18 ديسمبر، 2024 10:08 م

مابعد داعش…. رؤية سياسية لحزب الوفاق الوطني العراقي وامينه العام الدكتور اياد علاوي لمستقبل العراق

مابعد داعش…. رؤية سياسية لحزب الوفاق الوطني العراقي وامينه العام الدكتور اياد علاوي لمستقبل العراق

بعد ان تحقق الانتصار على تنظيم داعش الارهابي, وأعلان التحرير, تنطوي صفحة مهمة من صفحات تاريخ العراق المعاصر بعد مضي ثلاث سنوات ونصف من سيطرة هذا الارهاب على مناطق مهمة و واسعة من العراق , في مقدمتها الموصل والانبار وصلاح الدين, والان لابد ان تتجه الجهود الى مرحلة مابعد داعش, والتي يمكن ان تكون اخطر من سابقاتها مالم تصحح كل السياسات الخاطئة التي انتجت داعش, وتهدف هذه الاصلاحات الى اجراءات بنيوية بالدرجة الاساسية لضمان شمولية العملية السياسية لكل العراقيين من دون محاصصة او تميز او اقصاء او تهميش , فبعد القضاء على التنظيم عسكريا كنا نتامل ان تتخذ خطوات جادة لحلول سياسية ، تؤدي الى تصحيح السياسات التي انتهجتها الحكومات التي تعاقبت منذ عام 2005 ، واسفرت عن تشتت البلاد ، وتعمق الفساد في مؤسسات الدولة ، والتي ادت بالتالي الى انقسامات فعلية ، وكذلك استهداف شرائح واسعة من العراقيين ومحاربة القوى المدنية, لكن للاسف لم نلمس ذلك بالرغم من عديد الدعوات التي اطلقناها منذ بدء عمليات التحرير الى يومنا هذا, حيث ان هناك قضايا لا تزال تمثل مصدرا للقلق, منها الغاء الوجودات المسلحة خارج الجيش والشرطة لمن هو مؤهل وقادر, فلاحاجة لجيوش متعددة, والحشد المقاتل قاتل باخلاص وتفاني وكذلك البيشمركة والحشود العشائرية , وان صفحة المعارك القادمة ستحتاج اولا : الجهد الاستخباري الحقيقي, وثانيا: مكافحة الارهاب وتطوير قدراتها وتوسيعها لتكون قادرة على تنفيذ عمليات نوعية , لكن الاهم هو تغيير المناخ السياسي والبيئة, لتكون بيئة طاردة ومانعة للارهاب , وكذلك تنقية الاجواء مع اقليم كوردستان حفاظا على وحدة العراق , وانهاء حالة الاقصاء والتهميش, والقضاء على الطائفية السياسية, وحل ازمة النازحين واعمار المدن المحررة, لهذا كنا نقول دائما أن النصر العسكري ليس كافيًا، بل يتوجب أن يرافقه جهد سياسي، وعليه يجب أن نسارع في إجراءات واضحة محددة تهدف إلى إصلاح الأوضاع بشكل جذري، وإعادة صياغة العملية السياسية مرة أخرى بشكل شمولي، صياغة تضم الكل، لان استمرار الاوضاع وبقائها دون تغير, وبقاء الطائفية السياسية وغياب المؤسسات وضبابية الرؤية في ادارة الدولة قد نجد انفسنا امام ازمة قد تعصف بالبلاد اخطر من مرحلة داعش, لذا علينا البدء بحوار سياسي عاجل تحت سقف الدستور, والايمان بالعراق الاتحادي الديمقراطي الموحد, لايجاد حلول للتحديات الراهنة، حيث ان الاوضاع في العراق لا يمكن ان تتحمل مزيداً من التصدع والتفرقة والتدخلات الخارجية.

ومن هنا يمكن وصف المشروع المستقبلي الذي يطرحه الامين العام لحزب الوفاق الوطني العراقي الدكتور اياد علاوي, للمرحلة القادمة هو الاكثر واقعية ومصداقية من بين كل المشاريع الاخرى المطروحة, فهو الاول من طبق ونادى بضرورة بناء الدولة المدنية, التي هي دولة المواطنة الحقيقية التي تقوم على العدل والمساواة وسيادة القانون لكل العراقيين ,لان مستقبل العراق هو الدولة المدنية, وهي التي ناضل العراقيون بكل توجهاتهم لتحقيقها, وهذا ما اكدت علية المرجعية الشريفة في النجف الاشرف, وما طالبت به قوى الحراك الشعبي في المظاهرات المليونية التي ان انطلقت شرارتها الاولة في شباط من عام 2011 والمستمرة لحد يومنا هذا, مما شكل ضغطا شعبيا سلميا على احزاب السلطة٬ الى ان وصل الامر ان يتبنى اصحاب المشاريع الطائفية قيم المدنية والمواطنة, مع اننا نجزم بعدم جدية والتزام القوى الطائفية بقيم الوطنية التي اتخذتها عنوانا لعملها السياسي في المرحلة المقبلة٬ لذا علينا التنبه لدوافعها الحقيقية, وامكانية مسها بجوهر المشروع الوطني الأصيل, الا ان دلالات هذا التحول تؤكد تفكك مشاريع التقسيم والفتنة والتمييز امام خيار الجماهير في المدنية ودولة المواطنة وسيادة القانون, وعليه لابد من صدق النوايا وتكثيف الجهود لان هذه المرحلة, اي ما بعد داعش ستكون الفرصة الأخيرة للعراق لكي يخرج من النفق المظلم، ويتحول بالتدريج إلى دولة ناجزة بمؤسسات وطنية ومهنية قادرة على تأمين البلد بشكل كامل.