23 ديسمبر، 2024 4:23 ص

مؤتمر الكويت وبالونات الانتخابات

مؤتمر الكويت وبالونات الانتخابات

ما المطلوب من مؤتمر الكويت لإعمار العراق، وما هي معاييرالنجاح والفشل ؟

ما سمعنا وقرأنا من أصوات وآراء حتى الان يمكن تصنيفها الى ثلاثة أقسام القسم الاول عد المؤتمر فاشلا قبل أن يبدأ، القسم الثاني كان محايدا، أما القسم الثالث تفاعل مع سير أعمال المؤتمر وأيده بعد إعلان البيان الختامي.

أثناء عودتي الى بغداد قادما من الكويت استقبلت اتصالا هاتفيا من أحد الزملاء الصحفيين اثناء وجودي في صالة انتظار الحقائب، ويبدو انه لا يعلم بمشاركتي كصحفي في اعمال المؤتمر، سألني عن رأي أحد السياسيين (أتحفظ عن ذكر أسمه) هل هو مع أم ضد ؟ قلت له ولماذا يكون ضد بوجه إعمار العراق بعد ان بددت الحكومات السابقة أموال الموازنات الضخمة التي خصصت لها .؟

فلم يكن السؤال منطقيا بالتأكيد الا اذا كان ينطوي على اهداف سياسية ترتبط بالمصالح الشخصية لهذا الحزب او ذاك وطز بالوطن والمواطن. !

المؤتمر تمخض عن ثلاثين مليار دولار كمنح وقروض ميسرة واستثمارات، غير ذلك كانت الشركات المهمة لا تثق بوضع استثماراتها في العراق لاسباب عدة منها الوضع الامني والقوانين النافذة والروتين الاداري والنفوذ العشائري، كلها كانت تشكل عقبات بوجه دخول الشركات الرصينة للعراق، في الوقت الذي تمكن فيه المؤتمر من تبديد هذه المخاوف، اولا عبر توقيع الحكومة على حزمة اتفاقيات دولية تحمي اموال المستثمرين، ثانيا من خلال التزام الصندوق الكويتي للتنمية العربية بكفالة الاستثمارات في العراق، بمعنى ان العراق كان بحاجة لكفيل موثوق والكويت قدمت هذه الكفالة.

وبصرف النظر عن الاموال وحجمها، فإن العراق بحاجة ماسة للإعمار بخاصة في المدن الأكثر تضررا جراء الأعمال الحربية ضد عصابات داعش ولما يزل ملايين النازحين يعيشون في ظروف سيئة في الداخل والخارج يتطلعون للعودة الى منازلهم التي دمرتها الحرب. من هنا أقول كيف يسمح هذا وذاك لنفسه ان يطلق العنان لأفكاره المريضة ويدعي ان اموال مؤتمر الكويت تضيف أعباءً مالية جديدة للعراق.

اليس من الغباء والصلافة ان يتفرج السياسي المتنفذ والاقتصادي المتغنج على أطفال ونساء وشيوخ ومرضى ومعوقين يعيشون في خيام لا تحميهم من برد الشتاء وشمس الصيف فرحون بإطلاق التصريحات وإجراء المقابلات التلفازية والاذاعية يستغلون ملف النازحين للمتاجرة باصوات الناخبين !.

الكويت قررت بأميرها وحكومتها وشعبها طي صفحة الماضي البغيض والبدء بتطبيع العلاقات مع العراق الجار الابدي المرتبط بشعب الكويت بوشائج النسب والقرابة والدم والعروبة، لمسنا ذلك لمس اليد وسمعناه من شيوخ وسياسيين واعلاميين ورجال اعمال وموظفين كبار وصغار وسيدات اعمال ومنظمات مجتمع مدني، واثناء لقائي بالشيخ فيصل الحمود الصباح محافظ الفروانية إستمعت منه الى كلام لم اتوقع سماعه فيه فيض من الحب للعراق وشعبه ورجاء بإن يعم الخير والاعمار والاستقرار في ربوعه، قال بالحرف الواحد إن الكويت اميرا وحكومة وشعبا تعمل على وفق هدف محدد وواضح هو إن أمن الكويت واستقرارها من أمن وإستقرار العراق، عبارة بليغة لاتحتاج الى عناء لفهمها تحدد مسار العلاقات بين البلدين في المرحلة المقبلة.

فبدلا من إطلاقات بالونات إنتخابية فارغة المحتوى زاهية الالوان دعونا نعمل من أجل الوطن والمواطن واللحاق بركب التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية ونعيد للعراق هيبته ومكانته التي ضاعت بسببكم.