هذه الأزمات والتحديات تشكل عوامل انهيار وشيك لأي نظام في العالم وليس في العراق فحسب، يضاف الى كل ما تقدم عدم اكتراث القيادات السياسية الحاكمة والمتحكمة بالمشهد القائم لمخاطر الانهيار المتوقع، وانصرافها الى تقاسم ما تبقى من مغانم بدلا من ممارسة مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية في معالجة الأزمات ووقف بوادر الانهيار.
وبات ومافتيء وصار العراق يمر بأزمة حقيقية بعد أن وصل الانتشار غير المسبوق للأسلحة الخارجة عن السيطرة إلى مستويات مخيفة، كما أثرت البطالة على قطاعات كبيرة من القوى العاملة. وبلغت الطاقات الشبابية المعطلة نسب مخيفة ترافقها بطالة مقنعة في عموم مؤسسات الدولة وتدني مستويات الإنتاج إن لم تكن معدومة في العديد من مرافق الدولة المترهلة والمثقلة بمؤسسات لا حاجة لها أصلا، إضافة الى تفشى الفساد المالي والإداري في معظم أجهزة الدولة الرئيسية. كل ذلك بات واقعا ملموسا تحت إدارة نظام سياسي هش وسوء إدارة، ومما زاد الأمر سوء انتشار جائحة كورونا وتداعياتها على مجمل مناحي الحياة وتأثيراتها الاقتصادية التي عصفت ببلد لم يكد يلتقط أنفاسه من سلسلة أزمات باتت تتشظى يوما بعد آخر منذ ٢٠٠٣ وليومنا هذا
لا شك بأن السلاح المنفلت يلعب دورا كبيرا في تقليص موارد الدولة، حيث يعمل على الاستيلاء بشكل مباشر أو غير مباشر على موارد الدولة، مثلما نراه الآن في المنافذ الحدودية التي تسيطر عليها بعض هذه المجاميع، وعند هبوط أسعار النفط كما حصل في سنة ٢٠٢٠ ستبدأ المجاميع المسلحة بالاقتتال فيما بينها للسيطرة على الرقع الجغرافية التي تؤمن لها الموارد مثل المنافذ أو الآبار النفطية أو المصانع. بمعنى أخر، إن خطر السلاح المنتشر بين شرائح المجتمع وتحت أي مسمى تشكل خطرا جسيما على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي ولن يتمكن العراق من التعافي مالم تتم السيطرة على هذا السلاح.
سلاح الدولة: ويمسك بهذا السلاح المؤسسات العسكرية والأمنية وتأتمر هذه المؤسسات بإمرة القائد العام للقوات المسلحة شكلا، ولكن من الناحية الحقيقية فأن معظم هذه المؤسسات نخرها الفساد وتعمل طبقا للولاءات الحزبية ولا يوجد سوى القليل منها الذي يعمل لصالح الدولة.
سلاح الفصائل: ينقسم هذا السلاح الى نوعين، سلاح بيد فصائل مسلحة داخل هيئة الحشد الشعبي لكنه يأتمر بأوامر القيادات العسكرية والحزبية لتلك الفصائل، بوصلتها المصلحة الذاتية بشكل خاص ومصلحة الطائفة الشيعية بشكل عام ولا تتردد عن تحدي الدولة في أي لحظة في حال عدم اتفاق اتجاه الدولة مع هذه المصالح. النوع الأخر هو السلاح بيد فصائل مسلحة خارج هيئة الحشد الشعبي وهذه الفصائل عقائدية وولاءها للجمهورية الإسلامية الإيرانية ولا تأتمر بأوامر الحشد وتعمل خارج سلطة الدولة وبل وتستخدم هذا السلاح ضد الدولة أحيانا، لكنها مستفيدة من كل ما تقدمه الدولة لفصائل الحشد من رواتب ودعم مالي وتسليحي ولوجستي بضمنه ترخيص الحركة والمرور على مدار الساعة.
سلاح البيشمركة: ترتبط قوات البيشمركة من الناحية الشكلية بالقائد العام للقوات المسلحة في إقليم كوردستان أي رئيس الإقليم، لكنها واقعا منقسمة الى قسمين، الأول تحت قيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني والقسم الثاني تحت قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني. وولاء هذا السلاح ليس للدولة العراقية عند تعارض مصالحها مع المصالح الكوردية كما حصل في كركوك وضواحيها سنة ٢٠١٧.
سلاح العشائر: معظم العشائر العراقية وسط وجنوب العراق، بل وحتى شماله أن لم تكن جميعها مسلحة ويتفاوت نوع ومستوى التسليح من عشيرة الى أخرى، وتقع صدامات ومواجهات مسلحة بين هذه العشائر خاصة في البصرة والناصرية والعمارة بين حين وآخر، حيث تستخدم الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بل وحتى الثقيلة أحيانا، وولاء هذا السلاح للعشيرة بالتأكيد مما يرجح إمكانية استخدامه مع أو ضد الدولة حسب المصلحة العليا للعشيرة.
سلاح الإرهاب: الفصائل والخلايا الإرهابية تمتلك هي الأخرى كما لا بأس به من السلاح والذخيرة والعتاد المسخرة جميعها لخلخلة وإضعاف الوضع الأمني وتهديد سلطة الدولة في معظم مناطق وسط وغرب وشمال العراق، ويستهدف الدولة والأهداف العسكرية والمدنية على حد سواء.
السلاح المنفلت: والذي يتجمع لدى الأفراد ويباع ويشترى علنا في أسواق تعنى به، ويضم هناك كما هائلا من السلاح الخفيف المرخص وغير المرخص وكميات لا يستهان به من الذخيرة والعتاد، وينتشر بين المواطنين المدنيين، واستخدام هذا السلاح في الوقت الراهن هو أما للدفاع الشخصي أو في المناسبات الاجتماعية مما يهدد السلم الأهلي، كذلك يجري، ولكن استخدامه ضد الدولة ومؤسساتها أحيانا بحسب ولاء حامل السلاح.
انتشار هذا الكم الهائل من السلاح خارج سيطرة الدولة يجعله يشكل خطرا حقيقيا على الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي ويجعل الدولة ضعيفة وغير قادرة على التحكم والسيطرة، وهذا ينطبق بحسب وصفه لي أحد الدبلوماسيين الكبار في بغداد بان “الدولة العراقية هي خامس أكبر قوة مسلحة في العراق”.
الفساد في العراق بعد أن كان ظاهرة أصبح ثقافة تقودها الأحزاب الحاكمة عبر تكالبها على نهب منظم لثروات البلد بشكل مباشر أو غير مباشر، ويعد الفساد الأكثر خطرا على البلاد، وبات يشل حركة البناء والتنمية والتطور المتوقفة أصلا، وينخر في جسد الاقتصاد المتهاوي ويبدد الثروات المالية والإدارية. لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من الحد من انتشار الفساد داخل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بالرغم من تعدد الجهات الرسمية المعنية بمكافحته من بينها هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والسلطة القضائية. لقد عملت معظم الأحزاب الحاكمة على تأسيس مكاتب اقتصادية تعمل على تنصيب الوزير ومن يليه وتوجيههم بما يخدم مصالح الحزب من إحالة العقود الشرائية أو الخدمية أو عقود المقاولات ، واغلبية الأحزاب باتت مشتركة أو مشاركة في هذه الظاهرة بشكل أو بأخر.
ولم يقتصر الفساد بالسلطة التنفيذية بل تعداه الى السلطة التشريعية، ويعمل مجلس النواب على تقنين بعض أشكال الفساد أو غض النظر عن الفساد وتقاعسه عن ممارسة دوره الرقابي، وخير مثال على ذلك فشل مجلس النواب في استجواب أي وزير منذ بداية الدورة الحالية الى يومنا الحاضر برغم وجود عدة طلبات لاستجواب اكثر من وزير مودعة لدى رئاسة المجلس ، ويلجأ بعض النواب الى التلويح بكارت الاستجواب لهذا الوزير أو ذاك لتحقيق مكاسب نفعية. وزادت سطوة النائب على الدوائر الحكومية بعد إقرار قانون مجلس النواب رقم ١٣ لسنة ٢٠١٨اذ تنص المادة ١٦ ثانيا على إلزام الدوائر الحكومية بالتعاون مع النائب “لتمكينه من أداء دوره” وتلزم المادة ١٥ كافة الوزارات بالرد على مراسلات النواب ويعد الامتناع عن الإجابة إخلالا بمهامه يعاقب عليه بموجب المادة ٣٢٩ من قانون العقوبات العراقية.
وبحسب تقرير هيئة النزاهة لعام ٢٠٢١، تم استقدام ٥٢ وزير أو من بدرجتهم كما صدر ٤٩١ امر استقدام بحق ٣٦٩ مسؤولا رفيعا من الدرجات الخاصة، كما جاء في تقرير الهيئة لسنة ٢٠١٨ بانه تم إحالة اكثر من ثلاثة الأف متهم للقضاء من بينهم ١١ وزيرا و١٥٦ من ذوي الدرجات الخاصة. بالرغم من هذه الأعداد الكبيرة من القضايا والإحالات الى القضاء إلا انه لم يتم إيداع أي وزير في السجن في الأعوام القليلة السابقة والسبب الأساسي هو تدخل الأحزاب السياسية لصالح الوزير المدان.
إن مصدر أزمات العراق يكمن بضعف النظام السياسي وهشاشته، كونه منبثق من محاصصة طائفية وعرقية والذي جرى اعتماده بعد سنة ٢٠٠٣. وقد تمكنت الأحزاب الحاكمة من السيطرة على المشهد السياسي بعد أول انتخابات تشريعية في سنة ٢٠٠٥، وبقيت هذه الأحزاب متحكمة الى الآن مع تفاوت بسيط في نفوذ البعض منهم هم على مر السنين، على سبيل المثال كان المجلس الأعلى الإسلامي هو المتصدر لغاية انتخابات ٢٠٠٦ ومن بعده تصدر ائتلاف دولة القانون المشهد لغاية انتخابات ٢٠١٤، فيما بدأت الكتلة الصدرية وتحالف الفتح بالهيمنة بعد انتخابات ٢٠١٨. وفي إقليم كوردستان يتصدر المشهد السياسي الحزبين الحاكمين الرئيسيين منذ ١٩٩٢ ولحد اليوم. أما الساحة السنية فكانت مشهدا لتغيرات سياسية درامية، من مقاطعة الانتخابات الأولى الى التمثيل المنقسم وثم دخول داعش في المحافظات السنية وبروز القيادات الجديدة، ولم يسيطر أي حزب بعينه على المشهد بشكل متواصل، وبذلك لم يستقر الوضع السني على صورة مماثلة للفريقين الآخرين من الشيعة والكورد.
جميع الأحزاب العراقية حديثة العهد بأصول وقواعد الحكم باستثناء الحزبين الكورديين الديمقراطي والاتحاد وتعود تجربتهما الى عام ١٩٩٢. خبرة الأحزاب العراقية في إدارة البلد والعملية السياسية مبنية على الاجتهاد الحزبي والقرارات الارتجالية هي سيدة الموقف في اغلب الأحيان، ولا تعتمد تلك الأحزاب على دراسات وخطط مدروسة أو مستمدة من تجارب مماثلة. وتتنافس هذه الأحزاب على الحكم على أساس المحاصصة المذهبية والقومية إذ تم تشكيل الحكومات السابقة بشكل توافقي لإرضاء القوى الرئيسية التي استفردت بالحكم، وجميع هذه الأحزاب مسؤولة عما وصل إليه حال البلد وتتحمل جميعها مسؤولية الخراب الذي حل بالعراق منذ نحو عقدين، برغم الموازنات الإتحادية التي بلغت أكثر من تريليون و٤٠٠ مليار دولار أمريكي منذ عام ٢٠٠٥ الى عامنا الحالي، من دون أن نرى على الأرض ما يوازي كل هذا الإنفاق.
مازالت الأحزاب تتنافس في كل انتخابات، ولكن على أساس الاتفاق بتقاسم المغانم، والتوافق فيما بينها على توزيع المناصب العليا حسب المحاصصة الحزبية، بغض النظر عن الأداء الانتخابي والفوز أو الخسارة تحت شعار حكومة توافقية، ولم نجد حتى يومنا هذا معارضة سياسية إلا نادرا وتعمل هذه الأحزاب معا تحت مبدأ التخادم وتبادل المصالح.
لقد ساهمت الأحزاب في انهيار مؤسسات الدولة من خلال تعيين عشوائي غير الكفوء في المناصب العليا وبهذا استقطبت طبقة انتهازية من بين صفوفها تعمل على خدمتها من خلال هذه المناصب، ولهذا السبب نرى أن التعين في الدولة ليس مرهونا بالخبرة الإدارية والوظيفية والاختصاص بقدر ارتباطه بخدمة الحزب وطاعة الحزب وتنفيذ أوامره وتلبية رغبات زعيمه، مما حال دون تعيين الكفاءات واستثمار قدراتها في إعادة إعمار البلاد وتنميتها.
أدى هذا الهيكل السياسي الضعيف إلى سوء الإدارة السياسية في جميع مفاصل الدولة، والسبب الرئيسي في هذا الفشل هو قلة خبرة المسؤول العراقي في إدارة الدولة، لقد كانت الأحزاب المعارضة في المنفى ولعقود من الزمن منهمكة في معارضة النظام السابق ولم تكتسب خبرة في إدارة الدولة، كما أن الناشط السياسي المعارض لم يتدرج في مؤسسات الدولة. بالإضافة الى أن اغلب أفراد المعارضة وخصوصا في الدول الغربية لم يكونوا يعملون في البلد المضيف لكسب الخبرات والمهارات وتطوير قدراتهم العلمية والفنية والإدارية، بل كانوا يعتاشون على المعونات التي تقدمها لهم حكومات تلك الدول. ولا يختلطون إلا مع أبناء جلدتهم من الجالية العراقية والدليل أن غالبيتهم لم يتعلموا لغة الدولة المضيفة.
بعد زوال النظام الدكتاتوري على يد التحالف الدولي، تم تنصيب أقطاب المعارضة في الحكم وتسليمهم مقاليد إدارة الدولة برغم عدم توفر الخبرة في الحكم، من دون التخلي عن نزعة المعارضة. ولازالت سمات هذه النزعة متجذرة لدى العديد من قيادات تلك الأحزاب، مما يعكس خشيتها من مغادرة الحكم سريعا وزوال السلكة من أيديهم بشكل أو بآخر. وهذا ما يدفعهم للتسابق نحو الاستحواذ على مقدرات البلاد المتاحة أمامهم بأسرع وقت ممكن.
وبالرغم من قلة خبرة الحكام الجدد فانهم فشلوا حتى بالاستعانة بالخبرات المتراكمة الموجودة داخل مؤسسات الدولة، بالعكس قاموا بإفراغ هذه المؤسسات من الخبرات تحت شعار اجتثاث البعث أو عدم الانتماء لأحزابهم، تم استبدال المدير العام ووكيل الوزير والمستشار والخبير في شؤون إدارة الوزارات والمنشآت الحكومية بأعضاء الأحزاب الحاكمة على أساس طائفي محاصصاتي دون الاكتراث بالكفاءة أو الخبرة، والنتيجة كانت إخلاء المؤسسات الحكومية من الخبرة الإدارية فانهارت جميع هذه المؤسسات والدليل هو ما آلت ا إليه أوضاع قطاعات التعليم والصحة والخدمات الأساسية والطاقة والصناعة والزراعة. لذلك ليس من المستغرب أن نرى أن جميع الأبنية الحكومية والطرق الرئيسية التي تربط المدن والجسور في العاصمة بغداد وعموم المحافظات والمستشفيات والجامعات الحكومية وغيرها كلها من بناء العهد البائد والعهود السابقة ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ ٢٠٠٣ من بناء ما ينافس تلك الشواهد، حتى بات مشهد بغداد ومدن وسط وجنوب العراق بائس لايسر الناظرين.
وفى حين يتم تسليط الضوء على التحديات الاقتصادية والسياسية الرئيسية التي تواجه العراق، هناك عوامل لا حصر لها تساهم كل منها جزئيا في الانهيار المحتمل للعراق. ولكن يكفي إلقاء نظرة سريعة الى انهيار الخدمات العامة والأساسية مثل الكهرباء والماء والمجاري والطرق والصحة والتعليم، وأن جولة تفقدية في أي مدينة من مدن العراق عدا إقليم كوردستان يظهر جليا حجم التراجع والخراب والفشل في هذه القطاعات، مما يعكس غياب العدالة الاجتماعية، وتردي مستوى التعليم في المدارس والجامعات، وتخلف القطاع الصحي والتواني في حل مشاكل النازحين وإعادتهم الى ديارهم، وتأخر إعادة إعمار المناطق المحررة من داعش، كل تلك المشاهد تمثل عوامل فشل تنخر في جسد الدولة وكيانها وكل واحد منها يساهم في تعجيل عملية الانهيار. وعلى هذا النحو، يستكشف المقال الأخير في هذه السلسلة السيناريوهات المحتملة لهذا الانهيار، كما يعرض الإصلاحات الحقيقية اللازمة لتجنب مثل هذه الكارثة في العراق.
الفساد في العراق استشرى حتى في حبيبات الرمل الناقلة للماء، كلنا نلعن الفساد والفاسدين ونصب جام غضبنا عليهم؛ غير أنه ما أن تلوح لأي منا فرصة ما فإنه سرعان ما قد يقتنصها، ويتحول في موقفه وسلوكه تدريجياً، وإذا ما سئل عن هذا التحول يهب ويقول (الكل تأخذ والوضع صار هيج وحتى انمشي شغل , وصلنا لدرجة أن أصبحت الرشوة وصور الفساد ضمن سياق حياتنا الطبيعة، فأية خدمة يراد إنجازها لن تتم سوى بالرشوة(الإكرامية)، تنازلنا عن حقوقنا في الحصول على الخدمات وهي حق أصيل لنا قانونا، لنجد مبرراً أخلاقياً في أن ما نفعله هو الصحيح ..) .
المحامي اصبح فاسد ويحتال على الموكل ويتفنن في استنزاف جيب موكله تحت عناوين(الرشوة والاكراميات والمنح والرسوم وغيرها) وبعضهم اصبح سياسيا ليكون نصاب سياسي بامتياز، واصبح يبتكر لك مبادئ وقواعد يسميها إنسانية ليبرر عمله السياسي الفاسد، والتجربة اكدت انهم وغيرهم كانوا اشد وطأة وايلاما من غيرهم في الفساد، ونسوا ان المحاماة هي الرحمة والخبرة ورسالة العدل والتضحية بأسمى معانيها .
القاضي أصبح فاسد عندما يحرف القضاء ويحوله من محطة لتحقيق العدالة وضبط الاعمال الجرمية وغيرها ومكافحتها الى سوق لبيع وشراء حقوق وحريات الناس وأموالهم وأعراضهم، فالقاضي عندما يعمل لصالح جهات سياسية ولا يجسد العدل في عمله فهو فاسد .
المقاول والمهندس أصبح يغش في عمله ويزوِّر تقريراً باستلام مشروع لم ينفَّذ أصلاً، فهو فاسد .
الفقير الذي يتسول في الشوارع او امام باب الجوامع والمراقد فهو يتفنن في اظهار مظاهر الحاجة واختلاق الأكاذيب لأجل دفع المواطن ان يضع يده في جيبه لدفع مبلغ من المال له فهو فاسد .
شيخ العشيرة أصبح فاسد وأداة بيد السياسيين وباع العشيرة والوطن بحفنة دولارات، وشيخ الجامع او المرجع الديني تخلى عن دوره وأصبح يتاجر بالفتوى، ولا يتصدى للفساد وصور الاجرام والقتل، وشاطر في المسيرات التي تضفي على الشعب التفرقة الطائفية، وافواههم تنضح منها دماء ضحايا وجيوبهم مملؤة بأموال السحت الحرام، ومنهم من يسرق صندوق التبرعات في الجامع ويسكت عن الفساد في منطقته للحفاظ على مصالحه؛ فهم فاسدين ومفسدين ولصوص .
الصيدلي بات يغش في دواءه ويتفق مع الطبيب على الكومشن الوارد من المريض بطريقة خرجت عن كل الاعتبارات الإنسانية والمهنية والأخلاقية، فهو فاسد ولص ومعه الطبيب الذي أصبح وحش كاسر عندما يقوم بإجراء عملية لمريض لأجل المادة فقط وليس لحاجة مرضية .
المواطن الذي يقوم بربط انابيب المياه أو أسلاك للكهرباء من خارج العدادات، وأحياناً بمساعدة مهندسين وفنيين من دوائر الكهرباء والمياه، فيستهلكون ما استطاعوا مجاناً ودون حساب فهم فاسدين ولصوص .
تلاميذنا وطلابنا في مختلف المراحل يمارسون الغش في الامتحانات، واستطاعوا إقناع مدرسهم “الفاسد” بتزويدهم بأسئلة الامتحان، وبتشجيع من آبائهم؛ وإذا ما حاول مدرس منع الغش أو حتى الحد منه، فإنه يتعرض للتهديد والضرب، وربما القتل أحياناً، فكلهم غشاشون ولصوص وفاسدون .
الموظف من أوكلت له مهمة متابعة الفاسدين غارق في الفساد، والذي يتأخر عن عمله ويسرق ساعات عمله ويسيء معاملة المواطن فاسد أيضا، والذي يتفق مع التجار لزيادة أسعار سلعة ما، فكلهم فاسدين ولصوص .
المحقق ورجل الشرطة، الذي يقوم بالعثور على ضحية وتلبيسه التهمة تهدئة للخواطر الثائرة من جهة وإبراز كفاءة أمنية زائفة من جهة أخرى، ويحرف التحقيق نحو الخطأ في تحديد هوية الجناة؛ فهم فاسدين ومفسدين .
الأصدقاء والاخوة والاقرباء؛ أصبح شعارهم (فارقته مع المفارقين، وخذلته مع الخاذلين، وخنته مع الخائنين) حيث يمارسون كل صور قطع صلة الرحم وعدم التواصل ونسوا المبادئ والقيم، وصار كل واحد منا مفتيا لنفسه وشيخا لعقله وأستاذا لقلبه، وأصبحت الغاية المثلى للجميع دوافع مصلحية فئوية وشخصية وتحقيق المكاسب؛ كلهم فاسدين ومفسدين .
السائق الذي يخالف اشارات المرور، وبائع الخضروات الذي يغش في بضاعته كلهم فاسدين ومفسدين .
من منا لا يعلم في منطقته فاسدين وعمليات فساد تمت وكما قال الممثل المرحوم احمد زكي في مرافعته في فلم ضد الحكومة: (..من منا لم يشارك في احدى عمليات الفساد حتى بالصمت العاجز) .
وهكذا أصبحت دائرة الفساد المجتمعية تكاد ان تكتمل الا ما رحم ربي، وأصبحنا من الدول ذات العاهات المستديمة التي تعتبر الباطل حقا، والظلم عدالة، والفساد شطارة، ولا أريد أن أعتبر الغرب قدوة لنا لكن للأسف في الغرب يمتازون عنا في العقلية لا أتحدث عن العقيدة، ثم أن العقيدة لله والمعاملة للإنسان .
الفساد أصبح وباء ينتشر في كافة ارجاء العراق , الفساد لا يمكن أن نحصره في شخص معين (ذو منصب)؛ فهو ليس صفة شخصية يتصف بها فلان ولا يتصف بها فلان؛ الفساد مثل الفيروس، يوجد في البيئة الصالحة لتكاثره؛ فكما أن الفيروس يعيش في الجسم الضعيف قليل المناعة فإن الفساد ينتشر في البيئة ضعيفة “القوانين” وقليلة “الرقابة, فمؤسسات المجتمع المدني التي تحصل على تمويل لمشروعاتها الوهمية فاسدة، وعندما نرى أبناء القضاة قضاة، وأبناء الضباط ضباط، وتعيين أبناء المسؤولين فساد، ومن يسرق الأبحاث العلمية ورسائل الماجستير والدكتوراه فاسد، كما أن من يسكت ويرضى العيش في ظل هذه البيئة الفاسدة بدون أن يفعل شيئاً أيضاً فاسد، فأشكال الفساد تعددت حتى اعتدناها واصبحت جزء من حياتنا، لا نستطيع العيش بدونها ونبررها، فهل نستطيع التخلص من هذا الوحش الذي سيلتهمنا فرادى وجماعات؟,
نعم الكثير مفسدون وفاسدون–يرتدي ثوب الاصلاح ويعوم في الفساد يتحدث عن الاسلام قولا لا فعلا، حتى القران اخذنا منه ان الله غفور رحيم وتركنا منه ان الله شديد العقاب — نتحدث عن الأمانة وقلوبنا أقرب الى الخيانة، نتحدث عن الفضيلة والقيم والمثل والاخلاق ونحن منهم براء — السرقة والرشوة اصبحت شرفا لبعض من سمو بالشرفاء، شوهنا كل جميل بقي وحاربناه ومن تبقى بمبدئه ساومناه — عندما نشاهد الاعراض تستباح والمقدسات تنتهك ولا نتحرك فنحن فاسدون- عندما نكرم الخبيث ونعتقل البريء ونصفق للجانى ونجلد المجني عليه فنحن فاسدون – عندما نقتل اخواننا بأيدينا ونقوم بتدمير مدنهم وتحويلها إلى أنقاض ونقول إننا حررناها، فنحن فاسدون – عندما نقف وقفة اجلال واحترام للطاغية ونمتدح اعماله ولا نصرخ في وجه الظالم فنحن فاسدون – عندما نسمح للمرأة وبخاصة المحامية ان تكون ديكور متنقل وطريق للتربح فنحن فاسدون- وهنالك الكثير من علامات الفساد؛ نعيشها دون ان نعلم وربما نعلم -.-.
كلنا فاسدون ولصوص وغشاشون ومتفيدون وما إلى ذلك، ومن لم تتهيأ له فرصة بعد، فإن هذه المواهب كلها أو بعضها قد تكون كامنة في داخله، جمل ما فينا نقدنا المستمر للفساد والفاسدين ورفضنا للرشوة والمرتشين أمام (المرايا) أو أمام الإعلام، ونقبل ما سبق تحت بند إكرامية أو (كومشن)، فلا يحق للشعب محاسبة الفاسدين السياسيين والحكوميين؛ ف “كما تكونوا يولى عليكم” والله ولي المؤمنين .
إنها مسؤولية مشتركة بين طرفين (الراشي والمرتشي)، فيوم أن نتوقف نحن عن وضع المال في درج الموظف نظير الخدمات الحكومية ستغلق الأدراج ويختفى الفساد.
وقد نُهينا عن النظرة التشاؤمية؛ فإن الْخَيْر بَاقٍ في أمة محمد(ص) إلى قيام الساعة.
يقول الامام الحسن(عليه السلام): “مَن رأى سُلطاناً جائراً مُستَحل لِحَرام الله، ناكثاً عهده، مخالفاً لِسُنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيِّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أنْ يُدخِله مَدخَله”.
وأخيرا سامح الله من سوف ينظر لموضوع مقالنا كما نظر لمقالنا السابق(هل نحن حقراء) ومقال( مقال لا يقرأ مضمونه كونه خارج التغطية) بتعال واستاذية، وكأنه قديس يقول الحق دائما، ومعصوم لا يقاربه أحد، واني سطرت في اعلاها برؤية شخصية لواقعنا المؤلم، قد أكون مصيبا في بعض منها، وقد أكون مخطئا في مجملها، وقد يتفق القليل من سيادتكم معي، كما قد يختلف العموم عني، ولكني أعتقد، أن مسؤوليتنا جميعا، أمام الله ثم ضمائرنا، وسأرمي بسؤالي واغادر وأقول :
ألدينا ثقة في أنفسنا باننا لسنا فاسدين؟
الذين وصلوا الى مناصب عليا، ومراتب رفيعة في مختلف القطاعات حتى من غير الفاسدين ليس من مصلحتهم الحرب الكاملة لأنهم جزء من منظومة الفساد لجهة أنهم عينوا، أو رشحوا من قبل الجهات النافذة في الدولة، وهولاء لايستطيعون التحرك ضد أولياء نعمهم، وهم غير قادرين ذاتيا لأن الإطاحة بالكبار من الفسادين والمتنفذين تعني نهايتهم أيضا، ولاتصدقوا أحاديث العراقيين عن محاربة الفساد لأن غالب الناس موالون منتفعون بإستثناء قلة لم تستفد، ولم تنتفع، وربما تمتلك النية الصادقة في المواجهة، فالجمهور الذي يقدر بالملايين، والذي يتبع الكتل والزعامات هو جمهور فاسد لأنه يبرر للفاسدين بدعاوي ومبررات واهية، وإعتقادات فاسدة، فتجد إن ضحايا الفساد أول من يدافع عن الفاسدين خاصة مع ظهور دلائل ومؤشرات على فساد كتل وقوى وجهات يعدها الناس محترمة ومدافعة عنهم، لكن ظهر إن زعامات وشخصيات فيها هم من المنتفعين والفاسدين، ولكنهم يعتمدون على جمهورهم السطحي والساذج في تمرير مايريدون.
كبار الفاسدين يعتمدون على صنفين من الناس للمضي بفسادهم دون محاسبة حقيقية ليبقى الصراع بين الفاسدين لإسقاط بعضهم، وليس لحماية الدولة، وتأمين مصالحها كما يدعي البعض من محاربي الفساد، وإدعياء تلك المحاربة، وهي منهم براء، والصنف الأول من الناس:
السذج وهم بالملايين يتم ترويضهم عبر الدين والمذهب، والشعور بالإنتماء، وووجوب تصديق مايقوله المتنفذون بحجة أنهم شرفاء، وحريصون على البلد وممتلكاته وثرواته، فيدافعون عن الفاسدين بقوة، ويبررون لهم مايفعلون، ومهما كانت الخطايا فإنهم يبررون، ثم يقولون : إن خطأ هذا الشخص وذاك من الجهة التي أواليها إنما هو فعل مبرر، وفيه المصلحة حتما، ولايجب أن أرد عليه بقول، أو فعل فهو أعرف بالمصلحة.
أصحاب المصلحة، وهم كثرة كاثرة موالون لأحزاب وقوى فاعلة، وأغلبهم من الذين عينتهم تلك الأحزاب في مناصبهم، وجعلتهم أسارى لها، ينفذون أجنداتها، ويؤمنون مكاسب لها في وزارات ومؤسسات وهيئات ودوائر، ويتعلق الأمر بالمال والعقود والإستثمارات والمناقصات والتنقلات، وتعيين أشخاص في وظائف، وهولاء الأشخاص هم من المنتمين لتلك الأحزاب، وأعضاء فيها تعينهم لتضمن ولاءهم لها، وتنتفع منهم في مهام خاصة توجههم لتحقيقها.
في حال تم العمل على إسقاط الفساد فسيكون ذلك مدعاة لسقوط الدولة التي يرى البعض إنها دولة المجموعات الفاسدة، وليست دولة الشعب، وبالتالي فلاضرر من سقوطها، بل سيكون ذلك سببا في الإصلاح والنهوض مجددا، ولأن تلك المجموعات ضمنت ولاء مجموعات بشرية، ومجموعات وظيفية وإنتمائية وولائية، فهي آمنة على الأقل للفترة الحالية، ولفترة مقبلة لانعلم بالضبط متى تنته
تصيبني الدهشة وينتابني حزن عميق على حال الوطن المنكوب ، عندما أرى قادة الفساد يقودون تظاهرات ضد الفساد!!! يصفق ويهلل لهم الشعب المنكوب!!! ، لا أدري هل هو إنفصام بالشخصية العراقية ، التي أشار اليها العلامة المرحوم علي الوردي في كتاباته القيمة؟! ، أم أنها ردة فعل وتفسير لأهزوجة : بالروح بالدم نفديك ياهو الجان؟!!، أم أنها ترجمة حرفية لواقع العراق اليوم؟! ( فوضى في فوضى)!.
“جرعة” الديمقراطية الزائدة بشكل مفاجئ التي تلقاها العراقيون!! من الطبيب الأمريكي أطاحت بعقولهم!! وصرنا شعب يعاني من حالة ” الشيزوفرينيا ” الحادة!! ، بالأمس نتحدث عن فسادهم واليوم نصفق لعدالتهم!! بمحاربة الفساد!! ولا أدري هل نحاربهم بالكلام!! أم ماذا؟؟!. ما فائدة المطالبة بتغيير الدستور أو تعديل بعض بنوده المُختلف عليها ، بينما لم تطبق تلك البنود الجيدة الواردة فيه ايضا!؟ ، ومنها على سبيل المثال : تجريم الطائفية ، التي تمارسها جميع القوى السياسية الحاكمة ، سواء من خلال السلوك بالحكم والخطاب السياسي أو الدعاية والتسويق الاعلامي والشعبي ؟!.
السؤال الذي تستدعي الضرورة أن نثيره : ما فائدة مطالبة الجمهور لقوى سياسية فاسدة بمحاربة الفساد؟! ، هل ستعمل تلك القوى على محاربة فسادها مثلا؟! ، فنحن نسمع عن فساد المسؤولين ، والكشف عن عشرات ملفات الفساد التي أخذ بعضها مساحة واسعة في الاعلام الدولي ، لكن لم نرى فاسداً واحدا وقف أمام محكمة عراقية ، أو زج به في السجن ، ولم نسمع عن إسترجاع أموال الشعب من أولئك الفاسدين؟!!!.
أذن حدث العاقل بما يعقل!!!!…… والمطلوب تغيير النظام السياسي بالكامل بأداة دولية أممية ، الفاسد والمجرم لن يقفان أمام محكمة عراقية ،إما فاسدة او مُسيسة أو ضعيفة ، إنما بالامكان أن يقفا أمام محكمة دولية عادلة
السيد مقتدى الصدر قاد تظاهرات كبيرة ، وعمار الحكيم يتظاهر ضد الفساد!! ( إما غيرة أو مزحه )!!! ليس لها تفسير اخر!! ، الصدر والحكيم يتظاهران ضد الفساد ، أذن من المفسد ومن الفاسد في هذا البلد؟؟؟ ، حزب الدعوة؟!!، ومن الذي قدم الدعم لحزب الدعوة في تشكيل الحكومات السابقة والحكومة الحالية؟؟ لو لا السيد مقتدى الصدر لما تمكن المالكي من تشكيل حكومته السابقة!!… الطامة الكبرى ان الشعب يصفق للفاسدين وينتظر منهم محاربة الفساد!!!..
مواقف الصدر والحكيم الأخيرة ضد الفساد ، لا تعفيهما من مسؤولية ما آلت أليه الأوضاع العامة في العراق وخاصة تفشي ظاهرة الفساد ، فيتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية ، كونهما يشتركان بالعملية السياسية منذ البداية ، وشاركوا في جميع الحكومات التي شكلت ، ونسبة تمثيلهم كبيرة في البرلمان ، ساهما مع الآخرين في تكريس الطائفية والفساد والمحاصصة!!.
تلك حقائق لا يمكن إلغاءها بمجرد أن قال أحدهم : لا للفساد!!. لأن القول غير عن الفعل!!. نابليون أعلن إسلامه عندما أحتل مصر!!! لأن مصلحته إقتضت الكذب والمراوغة!!!.
من المخجل والمعيب حقا ان يصدق البعض مسرحية الصدر والحكيم!! ، كبار الفاسدين هم من كتلة الحكيم ، وكبار الفاسدين هم من كتلة الصدر ايضا!! طوال السنوات الماضية ، أين كانت ضمائرهم من الفساد الذي دمر الدولة وفكك نسيجها الاجتماعي؟!!، عظم حجم استخفاف السياسيين بعقول العراقيين ، فعندما يخرج الفاسد باقر صولاغ ، كأحد القادة للتظاهرات ضد الفساد؟! وهو من أعمدة الفساد في العراق؟!! صاحب التجارب العميقة !!! ، و هو الذي أعلن إمتلاكه لمليار دولار أمام المليئ !، دون أن نعرف مصدر المليار!! لكن يكفي أن نعرف أن الرجل هو فاسد من الطراز الأول!! ، ولاندري ما حل بالسيد بهاء الاعرجي ” المعتقل” عند تياره السياسي؟!.
من المضحك حقاً أن نعتبر أن السياسي جلال الدين الصغير الذي شخص أزمة المواطن العراقي الإقتصادية بشراءه ” للنستلة”!! ، مطالباً المواطنين بالعيش بمبلغ قدره مئة الف دينار شهريا!! ، أن يكون هذا الرجل أحد المطالبين بمكافحة الفساد!! كونه من القيادات الكبيرة بالمجلس الاسلامي الأعلى ، الذي أنخرط هو الآخر في مهرجان أو مسرحية المطالبة بمحاربة الفساد!!! وكأنهم بعيدين عن الفساد!! ولم يتلوثون بوباءه القاتل!!!!.
من المقاربات المضحكة! … أن السيد الحكيم والسيد الصدر اللذان صارا يطالبان بمحاربة الفساد عقب 13 عاماً من نهب ولصوصية ! مثلما القذافي عندما أراد التظاهر ضد نفسه حينما تظاهر الشعب الليبي للمطالبة بتغيير النظام!!!!. ولا نستبعد أن يخرج اللص الهارب وزير التجارة الأسبق فلاح السوداني بمظاهرة ضد الفساد والفاسدين من مقر إقامته حيث يختبئ ، بعد أن ” خرطت السالفة ، كلش كلش “!!! ولربما يشاركه في ذلك عبعوب صخرة!! وسيم مجاري بغداد ، وقد يشترك في هذا الكرنفال الفاسد الدولي حسين الشهرستاني!! ايضا ، الذي شغل الإعلام العالمي والسلطات الدولية مؤخراً!! .
بعض الظرفاء يقولون أن السياسيين خرجوا في تظاهرات عقب إفراغ خزينة الدولة ، وشحت موارد البلاد بعد أن ” شُفطت” شفطاً!! وبسبب الأزمة المالية والإقتصادية التي تمر بها نتيجة إنخفاض أسعار النفط عالمياً، لذا خرجوا مساكين السلطة والبرلمان!!، ناقمين على شحت الموارد !! ، وهم يطالبون بالمزيد في قرارة أنفسهم!!! ، من أجل إكمال مسيرة النهب والسرقة واللصوصية التي مارسوها على الشعب العراقي!!!. ..لا أدري هل أقول هنيئاً لنا بهم ، أم هنيئاً لهم بنا؟!!! ، هل هو سوء حظنا أم حسن حظهم؟!.
كذلك ينبغي التأكيد على أن لصوص السُنة كما لصوص الشيعة ، جميعهم في مركب فساد واحد! لا يوجد فاسد سُني شريف ،و آخر شيعي غير شريف !! والعكس صحيح ، الفاسد ختم على جبينه ومؤخرته أنه ” فاسد وغير شريف”!!!.الطبقة السياسية السُنية غارقة بالفساد حد النخاع ، وهم يتباكون ليل نهار على مظلومية السُنة ، التي هم السبب فيها . تاجروا طوال 13 عاماً بالسُنة ومظلوميتهم!! ، كما الشيعة تاجروا بمظلومية الشيعة قبل ذلك ، العراقيون صاروا سلعة تباع وتشترى بسبب طبقة سياسية فاسدة لا مثيل لفسادها على الإطلاق!!.
هل ما يجري في العراق يستدعي أن نسميه بـ ( الثورة الإيرانية ) على الفساد؟! ، بالتزامن مع هذه الثورة المباركة!! ، فإيران تقود معركة ضد داعش على أرض العراق!!!.. .عظم الجميل الإيراني تجاه العراقيين!!!! والمحاسن التي يقدمونها لنا!! ، يا ترى هل سيتذكر العراقيين الخدمات الجليلة التي تقدمها طهران لهم؟؟!!!!. يقاتلون لنا داعش ويثورون على فساد حكامنا!!!! يا اللهي ما أعظمهم من أمة!!!!!!.
لكن يراودني سؤال وحيرة : من صدر لنا بهائم السلطة الفاسدين؟! ومن الذي كرس حالة الإنقسام بين المجتمع العراقي؟! ومن السبب وراء بزوغ فجر الإرهاب والجريمة والتخلف وإنعدام الأمن وتفشي الفساد في هذا الوطن المنكوب؟!!!.
إذا إفترضنا أن الفساد يتركز بالحكومة ، أذن جميع الكتل السياسية البرلمانية تشترك في هذا الفساد ، لأن جميعها ممثل بالحكومة ، والحكومة إنعكاس لواقع البرلمان المنتخب وتوزيعاته السياسية والطائفية ، وعدم وجود معارضة سياسية داخل البرلمان ، لإشتراك الجميع بالتركيبة الحكومية ، يقدم دليلاً دامغاً على إشتراك الجميع بكرنفال الفساد الجاري دون إستثناء!!!.
هاتوا لي وزراء ونواب من السماء فأصدق أنهم غير متورطين بالفساد ، عدى ذلك فالجميع إما متورط بشكل مباشر أو غير مباشر!!!!.
تفشى الفساد لغياب الدولة وتعطل القضاء والقانون والمحاسبة . فعندما تضعف الدولة تنتشر الفوضى ويعم الفساد ، وهذا ما حدث للعراق . الدولة القوية هي الضمان الفعلي لمسيرة أي دولة ومجتمع بشكل صحيح. لذلك هي معادلة واضحة تقوم على : دولة ضعيفة = فوضى وفساد . دولة قوية = أمن وإستقرار.
عندما يرفع المتظاهر البسيط شعارا يعتبر فيه ان الإصلاح يبدأ من إلغاء المحاصصة ، فهذا دليل وعي يتطلب الدعم والمزيد من التثقيف به ، لكن عندما يتحدث المسؤول الفاسد عن ضرورة محاربة الفساد ، فهذا تضليل للرأي العام يتطلب فضح كل من يتستر خلف شعار محاربة الفساد وهو غارق بالفساد!!.
التغيير الوزاري لن يقدم جديدا ، والمطلوب إما وضع العراق تحت الوصاية الدولية وإرسال قوات لحفظ السلام وبناء عملية سياسية جديدة تحت إشراف دولي أممي مباشر وإعادة النظر في شكل نظام الحكم . أو ادخال العراق في عزلة سياسية طوعية ، بإعلان ميثاق وطني جامع لكافة القوى السياسية الحاكمة والمناهضة للعملية السياسية ، ينص على تعطيل جميع الاختلافات الفكرية والسياسية وتنمية المشتركات ، دخول العراق رسميا في عزلة سياسية حصرا بشكل طوعي ، أي لا يتعامل ولا يتفاعل مع أي حدث أو قضية أو ملف سياسي دولي او إقليمي ، مقابل توسيع النشاطات الاقتصادية والثقافية مع العالم وينكب على بناء الداخل المدمر ، دون تحديد موعد زمني لإنهاء العزلة السياسية ،مع ذكر الأسباب ( العراق صار يؤثر ويتأثر سلبا بكل شاردة وواردة من دول الجوار والعالم وأحداث سوريا ، اليمن ، البحرين ، إعدام النمر ، حرق السفارة السعودية في ايران ) كلها تأثر العراق بها سلبا ، كما يتم الإعلان عن مبدأ حسن الجوار ، وينص على ان العراق يقف على مسافة متساوية من جميع جيرانه ويدعو للمعاملة بالمثل.