تعصف الصراعات السياسية بعالمنا العربي والاسلامي ونحن في قلب الحدث بعد ان اصبحت حصتنا الجزء الأكبر من مخاطرها وتداعياتها، و فقدنا الكثير من مكانتنا داخل محيطنا الاقليمي والعالم، لاسباب كثيرة منها الانحسار وضعف الاداء والشلل الذي اصاب مؤسساتنا الدبلوماسية و سياستنا الخارجية، التي اثرت سلباً على الانفراج الداخلي، لان الانفتاح والنجاح والانفراج في السياسة الخارجية يعني الانفراج والانفتاح في الداخل الوطني الذي يساعد على حل العقد والازمات الداخلية، بكل انواعها وحسم الكثير من الملفات الوطنية بعد ان اصبحنا نعاني، ومنذ عقود من الخلل الكبير الواقع في مؤسساتنا الدبلوماسية وعلاقاتنا العربية والدولية خاصة مع جوارنا الإقليمي ولهذه الأسباب أصبحنا بأشد الحاجة لإمكانيات وقدرات دبلوماسية ناجحة تتميز في تصريف علاقاتنا الدبلوماسية بالشكل الذي يحقق لنا انفراج واسع في علاقاتنا الدولية والاقليمية تمكننا من مد جسور الثقة المتبادلة تنتج لنا علاقات إقليمية ودولية متوازنة مع الجميع، وهكذا بناء وفعل متحقق يحتاج الى بناء مؤسساتنا الدبلوماسية وتنشيطها وتفعيل دورها وهي عمليه شاقه وليست بالسهلة لان موضوع الدبلوماسية موضوع مهم من الضروري ان يوضع على اجندة الدولة و اولوياتها كون عالمنا اليوم في صراعات ونحن جزء مهم من هذا العالم، علينا ان نجد ونجتهد لتحقيق تقدم ملموس في خطواتنا الدبلوماسية أولا وصياغتها و صناعتها بالشكل الذي يضعنا على الطريق السليم وهذا يحتاج الى قرار سياسي واضح يطمأن جوارنا الإقليمي ثم منعه من التدخل في شؤوننا الداخلية وقراراتنا الوطنية، وهذا من اولويات ومهام عمل وزارة الخارجية وما تعنا به.
اذ يتطلب منها الاحاطة ومعرفة كل ما يدور في المنطقة بشكل خاص والعالم عموما وبشكل نشط وبقدرة وامكانيه عالية على التحليل لكسب دعم هذه الدول ووضع الرأي العام الوطني في
الصورة وفي كل شيء ليسند الدولة لان القرار للشعب يعني للرأي العام لتتمكن الحكومة والدولة بجميع سلطاتها ومؤسساتها، خاصة الدبلوماسية منها للوقوف على حد واحد من الاحداث الاقليمية والعالمية وفي جميع المشكلات، ومن كل الأطراف بشكل متوازن نراعي فيه مصالحنا الوطنية والشعيية، خاصة ونحن نخوض معركتنا الوطنية المقدسة ضد الارهاب وهي بأمس الحاجة للعمل الدبلوماسي وفعالياته وإمكانياته لحشد وتعبئة دبلوماسية إقليميه وعالمية لدعم معركتنا وتحرير اراضينا الوطنية لذا تأتي ضرورة تفعيل وتنشيط وتطوير عمل مؤسساتنا الدبلوماسية ليشمل مساحات ميدانية دولية واسعة لكسب هذا الدعم الاقليمي والدولي لحماية مصالحنا الوطنية التي تتجلى في الحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً، وابعاد الاطماع والمؤامرات عنا بعد ان نؤمن و ندرك لا وجود لصديق وعدو بقدر وجود مصالح مشتركة يجب العمل على تحقيقها وانجاح هذه المهمة يقع الجزء الكبير منها على الدور الذي تلعبه وزارة الخارجية، ويعتمد على قدرات مؤسساتها الدبلوماسية وإمكانيات وخبرات وتجارب المعنيين بالعمل الدبلوماسي والمنفذين له بشكل مباشر وقدرتهم على تحقيق شبكة من العلاقات المتميزة مع علمنا العربي والاسلامي والدولي مع المراعات لبعض الخصوصيات وهذا يتطلب بالضرورة بناء علاقات إستراتيجية من خلال مواقفنا التي تحقق هذا الهدف والاخذ بنظر الاعتبار الابتعاد عن مجاملات الدول التي عرفت بمواقفها غير الواضحة والمتوازنة والداعمة لـ “داعش” وبنائها لان الشفافية والصراحة في الحوارات وطرح الحقائق لها فعلها وأهميتها ونتائجها الايجابية خاصة مع دول الجوار الاقليمي التي تعمل على بناء اسس لفتح ابواب جديده لقيادة الشرق الاوسط ومواقف بعض هذه الدول من “داعش” تبعث على الشك والريبة على الرغم من ما حققه العراق من تقارب معها في الآونة الأخيرة وان مثل هذه الدول تحتاج للعراق اقتصاديا.
هنا تلعب السياسة الخارجية العراقية الدور المطلوب لفتح ابواب جديدة من التعاون معها مع التأكيد التام على احترام سيادتنا وقراراتنا الوطنية والسياسية وحماية مصالحنا ولا يوجد ما
يمنعنا من الحفاظ على اوضاعنا بشكل عام والعراق قادر على تحقيق ذلك كونه دولة تمتلك كل الامكانيات وعوامل النجاح وعلى الدبلوماسية العراقية إن تكون العنصر الاساسي في انجاز وتحقيق هذه المواقف السياسية والوطنية وهذا يتطلب بناء، وخلق جيل دبلوماسي يهتم بحماية المصالح العراقية الدبلوماسية بعيدا عن المصالح الشخصية والخصوصيات بل العمل والتعبير بشكل مهني حقيقي عن الواقع الوطني العراقي وهنا يبرز دور الثقافه والاعلام في دعم المواقف السياسية الوطنية والشعبية والدبلوماسية العراقية وقدرة وزارة الخارجية على تحقيق مهمتها ومسؤولياتها في هذا الشأن لما للدبلوماسية من دور كبير في البناء الوطني في مفاصل الدولة كافة لما تلعبه الدوائر الدبلوماسية من دور محوري مهم في فتح نوافذ وابواب التعاون الاقتصادي والسياسي والعلمي بين العراق والعالم لبناء اقتصاد وطني رصين له قيمه، وفي مقدمة ذلك تفعيل الاستثمار.
لذا نأمل ونتطلع بان تلعب وزارة الخارجية العراقية دورا تخصصيا وطنيا متميزا من خلال مد الجسور وتوسيع نطاق التعاون مع الدول وفي المجالات والاختصاصات كافة وبما يخص حربنا ضد “داعش” ودحرها وطردها من اراضينا الوطنيه بقوة السلاح اذا نحن بأمس الحاجة لتحقيق سيولة دبلوماسية سياسية وأقول سيولة دبلوماسية سياسية لان السيولة في كل المفاصل وليس في الاقتصاد فقط بل هي في السياسة والدبلوماسية والعلم والمعرفة، ولابد من التأكيد ان السيولة في الدبلوماسية والسياسة هي التي تعزز السيولة في الاقتصاد فضلا عن ما تحققه أي الدبلوماسية من احترام للشرعية والديمقراطية وحل خلافاتنا من خلال هذه الاسس والمبادئ بعيدا عن الحروب والعداوات بكل انواعها الساخنة والباردة اذا نحن بمقدورنا ومن خلال القنوات الدبلوماسية والحوارات الناجحة والناضجة الحفاظ على امننا واستقرارنا بعيدا عن الحروب والنزاعات ونحن نشهد بل نعيش غليان المنطقة، والدبلوماسية العراقية ضعيفة امام هذه المشاهد و تكاد أن تكون تحتضر ولاسباب معروفة يطول شرحها لذى من الضروري ان تنشط الدبلوماسية العراقية في خضم هذه الاحداث الوطنية
والاقليمية المركبة والمعقدة والمتفاقمة الخطورة لتتمكن من الاسهام في تحقيق وخلق استقرار يزيح شبح الحرب عن العراق وبكل ما تملكه من قدرات وامكانيات متاحة من خلال عقد المؤتمرات السياسية الدبلوماسية و بالشكل الذي تلعب فيه وزارة الخارجية دورها المطلوب في فك الحصار السياسي والدبلوماسي الإقليمي عن العراق بشكل عملي ملموس النتائج على الارض وليس في التصريحات والبيانات والعمل على تعزيز بنيته الامنية والاقتصادية والاستثمار وهذا الدور يجب ان تطلع به وزارة الخارجية و هو من اولويات مهامها في تليين الاجواء والتمهيد لتحقيق علاقات اقتصادية وسياسية فاعله، لان من مهام وزارة الخارجيه ودورها المركزي هو مد الجسور مع العالم بالشكل الذي يعزز مكانة العراق والعراقيين ويفتح ابواب الرفاه لهم من خلال مشاريع الاستثمار لرفع معدلات النمو و تشغيل الايدي العاملة من اجل القضاء على البطالة و للدبلوماسية دور في تحريك كل الملفات الخارجية ضمن برامج وخطط معدة و مدروسة ومنضبطه مهنيا لتجعل الجميع ينفتح على العراق اقتصاديا وسياسيا ويقدم الدعم لبناء الدولة العراقية من خلال زيادة حجم المساعدات المخصصة له من ضمنها الخبرات الاقتصادية و العلمية والعسكرية والتحرك المستمر في فتح حوارات مستمره مع الدول وهذا يعتمد على الادوار والنشاطات الدبلوماسية الناجحة وهو بحاجة ماسّة للاهتمام في اختيار وتعيين السفراء اصحاب الخبره في السلك الدبلوماسي مع حسن الأداء الذي يمثل السياسة الوطنية وعدم ازدواجية السلوك الدبلوماسي والولاء الوطني.
نحن اليوم نحتاج لخطاب سياسي دبلوماسي خارجي موحد لان دور ونشاط الدبلوماسية السياسية الخارجية لها انعكاساتها على السياسة والحياة الداخلية والتحضر والتطور المجتمعي يعني نحن بحاجة لضبط صمام الامان في الخارجية العراقية والحقيقه ان كرامة المواطن في الداخل تعتمد على نجاح الدبلوماسية والسياسة الخارجية بنسبة كبيرة، إذن المطلوب منا احكام صمام الامان في وزارة الخارجية يعني في المؤسسات الدبلوماسية العراقية.