26 نوفمبر، 2024 10:12 ص
Search
Close this search box.

مؤتمر جدة …واستراتيجية واشنطن الجديدة

مؤتمر جدة …واستراتيجية واشنطن الجديدة

امريكا تَتحمل المسؤولية التاريخية والاخلاقية عن نشوء “داعش” ونموها وترعرعها فالامريكان هم الذين “صنعوا” لنا هذا الكائن القذر مع تعاون بعض دول المنطقة معها مثل تركيا ذات التأثير الاكبر والاردن والسعودية وقطر ودول اخرى عملت معها باستحياء او خلف الكواليس ان امريكا التي غضت النظر عن اقتحام داعش للاراضي العراقية هي المسؤولة الاولى عن اخراج الداعشيين من العراق والقضاء عليهم وتخليص البشرية من شرورهم واجرامهم.. لقد تحركت امريكا اخيرا في ظل مؤتمر جدة بعد ان اضحى العالم يتحدث عن المخلوق الشاذ بكل تصرفاته وشمائله البعيدة عن القيم الانسانية والاسلامية .لقد انتهى مؤتمر جدة من اعماله بمشاركة عدد من الدول وباشراف وزير الخارجية الامريكي جون كيري ومما لاشك فيه ان مثل هذه الخطوة مطلوبة وقد تم الترحيب بتلك المساعي التي من شانها اذا ماكانت تنوي القضاء على الارهاب وتجفيف منابعه ان يخرج بنتائج عملية وملموسة تستشعر حجم الخطر الذي يهدد السلم العالمي ومنظومة العيش المشترك بعد ان احس العالم اجمع الامر واصبح واضحاً في الطرح العقائدي الجنوني لهؤلاء الارهابيين الذي بني على اساس الظلام والاقصاء والتكفير وقتل المخالفين ومصادرة الاموال وسبي النساء واخذ الجزية من غير المسلمين اضافة الى الفضائح التي ارتكبتها في المناطق التي انتشروا وعاثوا الخراب فيها وتدمير الاسس الحضارية والاثنية وهدم المزارات المقدسة والتي تمثل ارثاً حضارياً لابنائها المتعايشين مدى التاريخ في ظلها ولكن المؤتمر لم يخرج بنتائج تبشر بخير . ان تنظيم داعش اليوم يعني تهديداً اقليمياً وعالمياً لانها لاتهدف دولة دون اخرى ولا قومية دون اخرى ولا امة دون اخرى انما الانسانية برمتها .

الحرب على الارهاب يجب ان يكون ذات ابعاد ومعايير ومقايس واستراتيجيات تختلف عن الحرب العالمية فهناك اختلافا واضح يبن الدول (الكبرى )حول كيفية محاربة الارهاب والعالم منقسم على ذلك خوفاً من ان تاخذ الحملة ابعاد واغراض اوسع من الارهاب ولعلها تتحرك بأتجاه ساحة جديدة وغير متوقعة تشمل مثلاً سوريا او اليمن والرئيس اوباما يواجه مجموعة من التحديات …مع العلم ان بعض المطلعين وصفوا الحملة بطويلة الاجل واكثر تعقيداً من الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة ضد اهداف تخص منظمات ارهابية في دول مشابهة كاليمن وباكستان وافغانستان وغيرها من الدول وتأتي باثارممتددة الى مناطق مضطربة من اجل اضعاف هذه الجماعات الارهابية و تدميرها في النهاية كما تدعي امريكا..غير ان المناخ السياسي في العالم يتحسس كثيراً من هذه الخطوات خوفاً من ان تنجر هذه الحرب الى اشعال فتيل حرب اكبر  من الارهاب اذا ما عرفنا ان الكونغرس يدرس ويناقش حالياً مشروعاً لتمويل قدره 500مليون دولار من اجل تدريب وتسليح الجماعات المسلحة التي تقاتل( الدولة الاسلامية) واختيار المملكة العربية السعودية والاردن التي لم تحسم موافقتها خوفاً من الوضع الداخلي وتحركات حزب العمل الاسلامي (احد اجنحة الاخوان المسلمين ) في معارضته للمشاركة في اي عمل ضد داعش اولتاسيس قواعد للتدريب فيها  والتي زادت من القلق والتحسس بان الاستراتيجية تبتعد عن مكافحة الارهاب وقد تشمل ضرب سوريا .وكان اوباما قد هدد سوريا بالضربات الصاروخية في العام الماضي بعد اتهامها بأستعمال الاسلحة الكيمياوية وتقديم العون المستمر للمعارضة ولكن وقفت المعارضة الامريكية في الكونغرس بوجهه وتخلى عن الخطة والان ايضاً يعيد الكرة الى التصويت على العمل العسكري قبل انتخابات التجديد النصفي والبحث عن وسيلة الحشد للتأييد من دون منح تفويض صريح باستخدام القوة..اما الدبلوماسية  الامريكية فتشير الي وجود التعقيدات الخارجية للتحالف فتركيا تخشى من الهجمات الانتقامية من جانب ( داعش ) ونظراً لقلقها من ان تقع الاسلحة بيد المتمردين السوريين او المقاتلين من ( حزب العمال الكردستاني) المصنفة عندها ضمن الحركات الارهابية . كما تقول و الحقيقة انها متورطة في تشكيل ودعم الدولة الاسلامية بعد ان قدمت كل العون والاسناد لها واهمها فتح الحدود على مصراعيه لتحركاتهم. اما روسيا فتشك بمزيج من الحذرتجاه دعوة اوباما لتشكيل ائتلاف دولي لمواجهة الارهاب وتقول من الضرورة محاربة الارهاب مع الالتزام الشديد على ممارسات قانونية ووفق قرارات مجلس الامن الدولي والامم المتحدة بشكل عام وضرورة ان يكون هناك تفويض من المجلس وعكسه سيكون عملاً عدوانياً كما يمكن الاشارة اليه ان روسيا تسعى الان وللظروف التي تمر بالعالم الى تقوية منظمة شانكهاي لكي تستطيع مواجهة الدول الغربية وحلف ناتو في جبهة مشتركة للعمل الامني إلا انها لم تواجه النجاح بسبب المشاكل التي تقارن الاحداث الجارية في اوكرانيا ولكن ازاددت التقارب الى ايران وسعت من اجل توطيد العلاقات المشتركة بينهما في اطار التعاون المشترك في المنطقة والعالم وتطويرها نحو الاحسن والافضل .

والصين من المعارضين لكل اشكال الارهاب وضرورة التوافق عليه ويجب على المجتمع الدولي ان يتعاون لضرب الارهاب بما في ذلك دعم جهود الدول المعنية للحفاظ على الامن والاستقرارالداخلي وسيادة واستقلال وسلامة اراضي الدول المعنية.اما الجمهورية الاسلامية الايرانية اعتبرت التحالف الدولي الذي يتبلور حالياً ضد عصابات الارهاب و( تنظيم الدولة الاسلامية ) المتشددة يكتنفه الكثير من الغموض وهناك شكوك قوية في النوايا وعزم المتصدين بأخلاص العمل للاسباب الجذرية للارهاب وقد اعلنت طهران ان بعض الدول المشاركة في مؤتمر جدة متورطون والداعمين للارهاب مالياً ولوجستياً في جرائمهم التي يقومون بها في العراق وسوريا ولديهم الرغية في احداث تغييرات سياسية في هاتين الدولتين لخدمة مصالحهم الخاصة والمذهبية بالذات .

مؤتمر جدة حظى بأهتمام بالغ كونه ياتي قبيل انعقاد مؤتمر باريس ( مؤتمر الامن )  بشان العراق الذي  تسعى فرنسا من خلاله استعادة نفوذها في المنطقة والذي سيكون تزامناً مع اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة التي ستنطلق في نهاية  سبتمبر بمبادرة من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وبدوره قام بزيارة الى العراق لتهنئة الحكومة الجديدة وتوجيه دعوة رسمية  لمشاركته في المؤتمر…

 واما مؤتمر جدة كان على محك للقضاء على الارهاب ولكن المؤتمر لم يخرج بنتائج يبشر بخير او تحقيق استراتيجية جديدة تستطيع واشنطن من خلاله تحقيق خطواتها التالية.

أحدث المقالات