23 ديسمبر، 2024 9:23 ص

مؤتمر اعادة إعمار سوريا الكذبة الاوروبية الكبرى

مؤتمر اعادة إعمار سوريا الكذبة الاوروبية الكبرى

لعله هناك كثر من سبب و برهان من شأنه أن يدفع للاعتقاد لدى كل المحللين و المتابعين للشأن السورى منذ بداية تنفيذ المؤامرة الصهيونية الخليجية التركية على سوريا بأن مؤتمر إعادة إعمار هذا البلد المنكوب المنعقد في بروكسيل سيكون عنوانا جديدا للفشل والمواعيد المتكررة مع الحسابات الغربية المفلسة…المؤتمر الذي يتطلع حسب كل الحاضرين و ما يدور فى الكواليس الى جمع ستة مليارات دولار لفائدة اللاجئين السوريين لا يبدو أنه يستجيب لشروط ومقومات النجاح التي يمكن أن تجعله نقطة تحول مهمة أو منعرجا حاسما في الملف السوري.ليس سرا بالنسبة للملاحظين أن الدور الاوروبي القذر في الازمة السورية التي دخلت عامها الثامن يظل كالعادة و المعتاد دورا ثانويا و سطحيا وهو دور لا يمكن بأي حال من الاحوال مقارنته بالدور الروسي او الامريكي و هذا ليس بالأمر الجديد بالنسبة للاتحاد الاوروبي الحاضر الغائب في المشهد السوري ولكن في أكثر من أزمة عالقة في الشرق الاوسط. أهمها على الاطلاق القضية الفلسطينية و موضوع الاعتداءات الصهيونية المتكررة على الشعب الفلسطينى وربما هذا ما يبرر توجه الدور الاوروبي من باب ذر الرماد على العيون الى مسألة بحث اعادة اعمار سوريا التي ستظل أمرا معلقا غارقا في دائرة الافتراضات طالما استمر الصراع المسلح قائما مع وجود دور سلبى معين لفرنسا و بريطانيا و المانيا فى هذا الصراع يعيق عملية التفاوض لإيجاد الحل السياسى للازمة السورية .

لم يغفل المتابعون للشأن السورى أنه قبل عام تقريبا قامت نفس هذه الدول بعقد مؤتمرها الثاني بعد مؤتمر لندن تحت نفس العنوان البراق و المخادع و هو إعادة اعمار سوريا وكان ذلك في العاصمة البلجيكية أيضا إلا أن ما يلاحظ و ما يظهر للعيان أنه بين مؤتمر 2017 ومؤتمر 2018 بقى سقف الطموحات الاوروبية والأرقام المادية المعلنة عاليا فى حين ظلت النتائج الملموسة للشعب السورى و بالذات اللاجئين الموزعين على عديد الدول الغربية و العربية فى حكم المعدومة و يؤكد الملاحظون أنه في نهاية هذه الاجتماعات فإنه من غير المأمول أن يخرج أصحاب هذه المبادرة بما يمكن أن يعيد الامل و الطمأنينة في نفوس اللاجئين السوريين الذين تسببت الاطماع الاستعمارية و التوسعية لهذه الدول نفسها فى بؤسهم و شقاءهم اضافة الى أنه جرت العادة أن مثل هذه الاجتماعات لا يمكن أن تقدم أو تؤخر فى ما حصل من نتائج تنفيذ المؤامرة على الشام طيلة ما لا يقل عن 8 سنوات تقريبا .

ان الاطراف المتشائمة لا تنطلق من فراغ لان استمرار الحرب من نفس الاطراف المشاركة فى تنفيذ المؤامرة على سوريا يؤكد ان عقد مثل هذه المؤتمرات للدول المانحة هو محاولة فاشلة للتغطية على حقيقة دورها القذر فى تدمير البنية التحتية السورية و التسبب فى تهجير الالاف من العائلات الى دول عديدة و فى ظروف قاسية مع ما تؤكده وسائل الاعلام من تعرض هؤلاء المهجرين الى انتهاكات جسدية و اعتداءات جنسية و عمليات نجارة بيع الاعضاء و استغلال النساء فى شبكات الدعارة يضاف الى ما يترتب عن فظاعة الحرب من ارتدادات و ارهاصات نفسية فى أذهان الأطفال الصغار ، أيضا هناك من يؤكد أن عملية تعمير سوريا و عقد مؤتمرات متتالية لهذا الغرض لن تنجح فى غياب الدولة السورية ممثلة فى سلطتها الشرعية الطرف الوحيد القادر على تحديد حاجيات الشعب السورى على كافة الاصعدة و الطرف الوحيد الذى من حقه الحضور لمسائلة هذه الدول المتآمرة عن كل جرائمها المرتكبة فى سوريا و التى ترقى الى مرتبة الجرائم ضد الإنسانية ، لكن المهم في كل هذا هناك سؤال كبير يحتاج الى جواب و هو لماذا تصر هذه الدول المانحة كما تقول على مواصلة مساندة مشروع اسقاط النظام السورى و اعطاء الذريعة للجماعات الارهابية لمواصلة انتهاكاتها المرعبة .

بطبيعة الحال ما حصل فى سوريا يفوق الخيال و لا شك أنه مع بداية نهاية الحرب الدموية فى هذا البلد بدأ العالم يستفيق على حجم الكارثة و كمية الدمار التى حلت بالشعب السورى على كل المستويات هذا الامر يجعل النظام السورى فى حاجة الى العون الدولى فى كثير من المجالات و لعل الدول الاوروبية التى بدأ بعض المسئولين فيها زيارة الشام منذ فترة لاستعادة الدور الاوروبى المفقود و البحث عن الطرق الملائمة لعودة الدفء للعلاقات بينها و بين النظام السورى الذى طالما عملت على اسقاطه بكل الطرق تدرك هذا الامر و تضعه فى حساباتها على المدى العاجل . فى هذا الاطار هناك عدة قراءات و تحاليل لكبار الساسة فى سوريا تؤكد أن ” الكعكة ” السورية لن تنالها إلا الأطراف التي ساندت الموقف و النظام السورى فى محنته و محاولة تدميره التى خططت لها بعض الدول الاوروبية نفسها اضافة طبعا الى الولايات المتحدة الامريكية و الاردن و تركيا و دول الخليج و من هذا المنطلق فمن المؤكد أن الدول الاوروبية تريد من هذا الاجتماع فى بروكسيل ارسال اشارات ايجابية من بعيد للنظام السورى ليأخذها بعين الاعتبار عند ترتيبه للدول التى سيتم التعامل معها لإعادة الاعمار و ارجاع الحياة الى كل مفاصل الدولة السورية و على كل المستويات .لعل في تصريحات المفوضة العليا لشؤون اللاجئين فيردك موغيريني بشأن الملف السوري بأن سوريا ليست لعبة سياسية ما يدعو الى التفاؤل بالنسبة لكثير من الملاحظين و لكن هناك من يقول أن هذا التصريح يمثل قمة الاستهتار بما يحصل فى الواقع لان ما حدث فى سوريا يؤكد أن بعض الدول قد جعلت من هذا البلد لعبة سياسية بامتياز من اجل مصالح دولية باتت معلومة أهمها ابعاد سوريا من خارطة الدول المعادية للكيان الصهيونى .

فى كثير من تصريحاته الاخيرة يؤكد الرئيس السورى ان مهمة انقاذ سوريا من كل ما حصل مهمة الشعب و القيادة و الجيش السورى و فى كل هذه التصريحات هناك تأكيد على أن لحلفاء سوريا الدور المهم فى اعادة الاعمار و من هنا يؤكد العارفون بالنظام السورى أنه لن يقبل بعودة بعض الدول إلى سوريا إلا بشروط قاسية من بينها دفع تعويضات عن كل ما حصل من دمار بسبب تدخلها الفاجر لتدمير و اسقاط النظام و لعل هذا الامر قد بلغ الى القيادات الاوروبية عن طريق كل المبعوثين الذين التقى بهم الرئيس السوري منذ فترة ، هناك إصرار سوري هذه المرة على اعادة درس كل الملفات بعناية خاصة بما يكفل محاسبة كل الذين اخطئوا فى حق الشعب السورى و من بينهم بالطبع بعض الدول الاوروبية مثل فرنسا أو بريطانيا أو ألمانيا ، هذا الموقف الجديد للنظام السورى يتبلور شيئا فشيئا و ببطيء واضح بسبب تداعيات الوجود التركي في مدينة عفرين السورية و ما يتحدث عنه البعض من تعزيز الوجود الامريكى فى بعض المناطق الحدودية السورية اضافة الى ما خلفه العدوان الثلاثى الاخير على سوريا من تداعيات زادت فى قناعة الرئيس السورى بأن محاسبة بعض هذه الانظمة هو فرض عين و لم يعد فرض كفاية.