23 ديسمبر، 2024 3:51 م

مؤتمر الإرهاب والتانغو الأخير .. في بغداد 

مؤتمر الإرهاب والتانغو الأخير .. في بغداد 

يتذكر جيل السبعينات فيلم “التانغو الأخير في باريس” والذي قام ببطولته مارلون براندو حينما يستمع الجيل  الجديد  الى خطب  واحاديث  المشاركين في اعمال مؤتمر بغداد الدولي لمكافحة الإرهاب ، الرابط بين الأمرين ، ان ذلك الفلم يؤرخ في  دراما فلسفية  تجسد علاقة السلطة بالشعب من خلال شخصين بوهميين (الشخص متحلل من قيم المجتمع) ، قررا ان يكونا مجهولان الهوية والاسم في الشقة المهجورة التي اتخذاها مركزا لهما لأشباع رغبتهما ، ويسلط المخرج الضوء على مفهوم الرجل الذي يمثل السلطة والتحكم، والمرأة التي تمثل ترابط وتضحية وخضوع.
  ومقارنة هذه الفكرة مع نتائج مؤتمر بغداد  الدولي  لمكافحة الإرهاب  يمكن ان تنتهي الى حقائق بان  موضوعة الإرهاب  لابد  وان  تبدأ  عند حقائق  الفكر الشمولي الراعي لها ،  وأيضا عند الأسباب التي  تجعل الكثير  من الدول  تدلو  باحاديث  براقة عن  مكافحته فيما تدعمه مخابراتها عمليا ، والحماقة هنا ان يستخدم مثل هذا المؤتمر وبالصيغة التي  نظم به  لأغراض  انتخابية ، والرد على مثل هذا ” الافتراء” ممكنا عند بعض النواب من ممثلي الشعب المغلوب على امره ،كون الرغبة بالسلطة لا تنقطع حدودها عن العنف المصاحب لها  للامساك بالصولجان  وان كان يتقافز على جثث متناثرة لأطفالنا  بسبب  الانفجارات الإرهابية ، وتعليق ى تقصير  اولي الامر  والنهي على شماعة  المؤامرات الخارجية ،  وعلى الرغم من التأكيد على ان الإرهاب لا دين له ، فيما رايات الإرهابيين تحمل  شعارات  واضحة ، ما بين  نموذج  تنظيم القاعدة  وتفرعاته ، ونموذج” المليشيات” وفقا للمصطلح الأميركي ، بما يجدد التأكيد على الاختلاف في  التمييز بينه  وبين” المقاومة الشريفة  ” والسؤال  لماذا  هذه الرقصة الأخيرة في بغداد  ؟؟
  الإجابة الواضحة ان هناك ميولا لاستخدام هذه الحلبة ” الساحة العراقية ” للمضي قدما في تنفيذ اجندة دولية تسعى لحصر الإرهاب وافعاله في حدود منطقة الفوضى الخلاقة للشرق الأوسط الجديد، وخروجه عن حدودها الجغرافية تهديدا لأمنها القومي، فالإرهاب اليوم عابر للحدود والمطلوب ان تضبط شدة فعالياته في ساحات بعينها وان لا يتجاوزها.
 وفي ذات الوقت تبقى مصادر التمويل والتدريب والتسليح والدعم الإعلامي واللوجستي قائمة في ذلك الصراع الخفي بين مخابرات الدول التي حولت الساحة العراقية الى ساحة تصفية حساباتها، لان أبواب البلد ونوافذه مفتوحة على مصراعيها لتلك النشاطات عبر أنواع من بوابات النفوذ الاقتصادي والسياسي وحتى العسكري، فهل انتهى مؤتمر بغداد الى اغلاق هذه البوابات ام عد الامر مصالح وطنية عليا ؟؟
مشكلة حكام العراق الجديد تتبلور في ذلك التنازع على السلطة ، ومشكلة الناخب العراقي انه  تحول من مواطن عراقي  الى مواطن مذهبي  او مناطقي او عشائري  فترك  انتماؤه الى العراق كله ليتمسك بطائفته او عشيرته او قوميته  لعل  وعسى تكون عراقيته  في الطور الثاني من اهتماماته  او لا يفكر به  الا في الشعارات التي ترفع في  أوقات الانتخابات لذلك ترك  نوافذ بلده وبواباته  لمثل أولئك البوهيميين الذي يرقصون  في ساحات وطنه رقصة الموت المجاني بموافقة  اهل العقد  والربط  ما دام الامر ينتهي الى توافقات إقليمية  ودولية على تسمية المرشح  لرئاسة الوزراء ، لكن حينما يجعل المواطن  وطنه  كله  في أولويات اهتماماته ويحتفظ بميوله  الطائفي والقومي كاهتمام ثانوي عندها فقط يحاسب اهل العقد والربط من خلال صناديق الاقتراع لانهم لم يظهروا من فراغ بل صنعتهم تلك الاصبع البنفسجية .. ولا يغير الله في قوم حتى يغيروا ما في أنفسهم انه ولي قدير   !!
[email protected]