لم تخرج الصحافة والنخب العراقية – المثقبة – كالجبنة الهولندية يوما من فتنة دهماء إﻻ ووقعت في آخرى لتبدأ المقارنة المعتادة – الزحلاوية أو الترياقية على خلاف بين الليبراليين والراديكاليين – بين الحقبتين ، مترنحة بفعل المسكر ( الدولار ولوجي ) بين قدح ومدح ليكثر استخدام مفردات الـ ” مقبور ، البائد ، الاستبدادي ، الدكتاتوري، الديمقراطي ، الفسيفسائي ، الانتخابي ” لتلحقها مفردات جديدة في الخطاب الاعلامي نحو – سانتي قيقووو 007- لم يكن لها وجود والى وقت قريب ، فيما المقارنة يجب ان تكون بين طاهر ونجس ﻻ بين نجاستين مغلظتين ﻷن المفاضلة بين عصري الذئب والخنزير كالمفاضلة بين ” المخدرات والخمور” وعندما يلعن الخروف عصر الذئبنة الماضي فهذا ﻻيعني بأنه يمتدح عصر الخنزرة الحالي والعكس صحيح وعلى المنبطحين للعهدين الكسيفين استيعاب الجدلية وفهم الاشكالية التي جعلت من توفير الأمن و الكهرباء والماء والخدمات والغذاء والدواء والتعليم وفرص العمل وكلها من ابسط مبادئ حقوق – الخرفان – حلما ولجميع القطعان وبنسب متفاوتة بين العصرين مع بقاء المجزرة على حالها من دون تغيير مكتوب على بابها الملطخ بالدم والحناء ، المتواري خلف دخان البخور والشموع ( Welcome ، هنا أرحام تدفع ، أعناق تقطع ،أرزاق تمنع ، مقابر هي الاكبر في العالم تبلع وتبلع ووتبلع ، فأن لم يعجبك الوضع ايها المتعوس دوما فهاجر او لموس ظلمنا الجارح فأبلع والا فهات يدك وبايع على السمع والطاعة بكل خنوع ووضاعة في الحروب العبثية وفي المجاعة ، أو هات رقبتك لنقطع ، آظافرك لننزع ، خدك لنصفع ، كتفك لنخلع ،عينك لنقلع ، لسانك لنشلع ودع جسدك العاري بنور تيارنا الكهربائي اللاوطني يضيء للاجيال دروبهم و.. يسطع ) .
منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)،لخصت قبل ايام المشهد الاعلامي في العراق حين حذرت من ان عمليات قتل الصحفيين ترقى لأن توصف بأنها “جرائم حرب” بموجب اتفاقية جنيف، وذلك بعد تقرير مماثل لمنظمة “مراسلون بلا حدود” وضع العراق بالمرتبة 156 في حرية الصحافة، سبقهما تقرير لـ (جمعية الدفاع عن حرية الصحافة ) وثق 235 حالة انتهاك ضد الصحفيين مؤكدة بأن “البيئة القانونية للوسط الإعلامي في العراق غير واضحة المعالم، ويشوبها الكثير من الغموض”.
المشهد الاول : ذات يوم وتحديدا في 2007 انهيت عملي في احدى الصحف مساء وكان كل شيئ على افضل مايرام تصميما وتصحيحا وتحريرا وتنضيدا واعمدة ومقالات وتحقيقات وحوارات وتقارير ، في اليوم التالي وفي تمام الساعة التاسعة صباحا ذهبت الى مكان عملي فوجدت الباب موصدا على غير العادة ، انتظرت ساعة من دون فائدة – ترررررررررن – جاءتني مكالمة – بالمناسبة احب وضع نغمة الهاتف الارضي على الهاتف – النشال – .
– ها اخوية وصلت ؟
*نعم وصلت ، وين الربع ؟
– غادر المكان فورا ﻷن عصابة مسلحة اتت مبكرا تسأل عن صحيفتنا وكوادرها بذريعة شراء المكتب مع انه غير معروض للبيع وﻻ للايجار وكانت ايام الطائفية يعني ” معلوووووسين ..معلووووسين ” والفلتة فلتة في احلك موقف !!
المشهد الثاني : في صحيفة أخرى كان العمل متواصلا وعلى احسن مايكون وذات يوم وصلت الى مكان العمل واذا به – مقفل – خالة شكو شنهو الخبر دحجيلي ؟
– تررررررن صاحب الامتياز ورئيس مجلس الادارة – الممول – قرر اغلاق الجريدة بعد انتهاء دورته الانتخابية وعزمه على عدم الترشح ثانية فأعتصمنا بحبل الله وتوكلنا عليه والرزاق ﻻيموت !!
المشهد الثالث : صحيفة ثالثة كان هناك فريق ثعلبي يبش بوجهك ويطعن في ظهرك حلمه في الحياة هو ان يحل بدلا منا ﻷدارة الجريدة والحصول على امتيازاتها مع انها من دون امتيازات وهو يظن واهما بأننا – نلفط – ثمن الاعلانات وبالفعل اغلقت الصحيفة وظلت مغلقة للمناورة المؤقتة ومن ثم ظهرت بتصميم جديد وبادارة جديدة ولكن من غير اعلانات ، فخسرنا ورقها المخصص لمسح النوافذ والاحذية وإفتراش الارض لتناول الطعام وهكذا كان الختام !!
المشهد الرابع : صحيفة وبعد حفاظها على توقيتات الصدور واثناء تناول الغداء لأصدار عدد جديد كالعادة ..ترررررررن ” اغلقت الصحيفة لظروف مالية قاهرة وهكذا اندرست الحقيقة وقبلها الرأي بظروف مشابهة ، عن بقية اتعابك المتبقية بذمتهم ﻻتسأل ، حسبة للمجهود الفكري !!
وكالات الانباء – نفس الطاس ونفس الحمام – فحتى صلاة عشاء يوم ربيعي كان العمل متوفرا والراتب – خير من الله طل وفاح – ومع صلاة الفجر تم فصل 13 منتسبا وتقليص الرواتب الى الربع ومن ثم الى ربع الربع ، بالمناسبة أسلوب التربيع غايته ان تقدم استقالتك بنفسك حتى ﻻيشعر – المربع – بالذنب وان كان بلا ضمير !!
قبلها اغلقت واحدة أخرى ﻷن رئيس مجلس الادارة كان يريد مهاجمة خصومه اليوم ظهرا ليمتدحهم غدا عصرا ومن ثم مهاجمتهم فجرا لمصالحتهم عشاء وهكذا ليل وصبح ، صبح وليل وبما انني وبقية الزملاء لسنا ديناصورات مصابة بالهذيان لذا تم غلق الوكالة وعلى الارض الزبالة !!!
ماذكرني بهذا الغثاء الاعلامي كله وماخفي كان أعظم هو ايقاف بث برنامج (البشير شو) هكذا فجاة ومن غير مقدمات وﻻ تلميحات اذ ﻻحقوق للصحفيين وﻻ مخصصات وﻻ مكآفآت نهاية خدمة وﻻ من يدفع ويدافع عنهم مع عدم وجود جهة يشتكى اليها في حال الاغلاق الكيفي ، المزاجي، الفجائي، الاحتيالي ، الانتخابي ، بأختصار – هوسه وهايسة – فبظرف اسبوع بإمكانك ان تفتح مؤسسة اعلامية جديدة وبظرف 24 ساعة بامكانك ان تغلقها ، الحديث يصدق على البرامج والمحطات التلفزيونية والاذاعية والصحف والمجلات ووكالات الانباء، ترى أين وعود عصبة الطوطميين المنفلتة بتشريع وتفعيل قانون حقيقي – ﻻمزيف – لحماية حقوق صحفيين بلا نقود وﻻ وقود وﻻ وجود وﻻ حدود …أغاتي ؟ . اودعناكم