أنها مذبحة ،هكذا يتفق معظم المؤرخين الذين عاصروا وكتبوا ودونوا كل تفاصيل المذبحة الأرمنية على يد ألاتراك وهناك أجماع شبه كامل من المؤرخين الى أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون أرمني ،بينما تشير مصادر ومرجعيات تاريخية أرمينية إلى سقوط أكثر من مليون ونصف المليون من ألارمن بالإضافة إلى مئات الآلاف من الآشوريين السريان والكلدان واليونانيين كضحايا لهذه المذبحة .
وفي تفاصيل هذه المذبحة نقرأ ،انه في الفترة الممتدة مابين عام 1892الى 1897،ومابعد قام السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بتنفيذ أولى المجازر الممنهجة بحق الأرمن وغيرهم من المسيحيين الذين كانوا تحت حكم الدولة العثمانية، ففي عهده نفذت المجازر والتي سميت” بالمجازر الحميدية “حيث قتل مئات الآلاف من الأرمن واليونانيين والآشوريين لأسباب بررها ألاتراك حينها بالأقتصادية والدينية المتعددة، ويذكر المؤرخين بتلك الفترة أنه عرف عن عبد الحميد الثاني أنه كان يقوم بأثارة الفتن بين أكراد تركيا وبعض الاقليات المسيحية ،والهدف من ذلك هو تشجيع ألاكراد على أرتكاب مجازر دموية بحق المسيحيين هناك ، وأستمرت فصول المذبحة ألارمنية على يد العثمانيين في مطلع العقد الأول من القرن العشرين وخصوصآ بعد ان قام أحد ألارمن المنتمين لمنظمة الطاشناق بمحاولة فاشلة لاغتيال عبد الحميد الثاني عام1905 ،و أدت هذه الحادثة والأنقلاب على حركة تركيا الفتاة في عام 1908 الى أرتكاب عدة مجارز وكان اشهرها مجزرة أضنة التي راح ضحيتها حوالي 30،000 أرمني، واستمرارآ لفصول المذبحة الارمنية على يد العثمانيين ،أستمرت فصول هذه المذبحة مع اندلاع الحرب العالمية الأولى حيث قام الأتراك بإبادة مئات القرى الأرمنية شرقي البلاد في محاولة لتغيير ديموغرافية تلك المناطق ،والسبب بذلك كما بررها الاتراك حينها هو خشيتهم “من ان هؤلاء قد يتعاونون مع الروس “.
في الرابع والعشرين من شهر نيسان من عام 1915،أخذ ألاتراك قرارآ لن ينساه التاريخ ،ومضمونه هو البدء بعملية شاملة وممنهجه لأبادة ألارمن ،وبالفعل تم جمع المئات من أهم الشخصيات الأرمنية في إسطنبول وتم اعدامهم في ساحات المدينة، بعدها أمرت جميع العائلات الأرمنية في الأناضول بترك ممتلكاتها والانضمام إلى القوافل التي تكونت من مئات الالآف من “النساء والأطفال” في طرق جبلية وعرة وصحراوية قاحلة .
ويذكر المؤرخين ألارمن تفاصيل ذلك التهجير القصري بألم ،ويسردون بعض تفاصيله ويقولون انه تم حرمان هؤلاء المهجرين من المأكل والملبس، فمات خلال حملات التهجير هذه حوالي 70٪ من المهجرين وترك الباقون في صحاري بادية الشام، ويروي أحد الأمريكيين الذي عايش تفاصيل هذه المذبحة وكان يتواجد في في مدينة الرها “أورفة التركية –جنوب شرق تركيا “والذي سجل تفاصيل هذه المذبحة وهذا التهجير القصري ويروي هنا “انه خلال ستة اسابيع شاهدنا أبشع الفظائع تقترف بحق الآلاف الذين جاؤوا من المدن الشمالية ليعبروا من مدينتنا، وجميعهم يروون نفس الرواية،ومضمونها ، قتل جميع رجالهم في اليوم الأول من المسيرة، بعدها تم الأعتداء على النسوة والفتيات بالضرب و السرقة وخطف بعضهن ،ويروي ان الجنود الاتراك المشرفين على قوافل التهجير القصري أنهم كانوا من أسوأ العناصر كما سمحوا لأي من كان من القرى التي عبروها باختطاف النسوة والاعتداء عليهن،ويختم بالقول ،انه هذه لم تكن هذه مجرد روايات بل شاهدنا بأم أعيننا هذا الشيء يحدث علنا في الشوارع.”ينتهي الاقتباس “
ويسجل التاريخ أنه وبسبب هذه المذابح هاجر الأرمن إلى العديد من دول العالم من ضمنها أرمن سوريا، لبنان، مصر، العراق،وغيرها ،ويذكر التاريخ هنا ان الأنكليز هم اول من أثاروا بالفعل قضية مذابح ألاتراك بحق ألارمن وخصوصآ بعد أسقاط الامبرطوارية العثمانية ودخول الإنجليز إلى إسطنبول في 13 تشرين الثاني من سنة 1919،كما يسجل التاريخ ان ألانجليز قاموا بمحاكمة عدد من القادة الأتراك الذين أرتكبوا فصول هذه المذبحة وقبضوا على عدد من القادة الأتراك لمحاكمتهم غير أن معظم المتهمين هرب أو اختفى فحكم عليهم بالإعدام غيابيآ، ولم يتم إعدام سوى حاكم يوزغت الذي أتهم بإبادة مئات الأرمن في بلدته.
ختامآ ،ونحن على بعد عدة أيام من الذكرى المئوية لهذه المذبحة ،فألارمن لا يزالون يحيون بألم تفاصيل هذه الذكرى المؤلمة ،وهم يستذكرون في 24 من نيسان من كل عام تفاصيل وذكريات ومراحل هذه المذبحة ،ولكن هذا العام يختلف عن ما سبقه من أعوام فهم اليوم يستذكرون هذه الاحداث المؤلمة تزامنآ مع حلول الذكرى المئوية للمذبحة التركية بحق ألارمن،وينتظرون اليوم من العالم كل العالم ان يتضامنوا معهم وينصفوهم بعد مرور مئة عام من ارتكاب الاتراك للمجازر بحقهم ،وقد يكون قرار البرلمان الأوروبي الذي صدر مؤخرآ والذي يقر بحصول هذه المذبحة والتي قال إنها جرت قبل قرن من الزمان وراح ضحيتها زهاء 1.5 مليون أرمني بأنها إبادة ،قد يكون جزء من تضامن العالم معهم،ولكن وحتى الآن لا تعترف رسميآ وبشكل قطعي دولة تركيا بأرتكابها أو بحصول هذه المذبحة مع أطلاق بعض التصريحات بين الحين وألاخر لرئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان وآخرين يقومون من خلالها “بتقديم العزاء والاعتراف غير الرسمي بالمجازر التى ارتكبت بحق الأرمن العثمانيين ،كما يقولون “،وردآ على عدم الاعتراف الرسمي والقطعي التركي بحادثة ألابادة ، أقرت أكثر من 20دولة قرارات تتضمن الاعتراف بالإبادة الأرمنية كحدث تاريخي ووصف الأحداث بالإبادة الجماعية،وفي مطلع عام 2010صوتت لجنة من الكونغرس الاميركي بأن الحادث كان في الواقع إبادة جماعية،وهذا ماردت عليه حينها الحكومة التركية “بأن القرار مستفز ويتهم الأمة التركية بجريمة لم ترتكبها؟!” …….