يمكن توفير الماء لها بربع المبلغ المصروف على المدينة الرياضية؟! هذا المشهد يدفعنا ان نعود الى تاريخ البصرة التي كانت ومازالت محط انظار الغرب لما تمتلكه من ثروات و ميزات فريدة، دفعت بريطانيا في معاهدة بورتسموث عام ١٩٣٠ الى وضع ملحق يٌمكن البصرة من الاستقلال عن العراق او التشارك معه وفق نظام كونفدرالي غاياته واضحه، ابرزها الانفراد بالبصرة وجعلها ضيعة تابعة للبريطانيين كما هو حال دول الخليج، فضلا عن اضعاف باقي اجزاء العراق بحرمانها من المنفذ المائي الوحيد، اذن يمكن ان نحتمل ان الاهمال الذي عانت منه البصرة مرتبط بأجنده دولية واقليمية تهدف لتحقيق مصالح غير مشروعه، وان النصراوي تجاوز الخطوط الحمر في تنفيذ كثير من المشاريع التي تضمن تحقيق الاستقرار للمواطن البصري وبالتالي يصعب استفزازه واثارته بعنوان نقص الخدمات وغيرها، ان صح هذا الاحتمال وهو وارد بشكل كبير فأن البصرة تتعرض لمؤامرة كبرى تحتاج لثورة على مستوى العراق لانقاذها وانقاذ البلد مما يراد به، وحرمانه من سلة غذاء الشعب الاهم..