من أمام مقر ولاية سيدي بوزيد؛ وقف محمد البو عزيزي الشاب التونسي ليضرم النار بجسده، احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بوزيد، لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ وقالت له:
بالفرنسية: (Degage) أي ارحل (فأصبحت هذه الكلمة شعار الثورة للإطاحة بالرئيس وكذلك شعار الثورات العربية المتلاحقة). أدى ذلك لانتفاضة شعبية وثورة دامت قرابة الشهر أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، ومنها أنطلق الربيع العربي ليعصف بما تبقى من هياكل ديكتاتورية في الوطن العربي .
كانت الكاميرات ومنظمات حقوق الانسان، تسجل كل ركلة تسقط على مؤخرة المتظاهرين، والمحتجين. وكان المراسلون الصحفيين ينقلون كل لحظة، موثقة بالصوت والصورة. حتى امتدت تغطياتهم من أسوان المصرية الى البيضاء التونسية.
هكذا صنع البو عزيزي؛ ثورات الربيع بعدما استلهمت الجماهير درس الانتحار منه؛ ليكون ايقونة احتجاج غيرت خرائط سياسية ومصالح دولية والتزامات اخرى.
المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق اعلنت منذ يومين تسجيلها 131 حالة انتحار في المحافظات العراقية، باستثناء اقليم كردستانخلال الربع الاول من عام 2019 . وهكذا اصبح الجسر – المطل على دجلة- آخر شاهد مطلع على ما تمتمه المنتحر كي يحفظ سر القاء نفسه في الماء.
فيما ذهب باحثون ومحللون الى سببية الانتحار معللين ذلك: بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية . في الوقت ذاته اعلنت محافظة بغداد عن نيتها في بناء حاجز عال على الجسور لمنع الانتحار وكأن انتحار الشاب العراقي جاء بسبب خسارته في البورصة!
أن تصاعد وتيرة واعداد الانتحار، هو مؤشر خطير حول اليأس الذي ضرب مستقبل الشباب في بلد؛ يؤكد فيه نائب رئيس وزراءهلشؤون الطاقة وزير النفط ثامر الغضبان ان خطط و برامج الوزارة في السنوات الاربع القادمة تستهدف نشاطا استكشافيا واسعا فيالصحراء الغربية، لما تحتوي في باطنها من احتياطيات واعدة وكبيرة من النفط والغاز. واصفاً الصناعة النفطية الاستخراجية في العراقتشهد اليوم عصرها الذهبي. عصر ذهبي في الانتاج والعراق يخسر 131 شاباً منتحراً بسبب ضيق العيش وضبابية المستقبل. عصر ذهبي في الانتاج والموصل يُنهب منها 60 مليون دولار دون شيكات!