العلم صنفان، كسبي ووهبي، والكسبي متعلق بالدراسة والسعي والمثابرة؛ للحصول على نتيجة، والوهبي متعلق؛ بتقوى الله وطهارة الروح، لكن الثاني أقدس وأكمل، لأنه فيض السماء على العبد من غير واسطة، قال تعالى ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) وقال تعالى (وعلمناه من لدنا علما )
وقال تعالى ( ويعلمهم الحكمة ) فالحكمة الكسبية، هي المكتسبة، من الكتاب أوالمدرسة، أو الجامعة إلى العقل أو القلب، أما الحكمة اللدنية، فهي من السماء إلى القلب، ولذلك هي أعظم وأطهر.
مسطلح “الحكمة” قد استخدم قديما، وأطلق على طلاب الفلسفة بالحكماء، أوالفلاسفة أو الأطباء، لكن في زمن اليونانيين، كانت كثيرا ماتطلق على العلماء؛ الذين يدرسون علوم ماوراء الطبيعة، وقد صنفوا بذلك علوما ومدارس متعددة، وتميزوا من بين الناس بالفلسفة والماورائيات.
مسطلح “الحكمة ” لايقتصر على العلوم الماورائية أو الميتافيزيقة، فللحكمة معان متعددة ومختلفة، فالحكمة تعني وضع الأشياء بمواضعها، والحكمة تعني إصابة الواقع، وتشخيص الأمور والحكمة تعني إنفتاح بصيرة القلب، وتعني مداراة الناس وخدمتهم وغير ذلك .
الحكمة التي يفيضها الله على أوليائه؛ هي الحكمة الكاملة، والتي لاتقبل الخطأ، أو ليس قابلة للنقاش أصلا، لأنها لم تكن من صنع أدمغة البشر، بمعنى أنها لم تكن كسبية، أو كما يسمى اليوم بالعلوم الأكاديمية.
من الصعب اليوم؛ أن نجد الحكمة الكاملة “وأعني بالحكمة الكاملة هي ماتصدر من الرجل الكامل أوالمعصوم” لأدارة شؤون العباد والبلاد، بعد أن أصبحت الحكومات؛ ذات طابع أكاديمي مادي محض، وغابت كل العناوين السماوية، واختفى الأولياء والصالحون، من بين الزخم الهائل من الماديين، أصحاب الحكمة المكتسبة.
تنتظر الإنسانية فرصتها الأخيرة، في قيادة العالم
من أصحاب الحكمة السماوية، والتي سيقودها رجال؛
اكتسبوا الحكمة من السماء؛ لأصلاح الأرض ومن عليها، وحينها ندرك قيمة الحكمة الموهوبة والمكتسبة، ونعرف قيمة رجال الدين الحقيقيين.