7 أبريل، 2024 5:46 م
Search
Close this search box.

مائة عَمرو

Facebook
Twitter
LinkedIn

أجزم أن نسبة 90 % من القراء   – وهي نسبة متفائلة – قد قرأوا العنوان (مائة عمرو ) بنطق صوت الألف في كلمة (مائة) وصوت الواو في كلمة (عمرو) كما نسمع في نشرات الاخبار وكما نسمع من المسؤولين والوزراء، أو حتى كما نسمع من رؤساء تحرير صحف ومجلات…ورؤساء دول.
وهنا أقدم  درساً مجانياً لكل اولئك…لا أريد منه شيئا بقدر حرصي على سلامة النطق بالعربية وإن كانت ليست لغتي الأم التي ولدت ونشأت عليها، ولكن حب هذه اللغة وعشقها يجبرني أن أقول كلمتي في (مائة) و (عمرو).
فقد كانت الحروف العربية تكتب بدون نقط حتى بعد مجىء الإسلام وتدوين القرآن، وبذلك أراد العرب أن يفرقوا بين كلمة (مئة) وكلمة (فئة) في الكتابة وخاصة ان المعنى في الكلمتين مختلف تماما ولكن المشكلة أن الحروف دون نقط، فكانت الفكرة أن تكتب (مئة) بالألف الساكنة (مائة) وهذا الألف يكتب ولا يلفظ، وبالرجوع إلى آيات القرآن الكريم نجد أن كل كلمة مائة تحمل السكون فوق حرف الألف، وإذا نسمع أي مقرىء أو مرتل يجيد ترتيل القرآن نسمعه يلفظ كلمة (مائة) دون الالف… تماماً كـ(مئة)…ومثل ذلك الآية في سورة الكهف ” ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وأزدادوا تسعا “.
أما كلمة (عَمرو) وهي أسم علم، فقد أضيف إليها حرف الواو لفك الإلتباس بينها وبين أسم (عُمر) والواو في كلمة (عَمرو) أيضا حرف ساكن لا صوت له ولكن يكتب لتفريقها عن (عُمر) وخاصة أن الفتحة والضمة والكسرة والسكون كلها جاءت مع أبي الأسود الدؤلي ولم تكن موجودة قبل ذلك فكان العرب يفرقون بين الأسمين (عُمـَر) و(عَمر – بسكون الميم) بإضافة حرف الواو إلى الثانية لتكون (عـَمرو).
تعلمت كل هذا وانا في المتوسطة حين كان التدريس متعة للمدرس. لم تكن هذه المعلومات  موجودة في منهاج الأدب ولا في قواعد اللغة العربية ولكن إخلاص المدرس قد جعله يعلمنا كل ذلك وكان مدرساً تركمانيا فصيحا في اللغة العربية…وللغرابة فأن كل المدرسين الذين درسوني اللغة العربية طوال سنين دراستي كانوا من غير العرب، تركمان واكراد، وكانوا بارعين تماما كما برع سيبويه وهو غير العربي ولكن عشق اللغة قد قادهم إلى الإبداع. ومن عشق شيئا تفنن في التعبير عن حبه وعشقه .
وأجزم مرة أخرى ..لو أجرينا إمتحانا بين مدرسي اللغة العربية الآن في كل مدارس العراق وحتى بين خريجي كلية الشريعة ومعهد الخطباء…وأعطيناهم (مائة) و( عمرو) وطلبنا منهم القراءة، فان النسبة هذه المرة ستكون كارثة وتكون أكبر من 90 % منهم لا يعرفون كيفية قراءة (مائة) أو (عمرو) .
كما قلت…أنه درس مجاني…لا أريد منكم جزاءاً ولا شكورا…ولكن رحمة بنا وبأسماعنا التي تلوثت باللحن وقبيح النطق والقول، وكأن المناظر القبيحة لا تكفينا فصار القبح صوتا وصورة !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب