6 أبريل، 2024 11:46 م
Search
Close this search box.

مؤشرات القص في فضاء إيحائية رؤية موصولة الأنفتاح

Facebook
Twitter
LinkedIn

قراءة في مجموعة ( بنات الخائبات ) لعلي السباعي
في الكتابة السردية القصصية تظل مسألة القراءة لأبعاد

وقائعية و خلفيات الموضوعة الثيمية و الخطية في النص و الصورة العضوية الراسخة على مدى محورية دائرة الخلاص

الفردي الأجمالي و النسبي الكامن داخل ذاتية مرآة صوت

السارد النصي في فضاء مديات الخلاصة السردية في القصة

القصيرة .. لربما هي من جهة ما تشكل ذات علاقة الزمن القصصي بزمن حالات و نفسانية أرهاصات الذات الكاتبة

في خطوات ذلك النص ، و لربما هي الإنحيازية القسرية

في بناء نواة الأشياء و الضمائر و المسميات و الصفات

ضمن انتقالية الزمن الذواتي و الارهاص الشبقي لكاتب تلك

الموضوعة السردية ذاتها .. عندما نقرأ مجموعة ( بنات الخائبات ) للقاص الصديق علي السباعي و التي جاءتنا

عبارة عن قصتان قصيرتان ، واحدة تحت عنوان ( فرائس بثياب الفرح ) و الثانية تحت مسمى ( سيوف خشبية )

و القارىء لهذه القصتان لربما يعاين مشهدية التداخل بين

الفضاءات و المساحة الذاكراتية و الموضوعية في مرام النص . أذ أن فاعلية المؤشر فيهما قد تحقق ضمن بلورة شرطيات عتباتية موحدة من أسلوبية التكنيك الزمني و

أداة الربط الثيماتية وصولا الى عملية التفكيك في خلاصة شفرات المضمون النصي . ففي قصة ( فرائس بثياب الفرح)

نواجه ثمة خصوصيات منفتحة الدوال و العلامات و قابلية

الأستفهام التشفيري في مشهدية عوالم التنصيص في إيحائية

رسم موضوعة القصة . إذ أنها جاءتنا على لسان المتكلم وهو

يصف لنا أحداث إسترجاعية منقادة بروح دائرية شكلية الفعل

و الصنيع و الصوت وصولا الى ذلك السبيل من أقنعة المحكي السردي ثم الى شذرات أعماق وصفية قد لا تشف بالمستوى العلائقي أحيانا خصوصا في أقتحامية بناء صلة الوقائع المعيارية الراسخة في موضوعة الأدوار النصية ..

فقط أننا لاحظنا جملة تحولات هائلة في مشهد النص المتشظي و على نحو ما راح يستنفر جل دلالة حاصلية بنائية

محور تكثيف أفعال النص : ( ما كنت يوما قاطع طريق لكثرة تعثري بظلي فتمنيت لو كنت طارق بن زياد لأحرقت نفسي بدل احراق سفني لأنني لم أكن صانع هذا العالم وما كنت كاسرا للصمت الدولي لأنني أنفقت عمري كله أعيش مثل أبي

الهول و كم تمنيت أن أكون ساعات ضعفي مثله أوغستو بينوشيت حتى أقتص من كل الصبية الذين ضربوني في المدرسة .. عزفت عن كوني بينوشيت لأن العالم أصبح صغيرا على الطغاة حسبت نفسي في سن مراهقتي أكبر عاشق في الناصرية فأطلت لحيتي و شاربي على طريقة بيكاسو .. لولا تنغيصات حبيبتي التي كلما ضجرت مني

عيرتني برسول الحب .. و يدي بيدها تمنيت لو كنت أنا

من ضرب أنظمة الكومبيوتر بفيروس الحب بعبارة أحبك

.. كرهت أن أكون قرصان أنترنت و أبقيت لحية وشارب

بيكاسي و عندما أشرع بممارسة مواهبي في التخاطر عن بعد

كانت أمي تصرخ بحرقة الى متى تبقى الصخرة جاثمة

عليك ؟ ) .

( المناص السردي / مناص أنا المؤلف )

أن دراسة قصة ( فرائس بثياب الفرح ) و علاقاتها الشكلية بسواها من المحاور التكوينية في النص لربما أخذت تكشف

عن شبكة دلالية حكواتية ينظمها دليل الوصف بالسرد . كما

أن وصف حالات السارد الشخصية في فضاء النص لشخصية ما يتطلب من السارد نفسه أن يصف الوضع السايكولوجي

للشخصيات الأخرى المرتبطة بشخصية السارد في النص نفسه . و تبعا لهذا وجدنا أن القسط الأوفر من الحالات النفسية لدى شخوص النص تنعكس نحو بؤرة صراعات السارد الشخصية مع صوته و ارهاصاته و تجربته الحياتية و الفنية في صورة النص الأسلوبية : ( رغبت ساعتها لو كنت تانتالوس فأزيح الصخرة و أرميها بعيدا عنا نحن أبناء الخائبات صرفت النظر عن كوني تانتالوس لأنني عربي في طور التسوية لا أستطيع العيش من غيرها كنت سيزيف العرب سعيدا جادا في حمل صخرتي صعودا و هبوطا ذهابا و إيابا كان ذلك هو الشرط الأساس للتسوية أن تكون سيزيف

فضلت أن أكون ثعلبا يمتطي ظهر فيل .. منذ نعومة أظافري تمنيت لو كنت مثل جدي الثالث علي السباعي الذي كان صديقا حميما ل ناصر باشا الأشقر .. الذي كان يعمل غواصا ينتشل الغرقى و البضائع الساقطة من السفن التي تجوب نهر الفرات يوم كان بحرا واسعا و المنفذ الوحيد لنقل البضائع فتقع الكثير من الحوادث .. أخبرني بذلك الجدي الأول و الذي سمي بنفس أسم جدي الثالث ) أن مقاربة تواريخ مشاهد قصة السباعي تتجلى من خلالها الكثير من تغذية المصادر و المنابع و الهوامش و التعاقبات العكسية في رصيد هالة التسمية و التمنيط في تشكيلة تقنية تسمية الأجداد وصولا الى

دائرة الحبكة القصصية التي أخذت تتسع في مستوى يكتسب مفهوم عملية التواتر المراوي في حالية تفعيل الحدث السردي تعاقبيا .. و بمقدار ما أخذت تتجلى هذه التواترية في مؤشرات الترميز و التكثيف و المصدرية و الهوامش في مستويات الزمن و المكان ، أخذ القاص في الوقت نفسه يقيم علاقة التفارق و الضد و الإتحاد و الكشف فيما بين تلك الوحدات الزمكانية و الوظيفية . بيد أن الأحداث النصية في فضاء طابعها التصويري و التشكيلي صارت مرغمة في وصل عملية التسالك في ثغرات علاقة المفارقة ذاتها . فالقصة تنحو

الى أستثمار شتى المستويات الأسطورية الفاعلة في تمكين العلاقة السردية بطابع يتضمن أصواتا عديدة ، لا من ناحية الشخصية الساردة تحديدا ، بل في مناح عديدة من تلك البؤرة البانورامية الى أيقونة الحركة الماثلة بدال خصيصة الأحداث الداخلية و الخارجية وصولا الى تحولات المحور الى مركز حوارية لغة متقاطعة على وجه التحديد في العلاقة بين التعبير بالأمثولة المصدرية وبين أداة التعبير بالحدث الوصفي للسرد الوظيفي . و يحاول القاص السباعي في أجواء قصته هذه تشكيل رقعة سردية ذات تمظهرات موروثية الأطر و الأداة وصولا الى موضوعة حكائية مشبعة بخاصية تجربة فائقة في التوليف و النمذجة الصورية : ( بعد أربعين يوما بالضبط فقد جدك بصره لكثرة ما نظر للشمس الكسوفة وراح يحلم .. حلمت أمس ليلة الكسوف برأس الحسين محمولا فوق رمح طويل مدمى بغسق الغروب .. الرمح بيد فارس بلون الكرافيك بدا الفارس و من خلفه الغروب كتلة من دم قرمزي كل ما أذكره كان وجه الحسين يشع نورا أنه يتألم أنه حي و كأن الموت ما طاله . تضيء وجهه القمري لحية بدكنة الليل ناعمة لا معة و شارب أسود فاحم تلتمع في منتصفه شعرة

بيضاء وحيدة خشنة كأنها نجمة وحيدة .. كنت في عالم الرؤيا صبيا مع زملائي في المدرسة المركزية الأبتدائية .. دخل الفارس في ساحة رفع العلم صرنا نحن التلاميذ الصغار نركض وراءه متلقفين قطرات دم الحسين التي كانت على شكل حبات رمان ريانة ألتقط زملائي الطلاب حبيبات دمه بأكفهم الصغيرة وراحوا يتوضؤون بها تحول كل صبي الى فارس كرافيكي يمسك رمحا طويلا مدمى فوق الرمح كان رأس الحسين بقطر دما .. الوحيد بينهم كان همي أن ألمس تلك الشعرة البيضاء الوحيدة .. كنت أصرخ بالفارس الكرافيكي مغبونا .. أفقت على تكبير و تسبيح أبي الذي أخبرني بأنني كنت أصرخ متنبأ في حلمي : ستزول دولة أسرائيل عام ألفين و ثمانية عشر .. سمعت أمي ذلك فعلقت بحرقة أتبقى الصخرة جاثمة عليك حتى عام 2018 الله أكبر)

لقد صور القاص السباعي ملامح أحداث قصته و شخوصها بالكشف عن بعده الأيحائي بالحلم فيما صور الشخصيات و موضوعة النص في شكل مقصديات رؤيوية غير مباشرة الدلالة و المعنى على لسان السارد الشخصية في الأحداث أو عن طريق تناوب الشخصيات فيما بينها ، فضلا عن أهتمام القاص نفسه بالخطيات المحورية الرئيسة في متن عتبة النص ، فقد صورها تصويرا جادا و رصينا بوصفها شخصيات تحمل علامات مناصية مظهرة وقائع إيحائية و تلميحية قادرة على سبر غور صورة الدلالة المركزية و بطريقة توزيعية و تفصيلية تامة في الحيادية و الصنيعية الثيماتية . أما الحال في قصة ( سيوف خشبية ) فنواجه بدورنا ثمة سياقية حكائية ضاجة بصرامة الترميز الجنسي و العلامات الشبقية و الأقوال التي بأمكانها المحافظة على دلالاتها الوصفية و الوضعية و المعنوية كأخراج أيقوني تضاعفي في تمديد

سيناريو حلمية المواقف المحورية نحو علاقة تشخيصية موفقة في دلالة الطابع الترميزي الخاص في فراسة نوعية النسيج البؤروي الواثب في مشهدية الحالة السردية في القصة : ( أقف أمام داعرتي عاريا ألا من سيفي .. كانت تحب أن أضاجعها عاريا بيدي سيفي أردد كلما حضرت لمضاجعتها : السيف أصدق أنباء من الكتب : في حده بين الجد و اللعب .. أدهشني عريها و أصابتني رعشة نشوة مدوخة سمعت همسة بعذوبة وهي تبعد بيدها الخمرية البضة اللدنة سيفي الأسمر : أنزل سيفك ؟ شاهدت قطتها تغسل وجهها بيدها اليمنى بينما قطيطاتها يلهين بقربها .. شاهدت أبتسامة خبيثة حدجت فيها تحديدا لطيفا قالت ببساطة : أنزل سيفك فلقد شاهدت ما يكفيني من السيوف ) أن التركيب الحواري الداخلي و الخارجي للصوف بالخطاب في قصة ( سيوف خشبية ) يعد قوة خلاقة وخاصة عندما يتم بموجب لغة مغلفة بشفرات ترميزية دالة و موحية و مؤشرة وهذا ما حاولت ان تقدمه قصة القاص في حدود عناصر حركية و إيمائية وظلية و صوتية أخذت تتوزع على عدد من الفقرات و المشاهد المشحونة بالقيم و الملاعبات السادية و المازوكية .. لذا تتعدد مراكز المقصدية و النظر و الإعادة في فضاء نسيج تواصل المعنى في المحور التمييزي البؤروي بين أطراف العلاقة الحوارية الواصفة تمييزا يعزل كل منهما عن الآخر غرائبيا . و خصوصا عندما تنفرد قابلية التمثيل المشهدي في النص وسط ملفوظات و حالات لغة الجسد الممسرحة جدلا بما يدلل على أن العلاقة بين الطرفين كانت شبه نظرة شبقية يتمثلها خطاب لعوب يصدر عن هوية الآخر الإيهامية : ( أخذت أناملي تستكشف خباياها و تتذوق مستطيبة لذاذاته .. شرع لساني لطري يلعق مرتفعاتها الشهية .. فتفجرت أوجاعها و أزداد ألمي .. ضمتني بقوة .. بقوة ..

بقوة بين ذراعيها حصرتني .. الحياة بين ذراعيها محاولة .. حياتنا مع حواء ليست نتيجة .. و السعادة كانت في حضنها )

( تعليق القراءة )

من خلال قراءتنا لمجموعة ( بنات الخائبات ) للقاص علي السباعي واجهتنا تفوقات الواصف و المجتهد في تواصيف الحالات الشبقية المغلفة بروح الترميز الساخن . لذا وجدناه يصور لنا أبعاد الإستجابة الرمزية في موضوعة النص كذوبان نموذجي مسكوب في بوتقة قدرات الإيحاء المقصدي في سلم المشفر التعاقبي الزمني الذي من شأنه أولا و أخيرا غرس حدود المعنى الضمني في أفق أتجاه علامي يتعدى قابلية و لغة كفاية الأشياء المحدودة صوريا . بل أنها ترسيمة سردية و علامية و مصدرية يتم تشكيلها بموجب صياغة الحالة الثيماتية كبعد تأطيري واصف لمشروعية أيقاظ التصور المقابل و ما يذهب إليه في التناهي الدقيق الداخلي في زمن المقروء و التلقي من انعطافية مثالات الأستكمال الفعلي لتفاصيل مشهدية أنفتاح السرد النصي حول زمن احتفالية أنا الخطاب الذكوري لدى القاص في كافة مداليله و صياغاته لفعل القص الأيحائي و التلميحي و ما يتضمنه هذا القص من ملامح تدرجية خاصة و غير مألوفة أحيانا لحركية الصورة النصية ذاتها : ( قاومت الفتاة بكل ما أوتيت من قوة حتى أن الجنود مزقوا عنها بدلة زفافها تمزيقا خجلت من النظر الى جسدها و كأنها لم تعرف أنها تملك مثل هذا الجسد البذخ المعجون من كهرباء و دم .. كنت أسمع في الحكايات عن عروس البحر : حقا ! كان جسدها أسبه بجسد عروس البحر أنفرط اشتباك ضفيرتها لتستر عريها .. سقط منتصف الليل ..

ليل شعرها في عز ظهيرة جسدها .. ذكرني انفراط جديلتها بأنفراط ضفيرة معلمتي وهي تشرح لنا في درس التأريخ كيف أن هيلين كانت فاضلة و أن التي ذهبت الى طراودة كانت إمرأة أخرى من صنع الألهة تشبه هيلين .. فارقت روحي شرنقتها رفرفت سعيدا بالخلاص وسط ذلك الغروب النحاسي المحتدم الذي حلمت فيه برأس الحسين و محاولته لمس الشعرة البيضاء من شاربه الكريم .. الآن لمستها كان ملمسها مثل خيط ضوء أزرق مترف مريح تألقت روحي فوق أسد بابل توشوش في إذنه ما قد نطقه عتوده بعد حركة أصبعه الماجنة سأفض بكارتها بأصبعي ) أن بعض دلالات أجواء قصة ( فرائس بثياب الفرح ) لربما صادفنا الكثير منها في عوالم المسرح الشعري بشكل خاص فقد بدت اللغة الواصفة في أحداث القصة و خصوصا في شطرها الأخير و كأنها عامل انجاز مسرحي حاذق .. على الرغم من الثراء الوصفي بالسرد في عوالم سرديات علي السباعي و التي تساعد و تحفز السباعي نفسه في الخوض في مسار الكتابة الروائية . و لكن ما جعلنا نشعر بهذا الأحساس هو نواة تواصلية الحادثة البؤروية السردية نحو ذروة درامية متطورة بجانب قدرة القاص البانورامية على تصوير مساحات واسعة من الذاكرة النصية المستشرفة حول أبعاد فاعلية التكوين الروائي السردي . على أية حال فأنا شخصيا كاتب دراسة هذا المقال لا أملك سوى الشكر و التقدير و التحفييز للكاتب علي السباعي لأنه فعلا قدم لنا خطابية سردية تصاعدية تتوافق من خلالها كل مديات و نزوعات التماثلات الاستعراضية في فضاء النص القصصي و شروعاته الأفقية و القرائية الجادة و الجديدة في تسطير شفروية النص القصصي . وذلك لأن لغة أجواء العرض المسرحي في طيات المتن السردي القصصي

تحتاج الى الحوار الدرامي و ليس الى مخطوطة انشائية مسجلة على ورقة تسجيل التخاطري الرخيص . في الختام أقول أن عوالم المبدع ( علي السباعي ) مجموعة صور استدراجية في محصلة أساليب الإداء و الفضاء و لغة النص و عناصره التخليدية في فنية خاصة تصورها الحالات النصية كأنطباع أفصاحي لا ينقل سوى النزوع الفني للأبداع بمعطيات الموضوعة حين تتعدد و تتنوع و تتبدى في أشكال و ألوان هائلة من لغة الجسد و الموسيقى و الخيال و الفن الحكائي المؤثر بأمتياز الرؤية المفهرسة بمقومات الأدب السردي المتفرد في القصة القصيرة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب