18 ديسمبر، 2024 5:00 م

مؤتمر القاهرة للسلام: خطأ في الاوقات الخاطئة

مؤتمر القاهرة للسلام: خطأ في الاوقات الخاطئة

عُقِدَ مؤتمر القاهرة للسلام، في القاهرة في 21ت1، أكتوبر، وغزة وناسها من اطفال ونساء وشيوخ وحتى رضع على اثداء امهاتهم؛ يتعرضون لقصف همجي لم سبق له مثيلا ابدا في التاريخ، اذا ما اخذنا بالاعتبار مساحة الارض في غزة وكثافة سكانها، فان هذا القصف يعتبر اعنف عملية قصف في التاريخ القريب والبعيد والبعيد جدا. رؤساء الوفود الاوربية المشاركون في المؤتمر؛ قالوا في كلماتهم؛ ان اسرائيل تدافع عن نفسها في مغالطة الواقع مغالطة قصدية لتبرير بربرية اسرائيل ووحشيتها. يتساءل المرء اي عقول ونفوس تتحمل مناظر هذه المأساة الكارثية، وما اقصده هنا هو عقول ونفوس قادة دول الغرب وامريكا، وكتاب الغرب وايضا امريكا، وصانعوا استراتيجيتهما من عقول تبرمج هذه الاستراتيجيات حتى يتم تحويلها لاحقا او مستقبلا الى واقع على حساب مصالح ودماء وثروات وارض الشعوب في الجغرافية الكونية، وفي اولها الشعوب العربية واوطانهم وفي اول هذه الشعوب والاوطان العربية؛ الشعب الفلسطيني. ان قبول الغرب وامريكا بهذه المأساة الكارثية، بل تقديم والدعم والاسناد سواء بالمال والسلاح، بل الأكثر استهتارا بدماء الابرياء، المشاركة بهذه الجريمة الصهيونية، وتوفير الغطاء الدولي، اي الحماية من المسائلة الدولية عن هذه الجرائم بحق الانسان والضرع والزرع، وبكل ما له صلة بحياة الناس في غزة. امريكا جيشت قواتها في المنطقة، صواريخ ثاد وباتريوت، وحاملات الطائرات، ونشر قوات اضافية لها في المنطقة؛ لدعم جريمة اسرائيل، وارعاب المقاومة العربية وجوارها، بتهديدات واضحة؛ بتدخل امريكي عسكري ان هي( المقاومة) قامت بأسناد اختها المقاومة الفلسطينية. ان امريكا بهذا، قد كشفت عن وجهها الوحشي والحقيقي، وان هناك ما وراء جدار التعمية على الحقيقة ما وراءه. ان صمت العالم عن هذه الجرائم؛ سوف يشكل ولو بعد زمنا ما، كما يشكل الآن؛ جروحا غائرة في جسد الانسانية، لا يمكن ان يتم تغطيتها بقماش التبريرات المهلهل والممزق بسكاكين هذا الواقع المر، مرارة لا يمكن او ليس بمستطاع اي انسان يحمل اقل قدر من الانسانية، تذوقها ولو بطرف اللسان. ان ما يجري في غزة من حصاد للأرواح البريئة؛ من غير الممكن ان يكون قد حدث من فراغ او بلا اسباب وخطط، ربما كان قد تم وضعها سلفا، وجاءت الفرصة؛ ليتم تحوليها الى عمل وتطبيقات. وحتى هذه الفرصة ما كان لها ان تكون لولا الضغط الوحشي والهمجي على الفلسطينيين وعلى كل مقدساتهم وعلى منازلهم التي تهدها او تهدمها الة الحرب الاسرائيلية على رؤوس ساكنيها، ولزمن ليس بالقليل بل انه زمنا طويل وطويل جدا؛ من الاضطهاد والقتل والسجن والتشريد. ان ما قامت به المقاومة الفلسطينية ليس فعل خارج حركة الواقع المؤلم والموجع والفاجع، بل هو رد فعل لفعل صهيوني اجرامي بحق الفلسطينيين وارضهم ومقدساتهم. يتحدث المسؤولون الامريكيون والآن يتحدث ايضا وبذات النغمة، المسؤولون الاوربيون، ويصفون في حديثهم هذا؛ ان المقاومة الفلسطينية في حماس وحتى في الضفة الغربية؛ من انها منظمة ارهابية ينبغي او من واجب العالم الحر، وهم يقصدون عالمهم ومن هم سائرون في ركب سياستهم؛ اجتثاثها اجتثاثا تاما والقضاء عليها قضاءا تاما. من وجهة النظر الشخصية المتواضعة؛ ان هناك مخطط ليس اسرائيليا فقط، بل هو مخطط امريكي اسرائيلي؛ لتصفية المقاومة الفلسطينية، والبقاء على السلطة الفلسطينية في رام الله الى حين. اكبر دليل على هذا؛ هو ظهور عملية التهجير المخطط له، وظهور الوطن البديل في هذا الوقت؛ بالتداول الاعلامي وبالتصريحات. انها عملية تم رسمها وتحديد حدودها ومسارات تحركاتها، قبل هذا الوقت بكثير وكثيرا جدا. الحديث عن الوطن البديل كان قد جرى الحديث عنه قبل ما يقارب العقدين من الآن. في السياق، يبدوا؛ ان العقل الامريكي والاسرائيلي والاوروبي؛ قد غاب عنه، او هم من غيبوا حقائق التاريخ عن عقولهم، تفكيرا وانتاجا للدراسات الاستراتيجية؛ ان هناك شعب يعيش على ارضه، وقاتل اسرائيل على مدار ثلاثة ارباع القرن، ولم ينحن او ام تحنيه الملمات والجرائم الصهيونية بل زاد اصرارا ونضالا من اجل الحياة. المقاومة الفلسطينية منذ قيامها قبل اكثر من قرن، اي قبل حتى وجود اسرائيل ككيان مصطنع ودخيل، على الارض الفلسطينية؛ فقد قاوم الفلسطينيون خطط الاستعمار البريطاني في تهيئة الظروف والبيئة السياسية؛ لإقامة هذا الكيان الصهيوني المصطنع. المقاومة الفلسطينية تواصلت واستمرت على الرغم مما تعرضت له من تصفيات وصلت الى حد التصفيات الجسدية والسياسية والمعنوية، منذ بادية السبعينات والثمانينات، والى الآن. لكنها في كل مرة او في كل مؤامرة دموية؛ تخرج من بين ركام الدماء اكثر صلابة واقوى شكيمة، واعمق وعيا بأهداف المقاومة من اجل الارض، والانسان والحرية والكرامة.. فليس اليوم وليس الآن تحديدا؛ اقل؛ اشراقا وتوهجا وتألقا، وليس اقل وعيا، بل اعمق الآن وعيا؛ بمهام المقاومة؛ من الأمس والماضي البعيد والقريب.. ان عقد مؤتمر القاهرة للسلام؛ كان خطأ في الاوقات الخاطئة؛ فقد شكل عقده؛ غطاءا للجريمة الوحشية الاسرائيلية، وتبيض لوجه اسرائيل القبيح؛ بما جاء في كلمات رؤساء وفود الدول الاوربية، الذين دافعوا عن هذه الجريمة واعتبروها مشروعة، أذ، من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها، كما قالوا في خطبهم. مما شجع الخارجية الاسرائيلية في بيان مقتضب لها على منصة اكس؛ ان تطالب المؤتمرون بأن يعلنوا بوضوح ادانتهم لحركة حماس الارهابية، وان اسرائيل تحارب الارهاب. في ذات الايضاح او البيان، نقرأ التالي؛ نستغرب من ان المؤتمر او اعضاء في المؤتمر؛ يخجلوا من الاعلان رسميا بإدانة الارهاب ( المقصود المقاومة الفلسطينية). ان هذا البيان للخارجية الاسرائيلية يشكل لذاته؛ مثلبة كبيرة على عقد هذا المؤتمر وفي هذه الظروف التي يتعرض فيها الشعب الفلسطيني لأبشع جريمة ابادة.
مزهر جبر الساعدي