3 يونيو، 2024 3:30 ص
Search
Close this search box.

مائة عام من التخطيط لتدمير العراق ، والدور الوهابي ..

Facebook
Twitter
LinkedIn

بدأ كل شيء ، مع الثورة الصناعية في أوربا في القرن التاسع عشر ، عندما انتبهت تلك الدول الى حاجتها الى الموارد الكبيرة من محروقات ومواد أولية لتغذية آلتها الصناعية ، بالأضافة الى حاجتها الملحة لتسويق أنتاجها ، ووجدت نفسها تغرق حتى اذنيها بالجشع الذي لا يعرف الشبع ، تغذيه الأرضية الصالحة له ، من عجرفة وعنصرية وتعالي ونظرة دونية للغير ، ومتبنية لنظرية تفوّق (العرق الأبيض) ، معتبرة أن كل مورد في الأرض ملكا مشروعا لها ، وبالذات بريطانيا مهد تلك الثورة ، فظهر الأستعمار ، وبأعتبار أن ألاقتصاد ابو السياسة ، فقد صاغ الأقتصاد المتنامي الكبير السياسة العامة لتلك الدول ، وألقى سطوته عليها ، وظهرت طبقة رجال الأعمال الأثرياء ، فظهرت برجوازية جديدة لا تهتم الا بالمصالح التي يحركها الجشع ، فأبتعدوا عن الأخلاقيات الأنسانية العامة حتى أعتقدوا في قرارة أنفسهم أنها خرافة ومضيعة للوقت ، وهو ينظرون الى الطبقات الفقيرة على أنها تمثل عبئا على الأقتصاد ، فإبان ذروة الثورة الصناعية كان شعار الدول الصناعية الفعلي (المال أساس المُلك) ، بل أساس الدولة ، ولما كان اليهود خبراء في جمع وتوظيف المال ، ظهرت عائلة (روتشيلد) اليهودية ، الخبيرة المالية ، هكذا تناغمت مبادئهم ، وتوحدت في   أئتلاف ضمهم مع الماسونية العالمية ، وكل المنظمات السرية الأخرى ! ، والتي تمتلك كل خيوط تحريك (القرقوزات) من زعماء العالم خلف الستار ، فصارت لها اليد الطولى في صياغة كل القرارات التي تقرر مصير الشعوب .
قسمت الدول الأستعمارية مستعمراتها السابقة الى قسمين ، وحسب غناها في الموارد ودواعٍ استراتيجية أخرى ، القسم الأول ، الدول الفقيرة التي لم تعرها أهتماما ، الا ما يخص أمن الدول الأستعمارية القومي ، بالأضافة الى البروتوكولات التقليدية بين الدول ، القسم الثاني ، الدول الغنية ، والتي لم ترفع عنها اليد في الحقيقة ، من هذه الدول ولسوء الحظ ، العراق ودول الخليج حصرا .
وكان أمام هذه الدول الغنية خياران فقط ، أما أن تبقى تحت الوصاية غير المعلنة ، وتكون مستقلة بالأسم فقط ، وتكون مكبلة بالأتفاقيات السرية طويلة الأمد ، والتسليم والبصمة بالأصابع العشر لأرادة الدول الأستعمارية ، فتعيش في بحبوحة اقتصادية وممستوى معيشة عالي ، كما هوالحال مع دول الخليج خصوصا السعودية ، أو أن تختار المقاومة للظفر باستقلال حقيقي وفعلي ، فقررت الدول الأستعمارية ، استخدام اسلوب (الترويض) مع الدول التي تختار الأستقلال ، فأستخدمت الأنظمة الدكتاتورية التي سامتنا سوء العذاب ، وطافت بنا بمغامرات رعناء وحروب ودمار وتدمير للأقتصاد ، مع البقاء تحت وصايتها من خلال أنظمة (الحمقى) تلك ، من حيث يعلم قادتها او لا يعلمون ، فرغم ساديتهم وممارستهم لأرهاب الدولة ، إلا أنهم أغبياء وسُذج ، تحركهم عقدة التسلط ، ويسهل التلاعب بهم ، وبشكل بتنا نلعن فيه يوم الأستقلال ! ، والذي حقيقة أجهل تاريخه !.
في كتاب (لعبة الأمم) لمؤلفه (مايلز كوبلاند) ، قال (من السذاجة الأعتقاد بوجود شيء أسمه الأستقلال في هذا العالم ، وليس هناك شيء اسمه حدث عفوي ، فكل شي قد خُطط له ، الا حادثتان في الشرق الأوسط ، هما انقلاب (عبدالكريم قاسم) في العراق عام 1958 ، وانقلاب (مُصَدّق) في أيران عام 1953 ، لهذا ما كان يجب أن يستمرا ، ووجب أفشالهما)، وهذا ما حدث فعلا ! .
ابتلى الشرق الأوسط بزرع (إسرائيل) التي بيدها كل خيوط اللعب ، والمتحكمة بأهم عناصر الهيمنة على العالم ، رأس المال والأعلام والمنظمات السرية ، التي قال عنها كينيدي :  (لن أسمح أن تُدار البلاد من قبل المنظمات السرية) ، فكان مصيره الأغتيال ! ، من هنا أقتضت مصالح الغرب (مرغمة أحيانا) ، بجعل اسرائيل طفلها المدلل ، والمدافع عن الديمقراطية وحقوق الأنسان ، وسط بحر من الوحوش ! ، ورسمت له الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها ، أسرائيل المصابة بلوثة عقدة الشعور بالأضطهاد ، وتسخيرها لحادثة (الهولوكوست) لأبتزاز ألمانيا ولا تزال ، ولا تستطيع نسيان أحقادا عمرها آلاف السنين ، وأطماعها بأرض الميعاد من النيل الى الفرات ، وحولت هذا المبدأ الى عَلَمِها الخاص بخطين أزرقين تتوسطها نجمة داود !.
منذ القرن التاسع عشر ، درس الغرب أخلاقنا ونفسياتنا مليا من خلال العشرات من عملائها من طراز (لورنس العرب) وغيرهم ، وتوصلوا الى اننا شعب منقاد الى عاطفة دينية قوية ، إلا أنها تفتقر للعقلانية والوعي ، بحيث من السهولة تصنيع الأقليات في هذا الدين وضربها ببعض ، ووجدت بذور خلافية جاهزة لأنبات الأشواك التي ملأت العقل العربي فيما بعد حتى لم تعد هنالك فسحة للعقل فيه ، فدرست الأسلام ، علّها تجد ثغرة تنفذ من خلالها ، فوجدت أفكار (أبن تيمية) ، النقطة السوداء الكبيرة في تاريخنا الأسلامي ، وبحثت عن مُنظّر لهذه الأفكار ، فوجدت ضالتها في (ميكافيللي) متأسلم اسمه (محمد بن عبد الوهاب) ، فأحتضنته ورفعت من شأنه ، (إقرأ كتاب – مذكرات همفر) ،  لترى بما لا يقبل الشك ، ان (عبد الوهاب) هذا ، نتاج مباشر للمخابرات البريطانية ! ، واتفاق (همفر) مع هذا الدعي ، لأفشاء المذهب الوهابي في الجزيرة العربية ، وتحالف مع (محمد بن سعود) مع عبد الوهاب هذا ، الذي (وحّد) الممالك العربية في جزيرة العرب ، متذرعا بالتشريع الوهابي بوجوب الأنصياع لولي الأمر حتى لو كان بالقوة والقهر والسيف والغلبة ، لتعترف بدولته بريطانيا وليحضى ببركتها ! ، وعبد الوهاب هذا ، عاث فسادا في العراق والشام ومكة والمدينة ، والعمل بالسيف والسبي والنهب وإراقة الدماء ، تحت أنظار (بريطانيا العظمى) !.
والفكر الوهابي هذا ، هو خلاصة لترسيخ أرهاب الدولة بدافع طائفي ، والعودة للجاهلية بأبشع صورها ، وتزيين للظلم والقهر والقتل والطغيان لولي الأمر المتسلط على الرقاب ، وشرعنة وتمجيد وتبرير أسوأ دكتاتوريات التاريخ الأسلامي ، بكل ما بها من تخلف وأنحطاط وهدر للكرامة وعدم احترام للحياة ، وتحريف للنصوص ، ولو أدى ذلك الى التطاول على الرموز الدينية الكبيرة ، ومنها شخصية الرسول (ص) ! ، هو مزيج من الفكر الأموي – الخارجي ، بل تستطيع بسهولة أن تجد الأثر الصهيوني الواضح في أدبيات هذا الفكر ! ، هو خلاصة لتسويق القاذورات من النصوص والحوادث التاريخية المريبة والمسوغة جزافا والمغلوطة ، والتركيز على الأحاديث النبوية الضعيفة ، المنقولة عن رجال ليسوا من الثقاة والمعروفين بنفاقهم ، وتلك التي دونها وعاظ السلاطين ، وكُتاب سلطة الظلم والقهر من المأجورين  ، والخطورة تكمن في أحاطة هذه الممارسات والأفكار التي يأنف منها حتى منطق الحيوان ، بإطار مقدّس ! ، فأنطلت على العقول البسيطة ، ومن لم تنطلي عليه ، كان المال الوفير ، كفيلا بذلك ! ، فدعاة هذا الفكر يعلمون أنه يتعارض كليا مع الفطرة السليمة بل النصوص القرآنية ! ، لهذا أستغلّوا الفقر المتفشّي في البلاد الأسلامية ، لنشر هذا السرطان ، عدو الحرية ، بمال (البترو- دولار) ! ، فأنعكست تلك المفاهيم المريضة ، على سياسة الحكومات العربية رغم ادعائها العلمانية فأصابتها بالحَوَل ، فلا ترى إلا الصورالمزدوجة ، هكذا تكرس التخلف في بلداننا  ! ، إنها مؤامرة واضحة جدا لتدمير هذا الدين ، ولكون عائلة (إل سعود) ومن دار في فلكها قد نُصّبت من قبل الغرب والصهيونية العالمية وهي تمتلك كل الوسائل لنشر هذا الفكر (ولا أقول المذهب) ، من مال وأعلام ، وفطائس انتحارية في كل أصقاع الأرض ، ومن أساليب قتل سادية يأنف منها أبليس ، مستخدمين ثقافة الصوت العالي البدائية المعشعشة في عقلية البداوة الغليظة ، من مفخخات ونواسف وذبح وسبي ، تحول الدين من نعمة ورحمة الهية ، وفلسفة روحية عالية ، وتنظيرا لأعلى درجات الحكمة والرُقي الأنساني واحترام الحياة وكل مقومّات النجاح الدنيوي ، الى طاعون يفر منه حامليه قبل الغرباء ، هكذا صار الناسُ يخرجون من هذا الدين أفواجا ! ، وعشنا لنرى أكبر موجات للمرتدّين عن هذا الدين في التاريخ ، وصارت سمعته العالمية في الحضيض !..
الغرب يعرف كل هذا ، بل أكثر بكثير ، ويعلمون أن الستراتيجية السليمة ، بل الوحيدة لمحاربة الأرهاب تبدأ من المصدر الفكري له ، لكن أنّى لهم ذلك ، وهم يرون ثمرة تآمرهم قد ترعرت وأتت اُكُلَها ، وبدلا من ذلك ، نراهم يضربون ضحايا هذا الفكر ، خصوصا أذا عرفنا ، ان جميع أجهزة المخابرات الغربية ، لها نفس النهج ، ولا تفوح رائحة طبيخهم الفاسد إلا بأتفاقهم ، لكن عليهم ذر الرماد في العيون أحيانا ، لتلفيق استقلالية كل جهاز عن غيره ، فنسمع كل حين عن فضيحة تجسس مفتعلة بين هذه الأجهزة ، هذه الأجهزة التي لا تتورع عن استخدام قتلة مأجورين (أو شركات متخصصة بالاغتيالات) ، حتى اذ فُضحت ، ستبرر ان هذا تصرف فردي من قبل أحد عناصرها !.
في الواقع أن الفكر الوهابي ، سلاح فتاك بيد الغرب ، لأنه يعمل على تصفية المسلمين ، والمسلمين فقط ، ممن يخالفونهم في المذهب أو الرأي سُنّة أم شيعة ، بأعتبارهم عدو إسرائيل المحتمل ، فأي خدمة تحلم بها (إسرائيل) ، أكبر وأجلّ من تلك التي يسديها لها الوهابيون !؟.
وها قد سقطت الأقنعة ، ودخل اللاعبون الكبار اللعبة مع أقزامهم من الوهابية وأشكالها الهلامية المتعددة ، من القاعدة وداعش ويعلم الله اية تسمية ستكون لها غدا ، وهي أكبر منقذة لتجارة السلاح من الكساد ، خصوصا بعد الحرب الباردة ، ونحن نرى (مشيخة) الوهابية تمشي الخطى حثيثةً للتطبيع مع (اسرائيل) ، مقابل السكوت على أفعالها الأرهابية ، بضربها لليمن ، أو استثارة كلابها في العراق وسوريا وليبيا ومصر ! .
كل ذلك لأجل الحصول على الموارد من مصدر آمن كالعراق بالذات ، من خلال تنصيب صنيعة لها على انها حكومة لا تهش ولا تنش ، ومن خلال تدميره ، وقتل روح الثورة وتذويب الوطنية وقتل الأعتداد بالنفس بين أبناءه ، مع فتح جراح نازفة غير قابلة للغلق ، وبالتالي إلهائه في لعقها ، وأشغاله عن رفع عقيرته وشعاراته التي طالما رفعها سابقا ، بأسم الحرية والأستقلال والعروبة ومعاداة اسرائيل !. 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب