اليوم وتزامناً مع عودة المؤشرات الميدانية لتحالف العدوان على اليمن ، والهادفة لمحاولة السيطرة من جديد على مدينة الحديدة اليمنية ،رداً على هجوم أرامكو، يمكن لأي متابع لمسار الحرب العدوانية السعودية – الأمريكية على الدولة اليمنية، بعد ما يقارب الخمسة أعوام على انطلاقها ،أن يجزم بحقيقة فشل هذه الحرب العدوانية بتحقيق أهدافها باستثناء هدف تدمير ما يمكن تدميره في اليمن “لتحويل اليمن لدولة فاشلة غير قابلة للحياة بدون اسناد من الخارج “،ولكن هذا الفشل، يقودنا إلى طرح سؤال رئيسي يشتق من نمطية وتراتبية مسار حروب النظام السعودي في الإقليم ككلّ وهو: ما الفائدة التي ستعود على السعودية ونظامها، من تداعيات هذه الحرب الشعواء التي ستشنّ” قريباً ” على الحديدة اليمنية أو غيرها من مدن الشمال اليمني؟ فالنظام السعودي منغمس اليوم في مجموعة أزمات افتعلها في الإقليم، بدءاً من الحرب على الدولة السورية وليس انتهاء بانغماسه المباشر في الحرب على اليمن ،وصراع مفتوح مع إيران ، اليوم النظام السعودي يستطيع تقديم مئات المبرّرات والحجج الواهية لأسباب ومبرّرات حروبه في المنطقة، على تعدّد أشكالها ،ولكن الواضح اليوم، أنّ كلّ الرهانات السعودية على كسب معركة واحدة من هذه المعارك والأزمات المفتعلة، باءت بالفشل، فالسعوديون يدركون حقيقة هزيمتهم في ميادين عدة، مؤخراً، خصوصاً في الميدان اليمني ، والواضح أنهم يسيرون بمسار واضح وهو تلقي المزيد من الهزائم والانتكاسات، سياسياً وعسكرياً والأخطر اقتصادياً ومجتمعياً.
ولكن هنا وبالتحديد، وعند الحديث عن الملف اليمني ، يجب الإشارة إلى ملاحظة هامة، خصوصاً بعد مايقارب الخمسة أعوام من هذه الحرب العدوانية المفروضة على الدولة اليمنية، فهنا يمكننا القول، إنّ اليمنيين نجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة الحرب السعودية، وهم بالفعل، أثبتوا أنهم قادرون على الردّ وما زالوا يعملون ولليوم، على بناء وتجهيز إطار عام للردّ على مسار هذه الحرب العدوانية.
على أرض الواقع، ما زال السعوديون مستمرّين في معركتهم العدوانية على اليمن، مرتكزين على قاعدة دعمهم من أميركا “ترامب “، فهم لليوم ما زالوا يفتحون وبشكل واسع، معارك كبرى بالداخل اليمني وعلى جبهات ومحاور مختلفة. مع أنّ السعوديين يعلمون جيداً، ما مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات التي ستفرزها هذه المعارك. وبالأحرى، يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للانغماس السعودي في هذه المعركة، على الداخل السعودي ،ومع كلّ هذا وذاك، يبدوا أن السعوديون قرّروا أن يخوضوا هذه المغامرة الجديدة في الحديدة ، لعلهم يستطيعون أن يحققوا انتصاراً، حتى وإنْ كان إعلامياً، أو على حساب جثث أطفال ونساء الشعب اليمني، لعلّ هذا الانتصار يعطيهم جرعة أمل، بعد سلسلة الهزائم المدوية التي تلقوها في أكثر من ساحة صراع إقليمي.
ختاماً ،على الصعيد الدولي والاقليمي، تدرك القوى الإقليمية والدولية أنّ أي مغامرة جديدة للسعوديين في الحديدة ،وإشعال فتيل حروب وصراعات جديدة في المنطقة، ستكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة واستقرارها الهشّ والمضطرب، فاليوم مسار الحرب العدوانية السعودية- الأمريكية على الدولة اليمنية، بات يحمل الكثير من المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، لأنّ للمعركة أبعاداً مستقبلية ومرحلية ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسارها يخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً. وستكون لنتائج الميدان مستقبلاً، الكلمة الفصل وفق نتائجه المنتظرة، في أيّ حديث عن تسويات للحرب السعودية على الدولة اليمنية ومعظم الملفات الإقليمية العالقة وتغييرا كاملا ومطلقا في شروط التفاوض. فالمرحلة المقبلة، من المؤكد أنها ستحمل الكثير من التكهّنات والتساؤلات حول مستقبل ونتائج كلّ ما يجري في الإقليم بمجموعه.