وسقط نظام حزب البعث وعائلة الأسد في سوريا .بعد عقود من الحكم نظام شمولي اخر يخرج من السلطة في احدى عشر يومآ هزت العالم من الأحداث . اختار الجيش الحكومي السوري فيها ان يبقى على دكة الاحتياطي متفرج ومشاهد عازفآ عن اي دور حقيقي في مايجري ,تاركآ نظام الحكم الى مصيره فمن انسحاب الى اخر ثم العودة الى المنزل بعد ترك المقرات و الاسلحة و التجهيزات ربما يذكرنا بما نقلته الفضائيات عن الجيش العراقي في 1991 و2003 اذا اردنا ان نستخلص الدروس مما حصل في سوريا فأن الدرس الاول و الاهم هو (أن السلطة مهما تكرست فيها اسباب القوة وعبر تاريخ البشرية لايمكن لها ان تبقى وتستمر على حساب ارادة من تتولى شؤونهم وان القمع و مسلسل العنف وانعدام الشعور بالعدالة وفقدان المساواة وكبت الحريات واهدار كرامة وانسانية الشعوب عوامل تولد الانفجار و الثورة و التمرد بعد ان يبلغ اليأس مداه الاقصى من استحالة رفع الغبن و الاجحاف بالطرق السلمية القانونية و الدستورية لأانسداد الافاق امام العمل السياسي السلمي ولأن من بيدهم الامور صم عن سماع الرأي الاخر ). أن الجيوش كما يقال تزحف على بطونها فأن عدم توافر وسائل الدعم المادية للمقاتل ومنحة راتب غير كافي للقيام بشؤونة الحياتية ومتطلبات المعيشة مع الشعور بالغبن و الفجوة الطبقية بين المقاتل وبين قيادتة يضعف ويقتل الحافز الى القتال ولا تغني اجهزة القمع او الشعارات من قبيل الامة او الوطن او المقاومة او اي شعار اخر عن حقيقة ان المقاتل يفقد الايمان بمن يقوده ماحدث ان راتب الجندي السوري الشهري كان بحدود 10 دولار امريكي فيما راتب الضابط بحدود 80 دولار امريكي ,ومع رداءت الطعام المقدم مع نظام حكم منذ مايزيد على 60سنة بقيادة حزب البعث كل هذا جعل من ترسانة الاسلحة التي امتلكتها السلطة وانفقت على شراءها الاموال الطائلة منذ ايام الاتحاد السوفيتي بلا جدوى ولا فعالية على الارض .يذكرني ماحدث للجيش السوري بماعشنا ايام التسعينات من القرن الماضي حيث كان الجنود يستلمون راتب من الدولة لايكفيهم حتى اجرة الذهاب و العودة من وحداتهم العسكرية و شاهدت بعيني عندما كنت ادرس القانون في البصرة في التسعينات ايام الكلية في ساحة سعد الجنود يدفعون نصف الاجرة وينامون في ممر الحافلة سيارات النقل 44راكب ينامون عند اقدام الركاب لأنهم لايملكون ثمن اجرة كاملة تؤهلهم الجلوس على الكرسي وكم شاهدنا جنود يستجدون او يأكلون الاكل الرخيص من عربات اكل الشوارع ولايملكون دفع ثمنة والملابس المتهراءة . لاتبتعد حال سوريا عن حال العراق في مرحلة ماقبل 2003 بفترة وجيزة في العراق انصار نظام الاسد انحصروا بين راغب في امتيازات السلطة ومنافعها وجعلها اداة وسلم للترقي الاجتماعي و الاقتصادي و الوظيفي وبين ,ابناء المكونات من علويين ودروز ومسيحيين وشيعة اثناعشرية وهؤلاء دافعهم الخوف و الخشية من بديل متطرف لدواعي الدين او المذهب ,وهنالك مايعرف بالشبيحة وهم اشبة ب عناصر عصابات الجريمة المنظمة او مليشيا منفلتة وهي ظاهرة تنتجها الانظمة الشمولية بشكل متكرر اينما وصلت للسلطة من فرق ال اس اس النازية الى الشبيبة الهتلرية الى القمصان السوداء الفاشستية الى الحرس القومي و الجيش الشعبي في العراق .على اية حال سقط النظام وتولت السلطة مايعرف بهيأة تحرير الشام جبهة النصرة المنشقة من تنظيم داعش و ذات الافكار المقاربة لتنظيم القاعدة منطقيآ فأن سنوات الحزب الواحد و الكبت و العنف وغلق الالسن في صيدنايا وغيرها سوف لايسمح للأعتدال بالبروز بل سيدفع الى حمل السلاح لغياب الافق الديموقراطي الدستوري وحمل السلاح هو البؤرة . تخلق بيئة تزدهر فيها الافكار المتطرفة .وفي ظل الشرق الاوسط يتخذ تفسير الدين بتطرف وفق قراءة السلفية الجهادية السنية او الاصولية الجهادية الشيعية احد مظاهر السياسة في اطار بيئة لم تتوطن ولم تتجذر في ثقافتها مبادئ حقوق الانسان مشكلة الاسلاميين انهم غير مؤمنين ايدلوجيآ بقيم الديمقراطية وحقوق الانسان و المساواة وحرية التعبير وتداول السلطة سلميآ وفصل السلطات وقبول التعدد و التنوع وقبول الاخر , وهي متطلبات لابد منها الى اي نظام ديموقراطي حتى ينطبق علية الوصف . بل هنالك فعم وفق قراءة بشرية للنصوص الدينية الى ادارة الدولة و المجتمع وشكل النظام و المقدار المسموح بة و المباح في اطار نصوص تنتمي الى عصور مضى عليها قرون من الزمن ,بنفس الوقت فأن الاحزاب و القوى الدينية الاسلامية هي قوى براغماتية وربما واقعية الى حد كبير الظرورات تبيح المحضورات .ولعل قوى الاسلام السياسي التركي هي اكثر القوى برغماتية وقربآ للعلمانية في العالم الاسلامي ربما بتأثير عوامل التاريخ التركي وعلمنة المجتمع وربما بتاثير الجغرافية و القرب من اوربا يتضح ذالك منذ المفكر فتح الله غولن و حركتة وهو يقول (الاسلام لايطلب بشكل محدد وغير متغير من انظمة الحكم )ولعل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان كان واضحآ عندما زار مصر ايام الاخوان وفي برنامج العاشرة ومع مناداة المصرين بة كقائد وزعيم اسلامي ظهر على برنامج العاشرة ليقول (( تقلقوا من العلمانية انني امل ان تقوم دولة علمانية في مصر..اقول للمصريين الذين ينظرون الى العلمانية بأعتبارها تؤسس لدولة ملحدة انني اقول لهم بأنهم مخطئون فالعلمانية تعني احترام جميع الاديان و الافكار ان طبق ذالك فأن المجتمع سيعيش بأكملة في أمان )) . حتى الان وعلى الارض تم تشكيل حكومة انتقالية لكن مايثير الشكوك ان هذة الحكومة جاءت من لون واحد ومن حزب واحد هو هيأة تحرير الشام او ادارة العمليات اعتقد ان هذا خطاء او تعمد يثير الشكوك حيث ان اي سلطة انتقالية وتأسيسية لواقع جديد يجب ان تمثل الجميع وعلى قاعدة واسعة لأن واجبها سيكون الدعوة الى مؤتمر وطني وجمعية تأسيسية لكتابة الدستور الجديد واجراء انتخابات اضافة الى تصفية مراكز القوى للنظام السابق وسائر امور العدالة الانتقالية ومع كل ماتقدم كان يجب تأسيس حكومة انتقالية من جميع القوى السياسية ويذكرني ذالك بثورة 14تموز 1958 بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم حيث تشكلت الحكومة الانتقالية بعد الثورة من الشيوعيين و الحزب الوطني الديموقراطي وحزب الاسنقلال وديموقراطيين مستقليين والبعث وبمشاركة الاكراد والتركمان ومن مختلف الاديان و الطوائف و القوميات وترك تسمية الوزراء المدنين الى اجتماع عقد في دار كامل الجادرجي علما ان النية كانت مبيتة الى مشاركة الجميع حتى قبل القيام بأسقاط الملكية مما اكسب الاجراءات اللاحقة شرعية . الامر الاخر هو وجوب ان تحدد مدة الفترة الانتقالية ومدة كتابة الدستور الدائم لاان تبقى مفتوحة بنهايات سائبة حيث ان اغلب الدول في المنطقة عاشت فترة انتقال ودساتير مؤقتة منذ عشرات السنين ومنها العراق على سبيل المثال لا الحصر منذ 1958حتى عام 2005 بقي يعيش من الناحية الدستورية في اطار دساتير مؤقتة ومرحلة انتقال وحتى الان هذا لم يحدث لم تحدد فترة الانتقال ولم تنبثق حكومة انتقالية تراعي النسيج الاجتماعي السوري .وماتناقلتة الفضائيات و الصحف عن تعرض المكونات من علوين ودروز والاشتباكات مع قوات سوريات الديموقراطية كلها سوف تكون مؤشر على ان الحلم الديموقراطي ليس في المتناول القريب . وان مخاطر قيام سلطة غير ديموقراطية او فاشية دينية متطرفة تستلهم فقة العنف و التهميش و الاقصاء و ربما الارهاب لازالت قائمة ,آن دور تركيا الاقليمي في تعاظم وازدياد ففي تركيا دولة ونظام وان كان يقاد من حزب العدالة و التنمية لكن في اطار تجربة حزب اخواني مختلف جذريا عن نماذج الاسلام السياسي في المنطقة رغم الملاحظات فأن اسلام اسطمبول السياسي مختلف عن اسلام تورابورا والمؤسسة السلفية الاخوانية في المنطقة فهل ستنجح التأثيرات التركية على المشروع السوري ام ان التطرف و التزمت الطائفي و التكفيري سيقول كلمتة