أنا والقرطاس لانفترق دائماً, فقد كتبت كثيرا من الأفراح والأتراح, تحدثنا سوياً ضحكنا وبكينا في مرات عدة, لكن عندما يطلبُ مني أن أكتب عن قصة عشق بين أخوةُ فرقتهم الشهادة, أجد نفسي عاجزاً, وأجده خائفاً يرتجف كونه يعلم أنه سيكتب حقيقية للتاريخ,بأحرف من نور.
كثيراً ماكتبت صدقاً واحيانا أخرى ضرباً من الخيال,وحتى في بعض الأحيان مبالغاً,كل هذا بايعاز الى تلك الاداة الصغيرة قلمي, أما اليوم وأنا أطلب منه أن يكتب عن الشهادة والشهيد, فقد وقف متحيراً يلتلف الي تارة والى مداده أخرى ماذا يقول وكيف يبداء.
مابين كريم النفس وبطل شجاع تلك هي قصتي مع أخوتي, الشهيدين السعيدين, السيدعبدالرضا والسيدكريم الفياض, الكرم والشجاعة يرتبطان مع بعضهما أرتباطا وثيقاً, فكل منهما مكمل للأخر, كريم وماادراك ما كريم! شجاع كريم النفس طالما عرف بالسخاء وتقديم كل مالديه للمحتاجين والفقراء, منزله كان عبارة عن مؤسسة للأيتام والفقراء, يسهر الليل بطوله قبل العيد كي يعد فرحة العيد للأيتام, حتى أنه بعد خمس سنوات من أستشهادة لأزالت دارة مقصد للمحتاجين والفقراء والمعوزين الذين يتذكرون أبتسامة بينهم ذلك الشيء اليسير من قصة كريم.
الشهداء هم قناديل مضيئة,تنير عتمة الظلام,وهم من منح الأنسانية حق الحياة, فالكرامة والحرية والحياة لاتأتي الا بتعميدها بتلك الدماء الطاهرة, الأهل والخلان والأوطان تفتخر بأولئك الأبطال وتخلد ذكراهم في يومهم يوم الشهيد العراقي.
أبوهاشم الحسيني, أنموذجاً لرجل الدين الكريم الشجاع المقاتل, الذي أسس هو ورفاقه مدرسة ومنهجاً يدرس للأجيال اللاحقة, نظرية قائمة بحد ذاتها في انه”لاحياة والمقدسات في خطر ولاحب فوق حب الوطن” تركوا المال والعيال والعز والجاه, ليلتحقوا بالعز الأعظم والجاه الأكبر الا وهو الشهادة التي لاعز فوق عزها.
لم يكن السيد الفياض في يوما ما يبحث عن منصب اوجاه,وهوحال معظم رفاق الدرب من رجال الحوزة العلمية وشهداء الحشد الشعبي والقوات الأمنية, بل كان همهم الأول هو حفظ العرض والمقدسات من دنس الأرهاب, الكرم كان صفة ملازمة لشهيدنا الغالي الذي مابرح ان يقدم كل ما يملك في سبيل دعم المجاهدين, وانا أتذكر مقولة الشهيرة بعد أصابة الأولى,”أريدها أهنا”ويشير الى جبهة, عرفت أن هؤلاء الرجال ليسوا من هذه الدنيا وأن غايتهم الأخرة وهدفهم الفوز بالجنان, تلك هي قصتي مع أخوتي أروي اليسير منها وأحتفظ بالكثير لأبنائي لأقص لهم مجد أعمامهم وبطولة أخوتي.