10 أبريل، 2024 4:20 ص
Search
Close this search box.

مائة عام على تاسيس المجمع اللغوي العراقي لغة الضاد تشكو الاهمال !

Facebook
Twitter
LinkedIn

مصائب الاحتلال البغيض للعراق عام ٢٠٠٣ كثيرة جداً ، وقد شملت كل القطاعات الخدمية والامنية والاجتماعية والمعيشية والاقتصادية.. ولكن برايي المتواضع فان اهم هدف للاحتلال الغاشم كان العمل الحثيث لمحاولة طمس الهوية الوطنية والقومية للشعب العراقي وسلخ العراقيين عن ماضيهم وما به من إضاءات وإشراقات ، واشاعة قيم العولمة والغزو الفكري والايديولوجي بوسائل وادوات لا حصر لها ..

ولو تناولنا بالبحث هذه الامور فاننا نحتاج الى دهور ، وسنصطدم باولئك الذي سوف ينعتوننا بالرجعية والتخلف والانشداد الى الماضي ..

زرت عدداً من الاقطار العربية وتجولت في شوارع العواصم ورايت المجازر ترتكب ضد اللغة العربية : فهذه اجزخانة وذاك سوپر ماركت وهذا پارك وهذا رستور و.. و.. ولقد كنت اراهن دائماً على ان العراقيين هم من افصح العرب واشدهم اهتماماً وعناية بلغة القران الكريم ولغة اهل الجنة ، ويعرف الجميع انه في زمن النظام السابق كان يُحرَّم ويُجرَّم كل من يستخدم غير اللغة العربية في الاعلان او الاسماء او التداول ، ويتذكر العراقيون برنامج العلامة الخالد مصطفى جواد الشهير ( قل ولا تقل ) والذي استمر لعقود من الزمن ومازال يحظى بشعبية واسعة ، وتعريبه الشهير للفظة الساندوتش بانها : ( شاطر ومشطور وما بينهما كامخ ) .. واتذكر كيف صُدِمنا عندما تم تغيير اسم كليتنا الاثيرة من اكاديمية الى كلية الفنونالجميلة نهاية سبعينات القرن الماضي .

ومعروف بان المجمع اللغوي العراقي كان من اوائل المؤسسات العربية المماثلة حيث أُسس قبل مائة عام وتحديداً فيالعام ١٩٢١ م ، رغم انه اصبح كياناً قانونياً في العام ١٩٤٧م .. فما هو حال اللغة العربية في العراق الان ؟؟

تجول في الشوارع وسترى العجب العجاب ، وستجد كيف ان القوم تنكروا للغتهم وهويتهم في جميع المجالات ،والحقيقة المؤلمة فعلا ان اللغة العربية ليست قاصرة عن التعبير او الدلالة عن اي مكان .. فكلنا يتذكر مثلاً اسماء : السوق العربي وسوق الثلاثاء وجزيرة بغداد السياحية وغيرها ، فما الذي تغير لنستبدل لفظة السوق بالـ ( mall ) والجزيرة بـ ( land ) ؟

على ان اكثر ما يؤلمني هو تسرب هذه الموضة الى القطاع الثقافي والفني ، فقد قرات في الاونة الاخيرة اخباراً عن تقديم مسرحيتين في العراق : الاولى اسماها مؤلفها الصديق والزميل والجار القديم ماجد درندش ( black box ) !! والثانية اسماها مؤلفها الاستاذ عبد النبي الزيدي ( the home ) .. ودعوني اسال الفنانين درندش والزيدي : هل ينتقص من قدرالمسرحية وثيمتها وقيمتها الفنية اذا كان عنوانهما : الصندوق الاسود .. او البيت ؟؟ وهل ان الاسم العربي كان قاصراً عنايصال المعنى والمغزى للمشاهدين حتى نلجأ الى الاسم الإنجليزي .. ثم ان الجمهور عراقي والممثلون عراقيون والمسرح عراقي فما جدوىٰ الاسم الانجليزي ؟ وكنت اعتبر الموضوع عادياً جداً ولا باس به لو ان السيدين المؤلِفين وضعا الاسم عربياً بخط كبير وتحته الاسم الاجنبي ، وأشير هنا الى انني اعترضت كثيراً قبل ذلك على اعمال وعناوين كثيرة لمسرحيات اخرى قدمت في محافظتي العزيزة ميسان بعناوين اجنبية .

والادهى من ذلك ان البعض راح يطلق على مواليده اسماء اجنبية ايضاً تشبهاً بالاخرين وتماشياً مع ثقافتهم وخصوصاً اخواننا المغتربين في شتى بلدان العالم .

سيقول عني البعض بانني بطران ، فالسفينة برمتها غارقة وهل هي باقية على اللغة العربية ؟؟ وسيقولون وسيقولون .. ولكن في النهاية فلا يصح الا الصحيح فالعربية لغة ثرية وجميلة وتتناغم مع الموسيقى واشتقاقاتها واسعة وهي قادرة على الوفاء بمتطلبات الحياة كافة ونحن اهلها .. فالأَولى ان نفتخر بلغتنا ونعززها ونزرع في نفوس ابنائنا حبها ونشيع استخدام اللغة حتى لو كانت بصورة مبسطة وتدريجية وتلك مهمة المثقفين والفنانين ومؤسسات الدولة والسلطةالتشريعية ، وقبلهم المعلمين فهم من يبذر البذرة الاولى في حب اللغة وتقديرها .. فيكفيها انها لغة القران الكريم .. وبها يتم الله تعالى كمال العقل ( انا انزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ) يوسف ٢ ، وفيها قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : احب العرب لثلاث : لانني عربي ، ولان القران عربي ، ولان لغة اهل الجنة العربية .

اخيراً .. لقد مرت مائة عام على تاسيس المجمع اللغوي العراقي ، وحسبي انه من اقدم المؤسسات الوطنية التي لازالت قائمة ، وعمره بعمر الدولة العراقية الحديثة ، ومع ذلك لم يستذكر احد هذه الذكرى ولم نتوقف عندها كما احتفلنا بمناسبات غيرها ، ولم نكرم علماء اللغة او نستذكرهم .. فهل نسينا رموزنا ومؤسساتنا الوطنية كما نسينا وتركنا لغتنا العربية تشتكي وتعاني النسيان والاهمال ، المقصود والمتعمد احياناً ؟

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب