يبدو أن البرلمان العراقي باتت رئاسته اوالدخول في عضويته حكرا على من تتوافر فيه شروط معينة، وقطعا ستذهب مخيلة القارئ الى أن الشروط هي؛ الولاء للعراق.. الحيادية في اتخاذ القرارات.. الشفافية في التعامل مع القراءات ومشاريع القوانين والوقوف على مسافة واحدة من إقرارها والبت فيها.. الحرص على مصلحة البلاد ثم مصلحة البلاد ثم مصلحة البلاد ولاشيء غير مصلحة البلاد.! وبعد توافر هذه الشروط مجتمعة -وهذا لم يحصل حتى ساعة كتابة هذا المقال- يتعين على الشخص المرشح لمنصب رئاسة مجلس النواب اوعضويته ترديد القسم، وللتذكرة بما قاله اعضاء مجلس النواب جميعهم فيما ورد ضمن المادة (50) من الدستور، حين أدوا اليمين الدستورية أمام المجلس، حيث رددوا نصا:
(اقسم بالله العظيم ان اؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وان احافظ على استقلال العراق وسيادته وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثروته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وان اعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد والله على ما اقول شهيد).
من المؤكد أن قَسَما كهذا (يكسر الظهر) لابد أن تتبعه التزامات وقيود تحتم على مؤديه عدم الإخلال بها والحذر من نكث ماتعهد به، كذلك يتوجب عليه الوفاء بما وعد به من قبل الى من وضعه موضع الثقة، وسلمه (الجمل بما حمل)، وولاه أمره في كل أمور حياته. وكل العراقيين مروا بتجربتين سابقتين الواحدة منها أكثر مرارة من الثانية، وهم اليوم يعانون مرارة الثالثة بنكهة مشوبة بالخذلان وخيبة الظن، فيما كانوا يأملون الخير فيها، بما يشبه الـ (گشاية) التي مافتئ العراقي الغريق يبحث عنها ليتمسك بها بعد أن نأت به شطآنه، وبات عسيرا عليه الوصول الى بر الأمان، وهو يدعو الله أن تصادفه من القشات الكثير، لعلها تنتشله من البحر المتلاطم الأمواج الذي قذفه فيه المجلس بدورتيه السابقتين وأجهز عليه بدورته الثالثة. ومن يدري فقد تكون الشدائد والعقبات قد أمر الله بتذليلها من طريق العراقيين، فيقذف بالرحمة في قلوب ممثليهم بأعلى سلطة للشعب المتمثلة ببرلمانهم، بعد عودتهم من أجازتهم الفصلية متجددي النشاط، لاسيما والعراقيون اليوم يتطلعون الى من يُحدث طفرة ونقلة نوعية في ما يناقش تحت قبة المجلس من قوانين ومشاريع قوانين، بشكل يأتي بجدوى يلمسها المواطن ويتحسسها واقعا حيا معاشا، وليس وعودا او أكاذيب كما عوده نواب المجلس -ورئيسه طبعا- لم يكن مبتدؤها محمودا كما لم تحمد عقباها كذلك.
وبعودة الى القَسَم الذي أداه النواب.. أرى أن يضع كل عضو ونائب نسخة من هذا القسم في جيبه، بعد أن عادوا من إجازتهم، ليحفظوه عن ظهر قلب، ذلك أن الشيطان شاطر.. والإنسان (مو راحة) -ولاسيما نوابنا-. كما أتمنى أن يضع النواب -ورئيسهم على وجه الخصوص- نسخة من أبيات الشعر الآتية للإمام علي (ع)، يقرأونها بين الفينة والأخرى “لعلهم يتفكرون”..! تقول الأبيات:
ياصاحب القبر المنقش سطحه
ولعلـه من تحتــه مغلـول
لا يغرنــك زخرفـه ونقوشـه
وعليه من حلق العذاب كبول
فـاذا وليـت أمـر قـوم ليلــة
فاعلم بأنـك عنهم مسـؤول
واذا حملـت الى القبـور جنازة
فاعلم بأنـك بعدها محمـول