عندما تجف منابع المياه ومصادرها في بقعةٍ من الأرض، تنتهي الحياة فيها، فتبحث الأحياء عن بقعةٍ أُخرى تمنحهم الحياة، ويتخذونها موطناً وسكنا، وهذا هو حال سكان البادية، فهم ينتقلون من بقعةٍ إلى أُخرى، بحثاً عن الماء والعشب.
لطالما درسنا ميزات منطقة السهل الرسوبي في العراق، وأنه كان منشأ أول وأقدم الحضارات، حينما كان يُعرف بأرض الرافدين، فهو لم يخلو من السكَّان البتة، بالرغم من كل ضروف الحروب القاسية، التي مرت عليه، ولكن بفضل السياسة المائية الغبية، ستنتهي هذه الحضارة يوماً ما، ويتحول وادي الرافدين ومنطقة السهل الرسوبي، إلى صحراء جرداء، ويتحول سكانها إلى بدوٍ رُحل!
اليوم عندما تمر بمناطق أطراف شرق بغداد العاصمة، تجد جميع الدور وقد كُتبت عليها لافتة “الدار للبيع” وبأزهد الأثمان! بسبب شحة المياه، فهي معاناة كل عام، تبدأ مع دخول شهر آيار/مايس وتنتهي عند دخول شهر أيلول، ولا تُعرف الأسباب، فالمسؤول يشرب الماء المعقم، ويستحم بالماء المقطر والحمام الزيتي، وأحواض الحليب! فهو يتكلم بكلام الأولياء ويحيى حياة نانسي عجرم!
ذهبت أستطلع الأمر، بعد أن جفت مناطقنا، ولم نعد نرى قطرة ماءٍ واحدة، وأصبح سعر برميل الماء 5آلاف دينار! (وبالواسطات)، ولم يكن أمام هؤلاء الفقراء إلا التوجه إلى السماء، ورفع الأكف بالدعاء، ذهبت إلى دائرة الماء، فتم إستقبالي بصورة لائقة، وبعد أن شرحت الأمر وبالصورة والصوت، حيث صورتُ الأحداث بكاميرة الموبايل، إستنكر الأستاذ “أحمد” مدير عام بلدية بغداد الجديدة ذلك، وعزى بعض الخلل للروتين الإداري، ثم أمر أصحاب السيارات الحكومية، بالإستنفار وحالة الطوارئ وتزويد السكان بالماء، وبأقصى سرعة وتحت إشرافه المباشر.
طلب مني الإستاذ “جليل” مدير دائرة الماء، كوني إعلامي أن أوصل صوتهم، بأن تكون هناك دائرة بلدية مستقلة لمنطقة الأطراف، وتنفصل عن بلدية بغداد الجديدة، ويري أن ذلك هو الحل الأسلم لإنقاذ وتطوير هذه المناطق، لأن دائرة واحدة لهذه المناطق، لن تتمكن من إتمام عملها بصورة صحيحة وكاملة، وحينما طرحت عليه مشكلة التخصيصات المالية، قال: لا نطالب بتخصيصات جديدة وإنما تؤخذ تخصيصاتنا من تخصيصات بلدية بغداد الجديدة. ووافقه الإستاذ “أحمد” على هذا الرأي.
بقي شئ…
نطالب بإسم سكان هذه المناطق، أن تكون لهم دائرة بلدية خاصة بهم، وسنستمر بالمطالبة حتى ننتزع حقنا، ممن سلبه منا، ويصطاف في دول أوربا!