23 ديسمبر، 2024 10:03 ص

مئات الملايين من الدولارات ذهبت لصالح محلات وتجار المشروبات الكحولية

مئات الملايين من الدولارات ذهبت لصالح محلات وتجار المشروبات الكحولية

بغض النظر عن وجهة نظرنا بخصوص تداول وتجارة المشروبات الكحولية من حيث حظرها باعتبارها مخالفة للشريعة الإسلامية من وجهة نظر البعض ، أو السماح بتداولها لكونها تشكل عنصرا من الحريات الفردية وعلاقة ذلك بتقييد الحريات لوجود ديانات غير إسلامية في البلاد ، فان ما يهمنا هو موضوع اقتصادي بحت ونعرضه اليوم لأنه لم يتطرق له أحدا رغم أهميته وعلاقته بالإثراء غير المشروع الذي ربما يلامس الفساد ، فقد بدأت الجهات الحكومية المعنية بتطبيق التعرفة الكمركية على استيراد المشروبات الكحولية اعتبارا من يوم الخميس المصادف 21 من شهر نيسان الحالي تطبيقا لنص الفقرة ( ب) من المادة 24 من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2016 التي تنص على فرض ضريبة مبيعات بنسبة 100% على المشروبات الكحولية ، وحسب ما أعلمنا به المراسلين الموثوقين فان التعريفة الكمركية قد طبقت بالفعل رغم إن الحكومة لم تستوفي دينارا واحدا من استيراد هذه السلعة ، فقد تم تطبيق الأسعار الجديدة التي تتضمن ضريبة المبيعات والتعريفة الكمركية داخل محلات بيع المشروبات الكحولية ومخازن البيع بالجملة والدكاكين ، بحيث تحققت ( أرباح ) فعلية تصل إلى ملايين أو مليارات الدولارات دون جهد يبذل سوى استغفال الجهات الحكومية المعنية ، فبين ليلة وضحاها تحول سعر أي مشروب كحولي من السعر السابق إلى السعر الجديد بعد فرض التعرفة الجديدة رغم إن جميع حلقات استيراد وتوزيع وبيع هذه السلعة لم تدفع للحكومة دينارا واحدا بعد تطبيق التعرفة الجديدة ، والأغرب من ذلك إنهم يبيعون سلعهم على أساس إن سعر صرف الدولار مقابل الدولار هو أكثر من 1300 دينار وهو إجراء مخالف للتعليمات لان المستوردين يشترون الدولار من البنك المركزي العراقي فيما يسمى بمزاد العملة بسعر يتراوح بين 1184 – 1190 دينار لكل دولار ، وبذلك تتحقق إيرادات بنوعين ، الأولى من بيع المشروبات على أساس الفرق بين سعر الدولار في البنك المركزي والأسعار السائدة في الأسواق ومرة من بيع سلعهم بافتراض فرض الضريبة وهي لم تدفع قط ، والمحصلة النهائية إن من كان يمتلك بضاعة بقيمة مليار دينار ( مثلا ) فقد تضاعفت إلى ملياري دينار بين ليلة وضحاها والحكومة لم تستفد دينارا واحدا من هذا الإجراء .
وبخصوص هذا الإجراء لدينا الكثير من الأسئلة ، أولها لماذا لم تطبق الضريبة والتعريفة منذ بداية السنة المالية 2016 باعتبارها إحدى مواد موازنة 2016 فقد صدرت الموازنة بوقت مبكر هذا العام ، ولماذا بدا التطبيق من 21 نيسان الجاري ولماذا لم تصدر إعلانات رسمية بهذا الخصوص تنبه إلى أن تطبيق التسعيرة الجديدة سيبدأ بالتاريخ الفلاني ، ولماذا بدا التطبيق الفوري بما يسمح بزيادة الأسعار دون تصريف البضاعة أو العزل بين البضاعة الخاضعة للضريبة من الأخرى ، ولماذا لم تقوم الجهات المالية المعنية بجرد البضاعة الموجودة لإخضاعها للضريبة بحيث تذهب الفروقات للخزينة العامة بدلا من تجار المشروبات الكحولية سواء الجملة أو التجزئة أو الوسطاء ، كما إن من الأسئلة الأخرى كيف تم التداول بالأسعار الجديدة من قبل اصغر الحلقات رغم إن الموضوع فوري وسريع ، وهل هناك احتمالات بوجود تواطؤ بين الجهات الحكومية المعنية بالتطبيق وتجار هذه السلعة بالذات حيث يروج بان المشروبات الكحولية سر لا يعلمه إلا البعض القليل بعد المعنيين ، ولكي لا نسترسل أكثر في هذا الموضوع الذي لم تكن من أمنياتنا المهنية ولوجه في الأساس ، ولكن تشتم منه روائح الفساد الإداري والمالي الكريهة التي يمكن تمييزها من أميال وكيلو المترات ، فليس من المعقول أن يتزامن تطبيق التسعيرة مع اقتراب شهر رمضان المبارك الذي يحظر فيه بيع وتداول المشروبات الكحولية ، فالكميات الموجودة عند المنافذ التسويقية لهذه السلعة كافية لتوفير الاحتياجات ، مما يعني بان دخول استيراد المشروبات الكحولية سيتم بعد انقضاء الشهر الفضيل ( رمضان المبارك في بداية حزيران القادم ) ، وبشكل يشير أيضا إن الحكومة سوف لا تستفيد من الضريبة الجديدة إلا بعد أكثر من شهرين وفي حينها يحلها أكثر من حلال ، وهي ليست أفكارا افتراضية وإنما هو واقع الحال وبشكل يشير إلى إن بعض القرارات التي يتم اتخاذها لا يمكن عزلها عن مصلحة الأطراف المعنية بحيث تتحقق لهم مردودات أكثر من المردودات الحكومية بكثير ، ولا تستغربوا أن تسمعوا مقترحات مزينة بالوطنية والحفاظ على المال وزيادة الإيرادات ولكن محتواها خارج الوطنية بكثير ، نرجوا فحص منظومة الوعي والدعم والهدف من كل القرارات التي يتم إصدارها بحيث يتم التأكد من أغراضها المبطنة وليست الظاهرية المسلفنة بأغلفة محتواها هو الفساد ، فقد بات التماسيح يتكاثرون بمتواليات هندسية وببيئات جديدة لا تحتاج إلى سباحة في الماء وإنما الانتقال إلى كل مكان بحرية لتحقيق الثراء ، وكل ما ذكر في أعلاه هدفه الدفاع عن ثروات البلد واستحقاقات الموازنة الاتحادية وليس للتعبير عن آي موقف اتجاه مستخدمي هذه السلعة بالذات .